الرجل بين الحقيقة والمظهر المستعار - رمضان جريدي العنزي

  • 8/14/2023
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يهتم بعض الرجال بالمظاهر والقشور بعيداً عن الفحوى واللب والمحتوى، حتى الأشعار والمواعظ والمقاطع المؤثرة التي يبثونها في وسائل التواصل الاجتماعي مجرد تعبئة فراغ عبثي غير نابعة من الاعتقاد الخالص والعمل الفعلي بها، إن حياة الرجل ليست مجرد شعارات رنانة وتنظيرات باهتة وأثواب مستعارة يلبسها كيفماء أراد، بل هي الأفعال القويمة والأعمال النبيلة التي يتضح أثرها في الواقع المعاش، إن الرجولة مجموعة خصال ومواصفات إذا اجتمعت في الرجل حق له أن يكون رجلاً يحظى بالتقدير والاحترام، فالرجولة إرادة وإدارة وموقف ومبادرة ومروءة، إن تمام الرجولة في الدين والتقوى والبر والإحسان والمعروف والوصل والصلة والعمل الصالح والسعي مع الناس بقدر الاستطاعة، وليست في العناية بالشكل والهندام والغضب وبذاءة اللسان وفحش القول والكذب والحسد والافتراء والتلون والتبدل والادعاء المخالف للحقيقة والهياط الكثيف. إن أبشع ما تراه في الرجل أن يناقض قوله فعله، وظاهر غير باطنه، والأبشع من ذلك أن ينشر الرجل المواعظ والعظات وأشعار المواقف والثبات والكرم والتضحية والفداء والبطولات، وهو الأبعد تماماً عن تطبيق هذه المعاني الجميلة والراقية في حياته وواقعه المعاش، والأبشع الأكثر قبحاً ودمامة أن يعادي الرجل القريب ويصاحب البعيد، إن الرجل المزدوج لديه مخزونات نفسية غير سوية ولا بهية، إن الانزلاق نحو متاهات التناقض الحاد الذي يعيشه بعض الرجال يجىء نتيجة حتمية للخواء الروحي الذي يحياه، إن الكثير من هؤلاء البعض يتفاخرون بالرجولة، لكنهم بعيدون جداً عن فحواها الحقيقي ومحتواها الصحيح، إن الرجولة الصائبة هي بذل الندى، وكف الأذى، واحتمال الورى، وحفظ اللسان، والبعد عن الهمز واللمز والمناكفة، والتخلي عن الرذائل، والتحلي بالفضائل، والتواضع والكرم، وسلامة الصدر والصبر والجلد، والعفة والحياء والإيثار، والصدق والأمانة، إلى غير ذلك من الفضائل الكثيرة، قال ابن القيم في المدارج: (إن رجلاً تزوج بامرأةٍ فلما دخلت عليه رأى الجدريَّ فيها، فتظاهر بالمرض في عينه ثم بالعمى، وبعد عشرين سنة ماتت تلك المرأة ولم تعلم أنه بصير، فقيل له: ما سببُ ذلك؟ فقال: كرهتُ أن يحزُنها رؤيتي لما بها، فقيل له: سبقت الرجال)، وقال قصة أغرب من الخيال: وذلك في غض البصر، وإليكم القصة يقول رحمه الله: (استضاف رجلٌ جماعةً من الرجال، فلما فرغوا من الطعام خرجت جاريةٌ تَصُبَّ على أيديهم، فانقبض واحدٌ منهم، وقال: ليس من الرجولة أن تصبَّ النسوانُ الماء على الرجال. فقال آخر منهم: أنا منذ سنين أدخل إلى هذه الدار، ولم أعلم أن امرأةً تصبُ الماء على أيدينا أو رجلاً). قال الشاعر: فكُنِ الرُجولة ترتقي تسمو خطاك على الدوام تلك الرجولةُ في الورى هي عِشقُ نفسي والغرام

مشاركة :