"كاستينغ" تحية مسرحية إلى فن السينما من خشبة الحمامات

  • 8/7/2023
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تابع عرض كاستينغ (تجربة أداء) لمخرجه وكاتبه سامر محمد إسماعيل جولته الدولية عبر مشاركته في الدورة الـ57 لمهرجان الحمامات الدولي في تونس. حيث نال العرض ثناء الجمهور لما قدمه من مزيج فني وأداء مميز للممثلين كان مثار تفاعل من الحاضرين. الحمامات (تونس)- في إطار انفتاح مهرجان الحمامات الدولي على التجارب المسرحية في المنطقة العربية، كان الجمهور على موعد مع المسرحية السورية “تجربة أداء” (كاستينغ) التي قدمت عرضا مميزا مساء السبت الخامس من أغسطس الجاري على خشبة مسرح مدينة الحمامات التونسية. تلتقي في هذه المسرحية فنون مختلفة من مسرح وسينما ورسم، وهي من إنتاج المسرح القومي السوري، وبطولة كل من الفنانين عامر علي ومجد نعيم ودلع نادر، وإخراج وتأليف سامر محمد إسماعيل. غوص في اللا وعي ويقترح هذا العمل تجديدا يشمل كل عناصر العمل المسرحي بدءا من النص وصولا إلى الإخراج وفق مقاربة تقوم على إعادة صياغة القضايا الراهنة في المجتمع بعيدا عن السائد والمألوف. سامر محمد إسماعيل: من حق الفنان المسرحي السوري أن يقدم عروضه في الخارج سامر محمد إسماعيل: من حق الفنان المسرحي السوري أن يقدم عروضه في الخارج وعلى خشبة مسرح الحمامات تجسدت مواقف درامية عبر النبش في دواخل الشخصيات وتعرية معانتها على نسق هدم المسلمات والثوابت والكليشيهات والصور النمطية، فيما تظهر بوادر انهيار مجتمعي. المعاناة الفردية للإنسان والفنان والمعاناة الجماعية التي تتولد عنها صورها الممثلون على الخشبة بصدق وواقعية في الحوارات الثنائية التي شرّحت العلاقات الإنسانية من جهة، وواقع الفنانين من جهة أخرى وتجاوزتها لتضيء على واقع الحرب ولو بشكل غير مباشر. الوهم والحقيقة، الواقع والخيال، السلم والحرب، الهدوء والاضطراب، ثنائيات تجسدت على الخشبة فيما يتواتر السرد وتتشكل ملامح شخصية جهاد (عامر علي) الفنان الذي استبد به المرض النفسي جراء قسوة واقعه، وشخصية زوجته (مجد نعيم) التي تحاول انتشاله من الضياع وشخصية جوليا الخيالية التي تختزل المعاناة في بعديها الفني والإنساني. وإلى جانب المواضيع المتنوعة التي تطرحها المسرحية مراوحة بين المجتمعي والثقافي والسياسي والنفسي والإنساني، تقترح أسلوبا إخراجيا مختلفا تتماهى فيه الفنون ويتداعى فيه النص من وإلى أعماق الشخصيات. وعلى خشبة مسرح الحمامات غاص الجمهور في لا وعي الشخصيات وتجول في أسرارها وتنقل من قصة إلى قصة أخرى على إيقاع أحداث تتداخل فيها الحقيقة والخيال ويصدح فيها صوت الوجع عاليا، وجع الفنان ووجع الإنسان. وتأتي مشاركة العرض الذي أنتجته مديرية المسارح والموسيقى في وزارة الثقافة بعد مشاركته العام الماضي في مهرجان مشكال في بيروت وبعد تقديمه في مسرح الشمس في عمان بالأردن. وحضر الجمهور التونسي العرض السوري الذي لقي نجاحا كبيرا منذ تقديمه لأول مرة على مسرح القباني في دمشق في أكتوبر من عام 2021. وفي تصريح له قال سامر محمد إسماعيل إن “العرض المسرحي كائن ينمو وليس مجرد مخلوق يعيش خمسة عشر يوما على مسرح ومن ثم يدفن ديكوره وأزياءه في مستودعات رطبة، ومن حق الفنان المسرحي السوري أن يقدم عروضه في الخارج وأن يطلع العالم على تطور الفن المسرحي في بلاد مثل سوريا تعيش أقسى الظروف المعيشية منذ أكثر من اثني عشر عاما”. ◙ الوهم والحقيقة، الواقع والخيال، السلم والحرب، الهدوء والاضطراب ثنائيات تجسدت على الخشبة فيما يتواتر السرد ◙ الوهم والحقيقة، الواقع والخيال، السلم والحرب، الهدوء والاضطراب ثنائيات تجسدت على الخشبة فيما يتواتر السرد وعن كاستينغ (تجربة أداء) يوضح إسماعيل أنها مسرحية تلتقي فيها الفنون، مبينا أن أحداث العمل تسير على إيقاع هواجس مخرج يبحث عن ممثلة بعيدة عن المعايير التي باتت بمثابة السجن، والتي جعلت من الممثلات نسخا مستنسخة تتبدى قضايا كثيرة ومشاكل مختلفة تراوح بين الفني والثقافي والاجتماعي وغيرها من الأبعاد. تحية إلى السينما بطل العرض جو، المخرج السينمائي الذي يبحث عن بطلة لفيلمه الذي سيصوره قريبا. ويسعى من خلاله إلى تحقيق طموحاته، فهو مخرج كبير ينتظر إنجاز فيلم عظيم، لكن تباغته فتاة جميلة وبسيطة، تدخل إلى المكان راغبة في أن تعرض موهبتها عليه. يرفضها كونه على موعد عمل طارئ، لكن إلحاحها يدفعه إلى مسايرتها فيقبل. يطلب منها نزع كل ما يشوه شخصية الفتيات في عصرنا من مكياج وباروكة شعر ولبان تمضغه فتلتزم الفتاة، وتبدأ اللعبة. تنطلق رحلة التشويق في العرض، الفتاة تقدم للمخرج في حوارهما الكثير من تداعياتها وذكرياتها عن حياتها المهنية البسيطة التي لا تتجاوز بعض الأعمال البسيطة والأدوار الثانوية. تسير الأمور بين الرفض والقبول بمواقف تقترب من الكوميديا. حيث التناقض بين مخرج سينمائي جدي وفتاة بسيطة تحب الفن. في حالة التشويق التي تتصاعد مع تقدم الأحداث يطلب المخرج من الفتاة إخباره عن حبيبها الذي انفصلت عنه وسافر بعد أن تركها عاشقة محطمة. ونذهب في رحلة جديدة من التشويق، يصير المخرج جو هو جهاد الحبيب الذي رحل. فيأخذ دوره في الحكاية. وتبدأ الفتاة في نبش ذكرياتها ومواجعها التي خلفتها علاقتها المضطربة مع حبيبها، يتصاعد الإيقاع وصولا إلى وصول زوجة المخرج، واكتشاف أننا بصدد لعبة خيالية يقودها لا وعي المخرج. ويذهب إسماعيل بنا إلى نوع من التماهي بين الحالة السينمائية والمسرح في عرضه معتبرا أن “العرض تحية لفن السينما، لذلك الفن البهي المليء بالجمال، السينما هي الفن الذي قدم لنا الكثير من الحب والحياة، والذي كان له حضور كبير في حياتنا اليومية. ولكن السينما تتراجع اليوم أمام مستحدثات العصر باقتحام منصات العرض لهذا الفن النبيل وفرض سطوتها في شكل العروض وإنتاجه”. ويضيف “في فن السينما كل شيء مليء بالإبداع والجمال بدءا من مرحلة الكاستينغ التي يختبر فيها المخرج قدرات من سيشارك معه بالعمل في التمثيل وحتى مرحلة عرض الفيلم، السينما قدمت للإنسان الكثير وجسدت حيوات أناس وأعادت صياغتها ووثقتها في أفلام ستبقى للتاريخ. فتحية لفن السينما”. ومن الجدير ذكره أن فعاليات الدورة السابعة والخمسين من مهرجان الحمامات الدولي انطلقت في الثامن من شهر يوليو المنقضي، مقدمة عددا من العروض المسرحية والموسيقية والكوريغرافية وتستمر إلى غاية الثاني عشر من أغسطس الجاري.

مشاركة :