روائيات سعوديات يتحدثن عن علاقتهن بالرواية

  • 3/5/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

* لماذا كتبتِ الرواية؟ هذا السؤال ليس سؤالاً بوليسياً. بل هو ينفذ إلى مساءلة وعي الروائية. وكيف كانت دوافعها في كتابة الرواية، حيث يشكل هذا  الوعي ملامح النص من حيث الحكاية والشخوص والبناء السردي. ولهذا يكون السؤال مرة أخرى: للعديد من الروائيات الشابات: لماذا كتبن الرواية؟ نداء أبوعلي:الكتابة هروب من واقع رتابة يومية لتعيش في عوالم الشخوص المتخيلة نداء أبوعلي/ روائية - لماذا كتبت الرواية؟ مساءلة وعي الروائي. وكيف دوافعه في كتابة الرواية حيث يشكل هذا الوعي ملامح النص من حيث الحكاية والشخوص والبناء السردي. ولماذا يعكف الفنان التشكيلي على رسم لوحة فنية؟ هي حالة تنفيس عن فكرة نبعت من الداخل، لتأسرك، وهي أقرب من هروب من واقع رتابة يومية لتعيش في عوالم الشخوص المتخيلة. هي حالة تنفيس نفسي، فالكتابة بوح وتخلص من قلق داخلي ينتابك، وعلاج نفسي لأزمات ورغبات دفينة. إذ إن حالة التوتر تخلق نوعاً من الرغبة في الكتابة تفوق الرغبة في ذلك في وقت الهدوء النفسي. هيفاء فقيه:أبطال الرواية يكتبون أقدارهم بأنفسهم مستخدمين يدي منذ الطفولة ظهر لدي نهم للقراءة، قد أجلس في زاوية تجمع عائلي لأقرأ كتاباً متجاهلة الحراك والأصوات التي تتردد من حولي. تطور ذلك لأكتب أول قصة قصيرة في سن العاشرة، في وقت لم يكن لدي بالطبع أي وعي بملامح النص وبنائه السردي. مجرد رغبة للكتابة تتملكني نتيجة خيال خصب يبعدني عن المحيط، وغوص في شخصيات قمت بإعدادها بذهني ورغبت في توثيقها على الورق. نتاج تراكمات قراءات عديدة، وتصاعد وتحليق الشخصيات المتصورة أمامك، في رغبة في إقلاقك. هل يرتبط ذلك بوعي لملامح النص وسرده؟ لا أعتقد ذلك. قد يكون مرور الزمن وتطور مجال القراءة وتحليل الأعمال زاد الوعي بالأعمال الروائية، أكثر من تأثير دوافع كتابة الرواية لتشكيل ملامح الوعي. شروق الخالد: الكتابة منحتني التغيير الكامل الذي استحقه هيفاء فقيه / روائية - سؤال قد يسأله الكاتب لنفسه: لماذا كتبت الرواية ؟ بالنسبة لي فالسؤال سيكون بالاتجاه العكسي لماذا كتبتني الرواية ؟ ولماذا استخدمتني شخوص الرواية لكتابة خفايا نفسي وعرت مشاعري وسفحت دمائي ودموعي على الورق الأبيض!! حين ابدأ كتابة رواية فأنا أُسلم يدي وعقلي لأبطال الرواية وادعهم يكتبون ويخطون ما يشاءون.فأنا حين ابدأ بكتابة الرواية لا أعرف كيف ستكون نهايتها !! وحين أنتهي من كتابة فصل وBعيد قراءته فإني انبهر وأُدهش من أحداث ومجريات الرواية، وحين ابدأ في كتابة الفصل التالي أُخطط لمجريات الأحداث وأتفاجأ بأن يدي تخط شيئاً آخر وكأن أبطال الرواية يكتبون أقدارهم بأنفسهم مستخدمين يدي.وحين يسأل الكاتب نفسه لماذا كتبت ؟ سيكتشف في نهاية الرواية انه قد أخرج عقده الداخلية وسكب مشاعره وأحاسيسه فوق الورق الصامت ليُحييها ويحيل صمت الأوراق الباردة إلى حوارات صاخبة ومشاعر دافئة. فالكتابة صرخات مكبوتة حبسها الكاتب لسنين طويلة داخل قفصه الصدري واشرع لها نوافذ الأمل لتطير تلك الصرخات الحبيسة وتحُط فوق صحاري الأوراق الجليدية لِتُزهر تلك الأوراق وتُنبت حياة كاملة بين دفتي الكِتاب. وقد يواجه الكاتب معضلة حين ينتهي من روايته وهو الخروج من أجواء الرواية، والتخلص من حالة التقمص لأبطال قصته والتي رافقته طول مدة كتابته للرواية. ختاماً أرى أن الكاتب الجيد هو الذي يخرج من حالة التقمص هذه سريعاً ويفصل مابين حياته الواقعية والحياة الورقية. نورة المفلح: من خلال كتابتي للرواية سأنقذ أحداً ما في هذا العالم شروق الخالد/ روائية - منذ أن كُنت صغيرة وأنا أشعر أن الطين الذي خُلقت منه ما هو إلا كلمات, ثم القراءة سقت تلك الكلمات حتى أصبحت جُملاً وانبتت شجيرات بداخلي حتى صار قلبي غابة لا أستطيع الخروج منها , وصارت الكتابة الشيء الوحيد الذي أجيده وبدونها أشعر بأني أموت, فكل قصة أكتبها هي حياة بالنسبة لي, بها رجل تمنيته بلحظة ما, كان بحياتي أو لم يكن, فيها امرأة قُتلت أو سُرقت أو حتى رقصت بهجة تُمثلني ولا تُمثلني أحياناً أكثر , فيها أطفال كُثر استطعت أو لم استطع إنجابهم, فيها كلمات قلتها يوماً ما وأخرى لم أستطع قولها منذ زمن طويل وحان وقتها, فيها عبارات قيلت لي وحولتني للمرأة التي صرتها الآن, وأريد أن انقلها للكثيرات مثلي. الكتابة منحتني التغيير الكامل الذي استحقه, عشتُ بها كل التجارب التي وددت خوضها, وسافرتُ بها إلى بلدان لم أزرها يوماً لكن رأيتها في حياة الآخرين, علمتني الخوض في مشاكل أكبر مما كنت أتوقع وتهميش كل أوجاعي, وتبسيط حزني وتفتيته إلى كلمات حتى ينتهي, هذه الخبرة والقوة التي جنيتها من الكتابة, والسعادة التي مُنحتها دفعتني لكتابة الرواية, لأن لا شيء قادر على تغيير الواقع إلا الكثير من الكلمات, ولا شيء قادر على معالجه أوجاع الآخرين إلا الكلمات, والكثير الكثير منها منحت أرواحاً عديدة سلالمَ للنجاح والتغيير. فالرواية هي الحقيقة الممتدة التي لا تنتهي, هي مدرسة بكل حرف فيها, مدرسة في الحُب, وفي الحروب النسائية الباردة, وفي الخيانات التي لا نتعلم منها, ومدرسة في الطب والهندسة والرقص وحتى في البكاء والضحك, الرواية حياة بكل ما فيها, وكتابتها منذ لحظة خلق العنوان وكتابة الفكرة, والبحث الذي لا ينتهي في ويكيبيديا الواقع وبناء الشخصيات والعيش معهم وكأنهم حقيقيون يعلمني الكثير, وهذا الكثير الذي أتعلمه يدفعني لا إراديا لكتابة الرواية لنقل ما تعلمته وتبادله مع العالم ليُعلمني أكثر. شريفة محمد: الكتابة مجازفة أقدمتُ عليها دون أن يكون لديّ سابقُ علمٍ بالسردِ وفنونِه نورة المفلح: [ إني أكتب لأسباب كثيرة؛ أولها أن يظهر اسمي ويتم التحدث عني في المجالس وبين الأصدقاء. ثانياً: لأَنِّي أؤمن بأن من خلال كتابتي للرواية سأنقذ أحداً ما في هذا العالم. أنني فتاة بارعة في حل المشاكل وقادرة على إدخال البهجة إلى قلوب الآخرين. نعم هذا صحيح. أقولها مبتسمة، ومن خلال فعل الكتابة أستطيع تحسين علاقة المرء مع ذاته. كما أني اكتب للهروب من روتين الحياة ومن أحكام العادات والتقاليد. لقد لاحقتني فكرة كتابة الرواية عند كل مكان اذهب إليه وكنت أحدث نفسي قائلة " لا. لن اكتب ما يدور في عقلي" وكان رفضي الشديد يشعرني بالضيق والضجر. فحاولت جاهداً أن أشغل نفسي بأمور عدة وفشلت. شعرت بأن هناك من يجبرني على الكتابة! فقررت الاستسلام لأتخلص من هذا الضيق. ربما كتبت لأساعد نفسي أيضاً. لاني حينما اكتب أنسى كل شيء واهدأ. شريفة محمد: - إضبارة قضيتُها (أنا)، لملمَتْ فلسفات متفرقة، لم تكن من جنس الحكايات في شيء، مقالات متنوعة _هي مدونتي أجمعها_ هي رأسي بكل ما يحوي، وبكل ما يرتبط به، وما يتكئُ عليه، وما يذهب إليه ويؤوب من داخل قفصي الصدريّ أو خارجه، حزمتُها، وأعدتُ نظمَها ثم عقْدَها ب(حكاية). مجازفة أقدمتُ عليها لأجمعَني (له)، ودون أن يكون لديّ سابقُ علمٍ بالسردِ وفنونِه؛ سردْتُها!، سردْتُها (له) على طريقتي التي لم أستدل عليها لولا تلك المجازفة، إذ كنت أكتب على غير هدى!، وهل (الغير هدى) سوى طريقٍ آخر؟ سرتُ فيه وأنا أمسكُ من الحياةِ _وهي تخْبِطُ في أرجائي خبْطَ عشواء_ خيطًا متشعبًا فيَّ، أسحبُه وألملمُ في الطريقِ أجزائي المتفرِّعة منه، وأسوِّي كلَّ جزءٍ منه على حِدَة، هذا قبل أن أنفخَ فيه من روحي، وأمنح صرختَه الأولى المتحرِّرة مني تاريخًا، ولشخصِه اسمًا، ولبدنِه ثوبًا، ثم أضعُه في مكانٍ ما في الحياة، هكذا، لتموج في بعضها الأجزاء، تأْتَلِفُ في وقتٍ ما من الحكاية، ثم تنفضُّ وقد غِيضَ الحب، واستوى على صعيدِ الحياةِ المقفرة (الوهم)، تلك الحقيقة الوحيدة الباقية، (الوهم) الذي سعيتُ في روايتي حثيثًا لجلو الضبابيَّة عنه، مع كونه الضباب في ذاته! هاؤمُ اقرؤوه، قد يبدو العالمُ من خلالهِ عبثيًا مع أنَّه ليس كذلك على الإطلاق، هو مفجعٌ بدون شك، لكن فجائعه مدروسة، منظمة، رغم مباغتتها واقتناصها الغفلات. هاؤم اقرؤوه، كتبتُه لأجمعني، أنا المتشظية بين المتضادات، ولكم حسبتُ أن اجتماعي سيكون في مكانٍ بعيدٍ، خارجٍ عني، وأني بصدد التخلُّص من كوم الذكريات والحنين والندم التابع لها، لكنني جمعته في صدري فماذا فعلت؟

مشاركة :