حالة ميؤوس منها

  • 3/5/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

هل أصبحت المصالحة الفلسطينية مرضاً مستعصياً لا شفاء منه، وهل أصبح الانقسام واقعاً لا مفر منه يستطيع أن يتغلب على المصلحة العليا للشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، في ظل المخاطر الجدية التي تتهدد هذه القضية ومصيرها ومستقبلها؟ محاولات كثيرة فاشلة جرت في السابق لحل هذه المعضلة التي تحولت إلى كابوس يؤرق الشعب الفلسطيني، وأحاديث كثيرة نسمعها عن لقاءات جرت في الآونة الأخيرة، وستجري لاحقاً، لإنهاء وباء الانقسام من دون بارقة أمل واحدة تلوح في الأفق، لانتشال الشعب الفلسطيني من حالة الإحباط والعجز، كأن القضية أصبحت ميؤوساً منها، على الرغم الهبّة الشعبية القائمة والمستمرة منذ أكثر من خمسة أشهر، والجرأة والشجاعة الاستثنائية التي يبديها الفلسطينيون في مواجهة الاحتلال وآلته القمعية، واستعدادهم لتقديم الشهيد تلو الشهيد سعياً للخلاص من هذا الاحتلال وانتزاع حقهم المشروع في الحرية والاستقلال. لعلها المفارقة التي تدفعنا إلى التمييز بين المسؤولية الوطنية والمصلحة الذاتية والأنانية الفصائلية التي تتحكم في إدارة هذا الملف، وربما تدفعنا إلى التمييز بين من لا يزال يراهن على التسوية وإعادة إحياء المفاوضات مع الاحتلال، وبين من يراهن على إعادة الاعتبار للمشروع الوطني التحرري والمقاومة المشروعة سبيلاً وحيداً للخلاص من هذا الاحتلال. قد يبدو الأمر سباقاً بين منهجين ومشروعين متناقضين، وهو كذلك في واقع الحال، لكن ما يزيد الأمور تعقيداً أن يتحول الانقسام الفلسطيني إلى قيد يعوق النضال ضد الاحتلال، ويلحق أفدح الأضرار بالقضية الوطنية. لم يعد سراً أن هناك عوامل داخلية وخارجية لا تزال تحول دون إنجاز المصالحة الوطنية، وأن الاحتلال هو المستفيد الأكبر من ذلك، لا بل إن الاحتلال يدفع باتجاه المزيد من التفتيت والشرذمة، ويسعى لتكريس فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة، سواء عبر الإجراءات التي يقوم بها على الأرض، أو عبر إلهاء الفلسطينيين بأحاديث عن تقديم تسهيلات خبيثة، بعضها يتعلق بإقامة مطار وميناء في غزة، لن يكونا بأي حال تحت السيطرة الفلسطينية، وذلك استجابة للمطلب التركي برفع الحصار عن القطاع لإعادة تطبيع كامل العلاقات بين أنقرة وتل أبيب، فالاحتلال لن يقدم شيئاً من هذا القبيل، وكل ما يهمه هو منع انفجار الأوضاع في قطاع غزة بعد أن حول الوضع الحياتي والمعيشي للفلسطينيين إلى جحيم غير قابل للاحتمال. والمؤلم هنا أن يتحول هذا الأمر إلى خلاف إضافي بين الفلسطينيين أنفسهم، فهناك من يرى أن إقامة ميناء في غزة يلحق الضرر بالموانئ القبرصية، ويا لها من مصلحة وطنية فلسطينية. فحتى لو جاء هذا الكلام في إطار المناكفات، فإنه يجسد الحالة المرضية التي وصلت إليها الساحة الفلسطينية. وفي النهاية، لا مفر من القول إن هناك في داخل السلطة وحركة فتح من يعمل على عرقلة المصالحة الوطنية، وهناك في الطرف الآخر، في حركة حماس من يعمل للغاية نفسها، ويدفع باتجاه شق طريق مفاوضات منفرد مع الاحتلال، لتحقيق مكاسب ذاتية وأنانية على حساب المشروع الوطني، وتلك هي المعضلة الحقيقية. younis898@yahoo.com

مشاركة :