أصبح دور المرأة أساسيا في المجتمع لتطور الأحوال الاقتصادية والعادات الاجتماعية، وانعكس ذلك على تطور الأسرة السعودية للتحول من أسرة يرأسها زوج إلى وحدة عائلية تقوم على أساس تقاسم المهام والتعاون فيما بين الرجل والمرأة، فليس كما كان في السابق بمجرد وفاة رب الأسرة مزقت براثن الظروف القاسية أفراد الأسرة، بل باتت الأم حصنا لصغارها وتسعى في تحصيل وتحسين معيشتهم. هذه المقدمة أضعها لاعتبار أن المرأة السعودية دخلت سوق العمل بكفاءة على المستوى العلمي والمهاري؛ حيث أثبتت جدارتها في إنجاز المهام والقيام بأعمال تعكس على المنشآت ضوء التقدم العملي في الإجراءات الإدارية وغيرها. وموضوع المساواة من المبادئ القانونية والضرورية في سوق العمل سواء تعلق الأمر بأطراف علاقة العمل أو داخل المؤسسة، ونص عليها نظام العمل بوضوح حيث نصت المادة الـ3 والمعدلة بموجب المرسوم الملكي رقم (م / 134) وتاريخ 27 / 11 / 1440هـ أن العمل حق للمواطن، لا يجوز لغيره ممارسته إلا بعد توافر الشروط المنصوص عليها في هذا النظام، والمواطنون متساوون في حق العمل دون أي تمييز على أساس الجنس أو الإعاقة أو السن أو أي شكل من أشكال التمييز الأخرى، سواء أثناء أداء العمل أو عند التوظيف أو الإعلان عنه. هذه القاعدة القانونية ملزمة لأصحاب المنشآت بأن يتعاملوا مع العامل سواء كان رجلا أو امرأة على سواء في الأجر وفي المهام وكذلك في المناصب القيادية وغيرها فلا يجوز تمييز المرأة عن الرجل بأي شكل من الأشكال إلا الأعمال الشاقة التي لا تتوافق مع قدرة وإمكانية المرأة مراعاة لطبيعتها، فهذه يصح فيها الإعلان عن الوظائف الشاقة التي لا تتناسب مع طبيعة المرأة بكلمة - وظيفة للرجال فقط - أما إن كانت الوظيفة المعلن عنها تتطابق وتتوافق مع إمكانية المرأة فإن المنظم بين أن لا يكون في سياق محتوى الإعلان الوظيفي أي تمييز. مناطق التمييز بين الرجل والمرأة في سوق العمل تظهر في المنظمة إذا كانت الوظيفة مهامها محددة ووصفها الوظيفي محدد في اللائحة الداخلية للمنظمة فمن وجهة نظري للمرأة العاملة أن تكمل عقدها إذا كان عقدها محدد المدة أو تستقيل بإرادتها المنفردة وفق المادة الـ75 من نظام العمل، وعدم جواز التمييز بين الرجل والمرأة مقصد من مقاصد المنظم حينما شرع نظام العمل، ثم تقوم برفع دعوى عمالية للمحكمة، تطالب بالتعويض عن التمييز غير مشروع في الأجر شريطة أن تثبت ذلك باللائحة الداخلية التي حددت الوظيفة وأوصافها مع تقرير بأعمالها التي قامت بإنجازها وتقييم الأداء الوظيفي وطلب من المحكمة المختصة المستندات التي تحدد إنجازات وتقييم زميلها الرجل المماثل لها وفي الوظيفة، حيث إن مقاصد الشريعة والنظام إعطاء الأجر، وعلى ذلك تكون دعواها جاهزة لأن من المهم بناء الحجج خلال السير في الدعوى بطريقة صحيحة وقوية لأن ذلك هو ما يؤدي إلى الفوز بالقضية أو الخسارة. إن مكانة المرأة الوظيفية التي تشغلها تفرض عليها مجموعة من المسؤوليات والواجبات التي تجعلها أكثر عرضة من غيرها للضغوط بسبب الأدوار التي تقوم بها وكثرة الأعباء التي تلقى عليها، فإذا كانت المرأة العاملة تكلف بأعمال ليست من أعمالها الأساسية التي نص عليها العقد فلها خيارات أن تفسخ العقد ويكون لها وفق المادة الـ81 أو لها طريقة وهي أن تخطر صاحب العمل بعدم رضاها لما كلفها به من أعمال شريطة أن يكون ذلك مثبتا برسالة بريد أو خطاب؛ لأن الفقرة (3) من المادة الـ81 نصت على الرضائية ولذلك لا بد أن يظهر العامل شعوره الكامن من حيث الرضا أو عدم القبول وإذا استمر العامل دون إبداء رأيه في عدم رضائه يعد ذلك يعد رضاء ضمنيا خصوصا إذا تجاوز مدة شهر ولم يخطر صاحب العمل. أعود وأقول تثبت إرادتها بعدم الرضائية بخطاب أو رسالة وتستمر في العمل مع توثيق الأعمال الإضافية التي لم ينص عليها عقد العمل وإثباتها بكافة طرق الإثبات وتنهي عقدها محدد المدة ثم تقوم برفع دعوى تعويض عن أعمال إضافية وتحدد الأعمال والنتائج التي حققتها وتطالب بالتعويض عنها. ختاما، هاتان صورتان لبعض ممارسات التمييز ضد المرأة في سوق العمل وهي نصائح عملية إجرائية تستطيع من خلالها حفظ حقوقها بكل هدوء وترتيب وتخطيط؛ لأن الخصومات في المحاكم تحتاج إلى ترتيب الحجج ثم التخطيط للمرافعة ثم إنهاء الخصوم بأخذ الحقوق. expert_55@
مشاركة :