وزارتا التسامح والسعادة.. ورهانات المستقبل

  • 3/6/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

انسجاماً مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يفرضها الواقع الإنساني المتغير، كان من اللازم أن تترجم القوانين هذه التحولات وتعكسها ضمن مقتضياتها، كما كان من الطبيعي أن تنعكس على مستوى مخرجات السياسات العمومية للدول. إن تدبير الشأن العام لم يعد مقتصراً على الاستجابة للحاجات اليومية، بل تطور الأمر إلى تدبير استراتيجي منفتح على المستقبل، يقوم على التخطيط والتوقع وإدارة الأزمات بمختلف عناصرها، استناداً إلى مخرجات مراكز الأبحاث وبنوك المعلومات التي تدعم عقلنة القرارات. وهكذا، ظهر جيل جديد لحقوق الإنسان يترجم هذه التحولات، حيث برز الحق في بيئة سليمة والحق في التنمية والحق في السلام والحق في الاستدامة والإنصاف بين الأجيال، والحق في التواصل والحق في المشاركة في التراث الثقافي.. إن المبادرة التي قامت بها دولة الإمارات على مستوى إحداث وزارتين، إحداهما للسعادة وأخرى للتسامح، تنطوي على أهمية كبرى، لكونها تجسد رؤية حضارية وسلوكاً واعياً يدعم تطوير الأداء الحكومي ويجعله في خدمة الإنسان باعتباره محوراً أساسياً لكل تنمية، ذلك أن الهدف المفترض لتدبير الشؤون العامة هو تحقيق السعادة للمواطن في آخر المطاف. إن الإقدام على هذه الخطوة هو أيضاً تتويج لإنجازات وتراكمات عدة تحققت بالبلاد على طريق تحقيق التنمية والرفاه للمواطن، واعتماد الحوكمة الجيدة في تدبير الشؤون العامة ودعم قطاعي التعليم والبحث العلمي وحسن توظيف التكنولوجيا الحديثة، التي تؤكدها وتثمنها تقارير دولية عدة ذات صلة بتقييم مستوى التنمية في دول العالم. إن السعادة هي قيمة إنسانية راقية يفترض أن تكون محط اهتمام صانعي القرار، يعكسها الأداء اليومي لمختلف الفاعلين في القطاعين العام والخاص، وانعكاس ذلك بشكل إيجابي على أوضاع المواطن المختلفة، كما أنها امتداد للحق في الحياة، وتجسيد عملي لبلورة جيل جديد من السياسات الداعمة لحقوق الإنسان في مختلف تجلياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. ومن تم فإحداث وزارة في هذا الخصوص لا يشكل ترفاً بقدر ما هو تعبير عن تكريم للإنسان والإعلاء من شأنه وصون كرامته.. تقدم دولة الإمارات نموذجاً تنموياً مشرقاً في منطقة سمتها الارتباك والتوتر والصراعات الطائفية التي جرّت على الشعوب ويلات كبرى تترجمها النزاعات المنتشرة على امتداد المنطقة، وتنامي التطرف والإرهاب وتزايد عدد الهاربين من بلدانهم تحت ضغط الاقتتال والطائفية وجحيم الإقصاء.. إن وجود حقيبة وزارية تعنى بالتسامح، هي بداية مهمة أيضاً على طريق إرساء سياسات وتشريعات تدعم هذا التوجه في محيط إقليمي يعيش على إيقاعات الطائفية والتطرف والانتماءات الضيقة التي تضعف الشعور بالمواطنة، وتجعل من العنف وسيلة للدفاع عن الآراء بعيداً عن لغة العقل والفكر.. إن الشعور بالمواطنة هو تجسيد للتسامح في أرقى تجلياته وأحد المؤشرات التي تعكس تمتع الإنسان بحقوقه. drisslagrini@yahoo.fr

مشاركة :