في مساء ليلة من أكثر الليالي حرارة وغباراً ، كانت تنظر الى السماء رافعة كفها بالدعاء بأن يسهل الله لها أمرها وتنجب مولودها . كانت تلك جوري ، الفتاة التي عاشت في مدينة الركية بمحافظة الأحساء ، فتاة من أكثر البشر نبوغاً وحيوية وحنكة ودهاءً ، فتاة لم تلد أمهات المدينة مثيلاً لها ، بل امهات العالم كله ، فتاة سوف تسرد حكايتها قريباً . بين حين لآخر تُعلن الطرق الممتدة في رحم الصحراء عن انهيارها من شدة التعب ، حيث تهجم أكوام الرمل على الطريق المعبد ، حتى تكاد تبتلعه إن لم تكن ابتلعته فعلاً ، وعن بُعد تبدو وسط الطريق آلات ضخمة نراها كل يوم ، تغرف بأذرعتها تلك الأكوام من الرمل ، وتدلف بها لرحم الصحراء ، لكنه يلفظها من جديد ويرميها على الطرقات معلناً رفضه لها . بجوار تلك الآلات يبدو أشخاص تلفحهم حرارة الشمس الحارقة ، ولهيب الصحراء ، يغطون رؤوسهم بقطعة قماش تكاد لا ترى منها سوى أعينهم ، يحملون في أيديهم بعض المعدات الخفيفة لإزاحة تلك الأكوام الرملية من الطريق ، حتى يفسحوا لنا المجال للمرور الى الأحساء الحبيبة .
مشاركة :