الوجه الحقيقي للإرهابي صلاح عبد السلام

  • 2/16/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يقبع صلاح عبد السلام، الناجي الوحيد من عملية المداهمة المرتبطة بأحداث باريس 13 نوفمبر 2015، في السجن منذ أشهر. يجلس السجين وحده في الطابق الرابع لكن يمكن التدقيق بما يقرأه أو يأكله بكل وضوح عبر ست كاميرات مزروعة في زنزانته. لكنه لا يصدر أي صوت! يقرأ عبد السلام القرآن ويرتّب زنزانته بطريقة هوسية ويصرّ على التزام الصمت أمام القاضي. لكنه لم يتردد في التواصل مع صحافية فرنسية تدعى ألين س.، فقال لها في البداية: «أسألكِ عن نواياك كي أتأكد من أنك لا تعتبرينني نجماً أو قدوة لأن الله وحده يستحق العبادة»! يحرص عبد السلام على توزيع النصائح الدينية. تقرير«باري ماتش» حول الإرهابي الخطير هذا. ما كان أحد ليتوقع ذلك التحوّل الجذري في شخصية هذا الشاب الذي كان منحرفاً فظاً، وقد حوكم للمرة الأولى في عمر الواحد والعشرين علماً بأنه كان برفقة عبدالحميد عبود، المُنَسِّق المستقبلي لاعتداءات باريس وبروكسل. منذ عام 2014، فهمت الشرطة البلجيكية أن صلاح عبد السلام أصبح متطرفاً. وفق تقرير صادر عن الشرطة البلجيكية ومؤلف من 82 صفحة، شرح مخبر يمكن اعتباره «موثوقاً به» أن صلاح وابراهيم عبدالسلام كانا قد بدآ التحضير لعملٍ له تداعيات كارثية. ذكر أحد المحققين أن واحداً على الأقل من الأخوين عبد السلام أراد الذهاب إلى سورية لكنّ والدته أخفت جواز سفره. لم يكشف المحقق معلومة دقيقة في هذا المجال لأنه ليس متأكداً من هوية الشقيق المذكور. في يناير 2015، أي قبل عشرة أشهر من وقوع الهجوم، ابتاع ابراهيم تذكرة سفر للتوجه إلى تركيا. كشف أحد المخبرين أيضاً أن صلاحاً كان مستعداً للحاق به لكن عاد ابراهيم إلى بلجيكا حيث جرى توقيفه بتهمة تجارة المخدرات. صادرت الشرطة البلجيكية هاتفاً وأربعة حواسيب وثلاثة خطوط هاتفية كان قد نسيها في خزنة. خلال الشهر نفسه، خضع صلاح عبد السلام للاستجواب وسُئِل تحديداً عن علاقته بعبد الحميد عبود، فأجاب: «إنه شاب رائع. أعرفه منذ أكثر من عشر سنوات»! ثم استنتجت الشرطة أنها لا تملك أي دليل على تطرّف ذلك الشاب. مع ذلك طلب القاضي تسجيل اسم عبد السلام على لائحة «هيئة التنسيق لتحليل التهديد» ووضعه ضمن فئة المرشّحين للذهاب إلى سورية وبقي ملفّه سرياً. استهداف برج إيفل منذ ذلك الحين، قدّم تاجر محتال اسمه إيتيان ب. بعض التفاصيل عن صلاح عبد السلام في يونيو 2015، أي قبل خمسة أشهر من وقوع الهجوم. فتحدّث مثلاً عن تنظيم رحلات في الغابة للتدرّب على استعمال الكلاشنكوف ووصف شقة واقعة في منطقة «سان بول سورمير» حيث احتفظ عبود بالأسلحة، وقال إن أبا عمر [لقب عبود] أخبره بأنه ذهب إلى سورية ثم عاد في مارس 2015 إلى بلجيكا عن طريق كرواتيا. أراد الأخوان عبد السلام أن تُحدِث العمليات ضجة كبرى وذكرا خيارات عدة مثل استهداف حفلات الروك الموسيقية وبرج إيفل كونه رمز فرنسا. تكلّم صلاح أيضاً عن مواقع الدفاع لأنه أراد استهداف القوات الأميركية. سرعان ما كُشِف أمر صلاح عبد السلام لأن اسمه كان وارداً في أجهزة مكافحة الإرهاب وقد أصبح مطلوباً في 4 أغسطس 2015 في اليونان ثم في 9 سبتمبر في النمسا. لكن لم يتحرك أحد. في 13 نوفمبر شوهدت سيارته في المحطة الثانية من مطار «رواسي شارل ديغول» وكان يستقلّها الإرهابي ألبير كان. ثم عاد شقيقه وفجّر نفسه في أحد مقاهي جادة «فولتير» عند العاشرة إلا ربع من ذلك اليوم. في الساعة العاشرة والنصف، شغّل صلاح عبدالسلام هاتفاً خلوياً اشتراه للتو. ذكر الموظف لاحقاً أنه باع جهازاً واحداً في تلك الليلة. في لحظة تسجيل الهاتف، ادّعى عبدالسلام أن اسمه بيار لوتي وأنه وُلد في 1 يناير 1979. بالكاد خرج من المتجر حتى اتّصل برجل اسمه محمد العمري (27 عاماً). ثم أرسل عبدالسلام رسالة نصية إلى رقم هندي فيها سلسلة من الأرقام والأحرف التي تشكّل وفق التحقيقات أرقام تعريف عن خطَّين هاتفيَّين. شكّل ذلك الخط الهندي محور أبحاث وزارة الداخلية ووكالة «اليوروبول». ثم وجد رجال الشرطة على الحاسوب الذي صادروه بعد أربعة أشهر ملفاً بعنوان «13 نوفمبر» وفيه لائحة بالأهداف. ألهذا السبب استعدّ عبد السلام لارتكاب مجزرة في الساعة الحادية عشرة إلا عشر دقائق مساءً؟ ولماذا عاد الإرهابي وامتنع عن تفجير عبوته؟ قال نسيبه عابد أ. للشرطة إنه انسحب بعدما شعر بالندم وقد تورط في هذه العملية بسبب شقيقه ابراهيم بحسب قوله. إرهابي وسجين في يوم 13 نوفمبر نفسه، اتصل صلاح عبدالسلام ببعض معارفه طلباً للنجدة ووجد ملجأً له تحت سلالم مبنى في منطقة «شاتيون». أخيراً تواصل مع أحد أنسبائه المقيمين في باريس وطلب منه أن يأتي لاصطحابه لأن وضعه مريع، لكن رفض نسيبه المجيء وأخبره بوقوع الهجوم وحظر الناس من التنقل. ثم انضم إليه شريكان له وحاولا تهريبه. كان يرتجف ويبكي! في المرحلة اللاحقة، عَبَر الرجال ثلاثة حواجز وقطعوا الحدود بكل ثقة. في بروكسل، حاول عبد السلام أن يغيّر مظهره، فاشترى ملابس جديدة وحلق شعره وغيّر شكل حاجبيه. كانت صور الهجوم على باريس تتلاحق حينها على شاشات التلفزة. بدا صلاح شاحباً أثناء مشاهدة الأخبار لأن جميع السيارات والشقق المتورطة بالعملية كانت باسمه! في 15 مارس 2016، حين حددت الشرطة موقعه في الشارع الذي أقام فيه طوال شهرين، هرب عبر السطح بعدما سمع صوت طلقات نارية. وحين تخلّى عنه الأشخاص الذين كانوا يحمونه منذ 123 يوماً، لم يبقَ له إلا الاختباء في قبو تابع لمنزل إحدى عمّاته. بعد ثلاثة أيام، اقتحمت الشرطة المكان وألقت القبض عليه! بعدما ظهر عبدالسلام بدور المتغطرس والمنحرف والإرهابي والهارب، انتقل أخيراً إلى دور السجين الكتوم. عند وصوله إلى السجن، كان مهذباً لكنه لم يعد يتكلم اليوم. بعد مرور شهرين على وجوده في السجن، رفض المحامون متابعة الدفاع عنه بسبب صمته المطبق. لكن وفق أحد الشهود، يكتب له بعض الكاثوليك لطرح الأسئلة عليه بشأن إيمانه وتعبّر النساء عن حبهنّ له ويعرض محامون آخرون خدماتهم عليه باستمرار! سجن مؤبد طلب محمد عبدالسلام من شقيقه الأصغر أن يتكلم لأنه يريد أن يعرف حجم تورّطه. لكن لا يريد صلاح أن يقدّم أي تبريرات ولا أن يدافع عن نفسه. لكنه كتب للصحافية الفرنسية ألين س.: «أولاً لستُ خائفاً من التعبير عن مشاعري لأنني لا أخجل من نفسي. ثانياً، هل يمكن أن يُقال كلام أسوأ مما قيل في هذه القضية»؟ بعد سقوط 130 قتيلاً وإصابة 413 جريحاً في ذلك الهجوم، يجازف عبد السلام بملازمة السجن طوال حياته. لكنّ الندم ليس جزءاً من الألم!

مشاركة :