مع تزايد حملات الكراهية ضد الإسلام والمسلمين، وتتجسد في حرق نسخ من القرآن الكريم في بلدان عديدة، بدعاوى محاربة الإرهاب الإسلامي، أو حرية التعبير!!، نرى ونقرأ ونسمع نحن، ولا يسمع غيرنا ما يقوله دائماً أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، خلال زياراته المتكررة لبلدان إسلامية، أو غالبيتها من المسلمين، مثل مالي والنيجر والسنغال والصومال وأفغانستان، وغيرهم، وسنجد ملاحظة أن معظم البلدان من الدول الفقيرة، وهذا ليس سُبّة بل مصدر فخر وسنعرف لماذا في السطور القادمة. المحور الأول: المملكة والمسؤولية العالمية ومع تزايد نبرة الكراهية عالمياً، تأتي التحركات السعودية المسؤولة التي تعكس قيمتها ومكانتها العالمي، من خلال مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتصريحات أمين عام المركز فيصل بن عبدالرحمن بن معمر، في العديد من المحافل الدولية، والإشارة للجهود التي قامت بها المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، لتأسيس تحالفات عالمية لمكافحة التطرف والإرهاب، ثم التوجيهات السامية بتأسيس المركز العالمي لمكافحة التطرف ومركز الحرب الفكرية ودعم برامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، ومؤكداً على أن جميع تعاليم الأديان مبنية على الرحمة والتسامح واحترام الآخر، حيث تهدف إلى ذلك رسائل الأديان لتعزيز السلام والتعايش للجميع. وإذا كنا نسائل أنفسنا لماذا الأمين العام للأمم المتحدة يتحدث بإيجابية عن الإسلام؟ سنرى الإجابة في كلمات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله – عند تدشينه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية: "انطلاقاً من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف التي توجب إغاثة الملهوف ومساعدة المحتاج، والمحافظة على حياة الإنسان وكرامته وصحته وامتداداً للدور الإنساني للمملكة العربية السعودية ورسالتها العالمية في هذا المجال. فإننا نعلن تأسيس ووضع حجر الأساس لهذا المركز الذي سيكون مخصصاً للإغاثة والأعمال الإنسانية، ومركزاً دولياً رائداً لإغاثة المجتمعات التي تُعاني من الكوارث بهدف مساعدتها ورفع معاناتها لتعيش حياة كريمة". وسنلقي الضوء فقط على عمل واحد قام به المركز، مجسداً أسمى معاني القيم الإنسانية، عندما تمكَّن خلال شهر يوليو 2023م- وفي فترة أسبوع واحد - من انتزاع 856 لغمًا في مختلف مناطق اليمن، منها 71 لغماً مضادا للدبابات، ولغم واحد مضاد للأفراد و780 ذخيرة غير منفجرة، و4 عبوات ناسفة. المحور الثاني: كيف يري العالم المتحضر الإسلام؟ يحرص أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش منذ سنوات على القيام بزيارة بلدان مسلمة، منذ كان غوتيريش مفوضاً سامياً لشؤون اللاجئين، واستمر على هذا النهج حتى يومنا هذا فقام بزيارات إلى أفغانستان ومالي والسنغال والنيجر ونيجيريا والصومال آخرها، وعندما سُئل عن أسباب هذه الزيارات للبلدان المسلمة الفقيرة نسبياً؟، أجاب: "غالبية اللاجئين كانوا مسلمين، وغالبية المجتمعات التي تستضيف اللاجئين بسخاء هائل وتضامن، كانت من المسلمين"، مؤكداً على أن الدول الفقيرة التي تستضيف اللاجئين تقدم كل العون للإنسان على أراضيها بسخاء، مشيراً إلى أنهم أكدوا له، أن ما تراه هي خلق الإسلام. المحور الثالث: القرآن والسنة يسبقان المواثيق الدولة .. بشهادة الغرباء وأشاد أنطونيو غوتيريش بالقرآن الكريم، وسر إشادته يكمن فيما وجده فيه من قيم وحقوق للإنسان بشكل عام، غير موجودة في أي مواثيق أو اتفاقيات دولية، مؤكداً على أنه لا يوجد في معاهدة عام 1951 حول حماية اللاجئين مثل الموجود بالفعل في القرآن الكريم وفي تعاليم الرسول عليه الصلاة والسلام. واستعرض غوتيريش – حسب تعبيره – بعضاُ من تقاليد العرب الرائعة في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام وبعده، مبيناً أن من تقاليد العرب وأخلاقهم في كل العصور حماية الأشخاص المحتاجين للحماية الفارين من الصراعات أو الاضطهاد، ومازال الكلام للأمين العام للأمم المتحدة: "لذا شعرت بأنه من المنطقي أن أعرب عن تضامني مع اللاجئين المسلمين خلال شهر رمضان المبارك. كل عام كنت أتوجه إلى دولة بها مخيمات أو تجمعات للاجئين لقضاء بعض الوقت معهم، حيث أصوم وأعرب عن تقديري لتقاليدهم وقيمهم الدينية، وأبدي نفس التضامن أيضاً مع المجتمعات المضيفة". المحور الرابع: الوجه الحقيقي للإسلام ويقول الأمين العام أنطونيو غوتيريش: "لقد رأيت الوجه الحقيقي للإسلام المتمثل في السلام والتضامن والسخاء الذي شهدته من المجتمعات المستضيفة للاجئين وأيضا صمود وشجاعة اللاجئين أنفسهم وهو أمر ملهم للغاية". هذا في الوقت الذي تتزايد فيه نبرات الكراهية والعداء، وفي الوقت ذاته أيضاً ينادي الأمين العام أنطونيو غوتيريش بضرورة تحقيق السلام في العالم والتضامن ومحاربة انعدام المساواة وخلق الفرص، لتناغم المجتمعات واحترام الأقليات، واحترام المهاجرين واللاجئين، "وأن يتفهم الناس أننا جميعاً معا في نفس العالم بشكل منفصل عن معتقداتنا الدينية".. مضيفاُ ومختتماً، الإجابة على ما طرحناه من تساؤل: لماذا كان الفقر مصدر فخر؟ والإجابة لأنطونيو غوتيريش، حيث يؤكد أن الفقر لم يمنع تلك الدول من تقديم أقصى ما تستطيع لضمان حياة الإنسان على أراضيها من مواطنيها واللاجئين والمهاجرين، مختتماً حديثه بدعوته للاتحاد من أجل السلام: " لأن السلام هو أغلى شيء ولكنه غائب في كثير من مناطق كوكبنا. هذا هو الوقت الذي يجب أن نجتمع فيه معا.. الوقت الذي يجب أن يضم جميع من يؤمنون بالله- بأشكال وتعابير مختلفة- أصواتهم معا في صلاة مشتركة من أجل السلام".
مشاركة :