صبّت وزارة الاقتصاد، جلّ اهتمامها، إبّان تحرير أسعار المشتقات النفطية، على جزئية أنها ستكثّف جهودها بالتنسيق مع الجهات المختصة على المستويين الاتحادي والمحلي، ومنافذ البيع والتجار والموردين، للحؤول دون استغلال القرار، لزيادة أسعار السلع والمواد الاستهلاكية. المفاجأة التي لم يتوقّعها أحد منذ أغسطس/آب الماضي، حتى اليوم، أن أسعار الوقود في انخفاض متواصل، وإن كانت تشهد بعض التقلبات السعرية خلال الشهر، بيد أن معدل احتساب التكلفة في آخر الشهر يكون في مصلحة المستهلكين. رغم ذلك كله، لم نسمع قط، ولم نلمس، انخفاض سعر سلعة واحدة من تلك المنتجات، أو السلع الاستهلاكية المرتبطة ارتباطاً مباشراً بالمشتقات النفطية، لا بل واصلت بعض السلع ارتفاعاتها، وكأن شيئاً لم يحدث. فرضاً، لو أن أسعار النفط ارتفعت بعد قرار الدولة، بتحرير الأسعار، فما الثمن الذي كان المواطنون والمقيمون سيدفعونه؟ حتماً، كانوا سيكتوون بفنون التجار في المبالغة في رفع الأسعار. الأمر برمّته يقود إلى الحديث عن أسعار السلع والخدمات المقدمة في الدولة، فليس هناك أحد إلا ويشتكي من مبالغات التجار في كثير من الأسعار، ولا أحد ممّن يذهبون إلى مطعم أو فندق أو مركز تسوّق أو حتى سوق شعبية، ليشتري حاجاته، إلا ويلحظ أن أسعار السلع باتت أغلى من معظم دول أوروبا وأمريكا. هل أجرت ادارة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد مقارنة حقيقية على أسعار وجبات الطعام في فنادق الدولة ومطاعمها، ونظيراتها الأوروبية والأمريكية؟ هل تعلم الوزارة أن الكثير من المواطنين والمقيمين باتوا يؤجلون شراء حاجاتهم وملابسهم، لحين السفر إلى أوروبا أو دول المقيمين الأصلية، ليتسوقوا من هناك حاجاتهم للعام بأكمله؟ لماذا وصلنا إلى هذا الحدّ من المبالغة في الأسعار؟ ولماذا لا تلعب الوزارة والجهات المراقبة لحماية المستهلك، دوراً في الحدّ من هذه المبالغات التي باتت همّاً يؤرّق الجميع. هذا الأمر ينسحب أيضاً على وكالات السيارات وعمليات الصيانة الدورية، إذ باتت تكلفتها أكثر من دول المنشأ نفسها، رغم الضرائب والرسوم التي تدفعها هذه الشركات هناك. وزارة الاقتصاد وادارتها المتخصصة بحماية المستهلك ، وما دامت لا تأخذ نسبة من أرباح التجار، ولا تفرض عليهم الضرائب أو الرسوم كما يحدث في بقية الدول، فهي مطالبة بلجم المبالغات التي تتسلّل إلى جيوب التجّار. يجب أن تقوم ادارة حماية المستهلك بحملات تسوّق سرّية، ومعاقبة التجار قبل أن يصلوا إلى هذا الجشع، إذ لن يتصل من يرتاد مطعماً لتناول الغداء مع عائلته، بالوزارة، ليبلغها أن فاتورته غير مقنعة. ومن غير المعقول كذلك أن يكلف قضاء أسبوع في فندق بباريس مع المطاعم والتجوال والتذاكر، أقل مما لو فكرت في قضائه في الدولة. jamal@daralkhaleej.ae
مشاركة :