أظهرت الهجمات المكثفة التي قامت بها حركة الشباب الاسلامية، منذ بدء هذه السنة في الصومال، ان الحركة المتطرفة تحتفظ بقدرة كبيرة على الاذى وتنفيذ الاعتداءات، ما يعني ان البلاد قد تحتاج سنوات طويلة قبل ان تنعم باستقرار تام. بعدما طردت من مقديشيو في اغسطس 2011، شهدت الحركة تراجعا وخسرت الجزء الابرز من معاقلها، الا انها لا تزال تسيطر على مناطق ريفية واسعة. وكانت العاصمة الصومالية بدأت تنعم بهدوء نسبي وتخرج من الفوضى، على الرغم من ان المتمردين في حركة الشباب التابعين لتنظيم القاعدة واصلوا هجماتهم الانتحارية على نحو متقطع. في الاشهر الاخيرة، اظهر الشباب مرونة وقدرتهم على التأقلم، مستغلين ضعف الحكومة المركزية الصومالية. وقال سيدريك بارنز من مجموعة الازمات الدولية (إنترناشونال كرايزيس غروب): لا يمكن القول ببساطة ان الشباب محبطون او انهم باتوا في موقع دفاعي، فهم اعادوا تنظيم صفوفهم وتدريباتهم، وجندوا عناصر، وشدوا عزيمتهم مجددا. في يناير، هاجم الشباب مخيما للقوة الكينية التابعة لقوة الامم المتحدة (اميسوم) في منطقة عيل عدي في جنوب الصومال. وتبنوا قتل اكثر من 100 جندي كيني، الامر الذي لا يمكن التحقق منه، ولو ان مصادر امنية في نيروبي اعتبرتها قابلة للتصديق. وقتلت حركة الشباب الاسبوع الماضي 14 شخصا على الاقل بتفجير سيارتين مفخختين امام فندق وحديقة عامة في مقديشيو. وكانت احدى القنبلتين تزن 200 كلغ، وكانت المرة الثانية التي يستخدم فيها الشباب متفجرة بهذه القوة. وبعد اقل من 48 ساعة، انفجرت سيارة مفخخة امام مطعم شعبي في بيداوة (جنوب غرب)، قبل ان يفجر انتحاري نفسه، ما ادى الى مقتل ثلاثين شخصا. ولم تكن عملية عيل عدي الاولى من نوعها. فقد هاجم الشباب في اواخر يونيو قاعدة بوروندية في ليغو، ومخيما اوغنديا في جانال في جنوب الصومال. وقال مات برايدن من مركز ساهان للابحاث: «ان الشباب استخلصوا النتائج من العملية التي شنوها في ليغو، وباتت هجماتهم ضد وحدات اميسوم المعزولة عملية عادية». وتفتقر قوة اميسوم المؤلفة من 22 الف جندي من اوغندا وبوروندي وجيبوتي وكينيا واثيوبيا، الى التنسيق والوسائل اللازمة لتأدية عملها. وهي تجهد ايضا في تطبيق استراتيجيتها في ميدان ذي طبيعة ريفية، علما بأنها كسبت كل المعارك داخل المدن بفضل قوتها النارية. وقال الاستاذ الجامعي النرويجي ستيغ جارل هانسن، مؤلف كتاب مرجع عن الشباب: ان اميسوم تخوض حربا خاطئة. واضاف: ان قوات اميسوم تراقب قواعدها الخلفية خصوصا وتبقى في مراكزها، وتسيّر دوريات مرة اسبوعيا، فيما يسيطر الشباب على الوضع بقية الوقت. وتابع: الشباب قادرون على الاستمرار 30 عاما من خلال الدعم الذي يحصلون عليه من مجتمعات محلية. فبعد نكستها في كل من ليغو وجانال وعيل عدي، تخلت اميسوم عن بعض مراكزها، وتحصنت في بعضها الآخر. وقال برايدن: نظرا الى ان اميسوم ليست في موقع الهجوم، فلدى الشباب كل الوقت للتفكير والتخطيط والاستعداد. ومن خلال شنهم هجمات وحشية ضد المدنيين، يقوض الشباب ثقة الصوماليين في حكومتهم. وبالنسبة الى بارنز الرسالة واضحة الشباب يقولون: ليس هناك وضع طبيعي ولا امان، ولم تحصل عملية لإعادة احياء الصومال، فممن تسخرون؟. والشباب قادرون ايضا على التسلل الى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، ويقصفون المقر الرئاسي في العاصمة بشكل دائم، ووضعوا في اوائل شهر فبراير متفجرة داخل طائرة كانت تقلع من مقديشيو. ودوت المتفجرة بعد وقت قليل على اقلاع الطائرة، فأدت الى مقتل الشخص الذي يشتبه في انه وضعها، فيما هبطت الطائرة من دون ان تلحق بها اضرار. غير ان هذا الفشل اظهر ان حركة الشباب قادرة على خرق الخطوات الامنية المشددة. ويشار الى ان من القرارات الاولى التي اتخذها احمد درعي بعد تسلمه قيادة الحركة في العام 2014، اعادة تأكيد دعمه تنظيم القاعدة. واحبطت الحركة في الآونة الاخيرة محاولة انشقاق عدد من عناصرها جذبهم تنظيم داعش في مهدها. وفي وقت استعاد الشباب قوتهم في عهد درعي، يبدو ان التخلص منهم لا يزال امرا صعب المنال بالنسبة الى الصومال الذي يأمل هذه السنة في اجراء اول انتخابات بالاقتراع العام منذ 40 عاما.
مشاركة :