الصورة بوصفها مفهوماً، هذا ما تقدمهُ الفنانة وحيدة مال الله، التي افتتحت معرضها الأخير صوت صغير في ذاكرة المكان - عمارة بن مطر، التابعة لمركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث، مساء الأحد (28 فبراير)، ضمن فعاليات مهرجان ربيع الثقافة، إذ يستمر المعرض حتى السابع من أبريل المقبل. في معرضها هذا، لا تبدو الصورة الفوتوغرافية كما هي عادة؛ توثيق لحدث، أو إيقاف الزمن عند لحظةٍ ما، بل هي افتعال لموضوع، وخلق إبداعي، تمارس وحيدة اشتغالها عليه، على مدى أيام من الابتكار والتخطيط المدفوع بفكرة، لتصنع من خلال ذلك رسالتها التي تؤدي غرضها على أتم وجه، فالصورة كما هي عند وحيدة، مسألة إعداد وتجهيز وابتكار وإبداع، وهي بمثابة الصرخة في بعض الأحيان؛ صرخةً معدة لتقع في مكانها الصحيح! تسردُ وحيدة في صوت صغير قصة علاقتها بالتصوير الفوتوغرافي، عبر عرض أعمال للمراحل التي مرت بها، منذُ بدأت اشتغالها في هذا المجال، عام (2005)، إذ تقول: ابتدأت التصوير الفوتوغرافي قبل عقد من الزمن، حيثُ انتقلت كلياً من ممارسة الفنون المفاهيمية والأخرى التشكيلية، إلى فضاء الصورة بشكليها الفوتوغرافي والفيديو، وأصبحتُ منذُ ذاك مهووسة بهذه الوسيلة الفنية التي أضحت المفضلة لدي الآن. وتتابع مبينةً قصة معرض صوت صغير الذي يعد عرضاً لسيرتي الفنية، على مدى هذا العقد، وما قدمتُ من أعمال فوتوغرافية، موظفة لتتناول قضية ما أو قصة ما، أو لتكون صرخةً تجاه موضوع معين، وقد استطاعت وحيدة عبر اشتغالها، أن تترك بصمتها على المشهد الفني البحريني، ولتكون واحدة من أبرز الفنانات على الساحة، في مجال الفنون المفاهيمية، والتركيبية، إلى جانب أفلامها وصورها التي نحنُ بصددها. تزخر أعمال وحيدة، في هذا المعرض، بالمواضيع المفتوحة للمتلقي، فالأطفال والنساء يحضرون بصورة طاغية، إذ تقول استمدُ الإلهام من النساء القويات، والأطفال، كما أستمدهُ من الموسيقى والأزياء الشعبية، وغير ذلك، وتبين فيما يتعلق بجزئية تناول المتلقي لهذه الأعمال بالتأكيد أن الأعمال تخرجُ من ملكيتي عندما تعرض على المتلقي، الذي يمتلك حرية تأويلها بمنظوره الخاص، فعندما يعرض العمل على الجمهور، يترك للجمهور حرية تأويله وتفسيره، وفق أطره المرجعية، ومخزونه الثقافي. وحول تركيز اشتغالها على الطفولة، تبين الطفولة ذلك الفضول اللا محدود، موضوع تساؤل ومحط ابتكار، لهذا اجدني مجبرة للخضوع لهذا الفضول الذي يشعلُ فيّ الإبداع، فأروح باتجاه توظيفه في الصورة، لخلق موضوعاتها وحيويتها، وقصتها، وتتابع موضحة أتأثر بكل ما هو حقيقي وصادق، والطفولة، إلى جانب المرأة، يندرجان ضمن هذا المفهوم، لهذا تجدني أحياناً لا أنتظر الإلهام، بل أنغمس بمشاريع جديدة، لأبتكر من خلالها مشاريع أخرى، كما أنني أحرص على الاستمرارية، للحفاظ على نشاطي الإبداعي، فأنا أهوى الفن التصويري، ومتعلقة بكل ما يرتبط بالفن.
مشاركة :