الكتابة الشهية..!

  • 8/12/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الكتابة عن الحياة، كتابة شهية فهي كتابة تستعصي على الفهم، والتعمق فيها إضافة نفسية قبل أن تكون ثقافية أو عقلية، فالحياة بتشابكها وسرعتها تدفعنا إلى رصد كل ما يحدث فيها، ووسط هذا العالم الضبابي والمشوش يجب أن نسلح الرأس قبل أن نسلح الأيدي كما يقول "مكسيم غوركي". والمجتمعات الصحيّة هي التي تنظر إلى الفرد كوحدة مستقلة، وككيان قائم بذاته من فكر وقرار وتصرف، وعندما نندمج في الجماعة تصبح الحياة أصعب قليلاً ولكن في وجود قانون اجتماعي تتنظم العلاقة بين الأفراد، إلا أن المجتمعات التي لم تبنَ على فكرة الكينونة والفردية والحدود مع الآخر في ظل وجود القانون فإن لها سلوكيات وممارسات مختلفة، منها أنها لا تقبل الاختلاف، ولا ترحب بالتغيير وفكرة قبول الآخر، فالآخر هو تهديد لكيانها وتبدأ عملية التصنيف والتعنصر، والتعامل مع الآخر كما لو كان هو من اختار أهله أو جماعته أو جنسه ولونه، وفي ظل هذه العقلية المفخخة بالكثير من المسلمات والمعتقدات ينزلق المجتمع نحو مستنقعات العنصرية فيمارسها المجتمع ضد بعضه، السؤال هل هناك مستفيد في تأجيج العنصرية، أم أنه جهل مقيت؟ وكيف يستلذ البعض في التحريض على الآخر وخوض حروب كلامية لتأصيل العنصرية، يقول رومان رولان: (الحرب بغيضة ولكن الأبغض منها هم الذين يتغنون بها دون أن يخوضوها). وكأننا نجاهد دوار البحر ومواني السفن ذات الأشرعة البيضاء المسافرة نحو المجهول، لم نعد نسمع بالعنصرية، بل أصبحنا نتحسسها كنبع يغفر لظمأ ليل الجفاف وكأنها وثيقة من أجل أن تعيش فلا بد أن تكره الآخر وتجرمه، فالبعض هجر وقاره وصار يبحث عما يؤكد وجوده كإنسان عبر كراهيته وعنصريته تجاه الآخر، ومما يزيد على هذا وسائل التواصل الاجتماعي التي تسمح بعبور كل هذه العنصرية حتى مع وجود بعض القوانين ولكن لا تزال تضخ الصور تلو الصور في العقول، السؤال ما المانع أن نصمت أمام من يختلف عنا؟ ولماذا لا نربي أبناءنا على أن الاختلاف هو أساس التوازن في الحياة فلا يعني أنك مختلف عني أنك خطأ يجب بتره..! وفي وسط هذا العالم المتلاحق السريع الذي يعمل بدقة واجتهاد أصبحنا نحن المختلفون، إنه فيروس العنصرية والفرقة التي تنتشر وتصيبنا بعدواها، أن نتصدى لهذه العدوى ونفكر بحلول عملية لاستئصال هذا التعنصر سواء باللفظ أو الصورة ذلك يستوجب إعادة التفكير في كل ما حولنا فهو أساس لتغيير المفاهيم وتصحيحها، "فلا أحد يولد وهو يكره إنساناً آخر بسبب لون الجلد أو الأصل أو الدين"، نيلسون مانديلا.

مشاركة :