دخلت المناورات العسكرية لتمرين رعد الشمال أسبوعها الثاني والأخير، مستهدفة رفع معدلات الكفاءة الفنية والقتالية للقوات المشاركة، من خلال تطبيق تكتيكات حربية، جسدت تأهيلها على استخدام أفضل الأساليب العسكرية في فرض السيطرة الجوية والبرية على أي مسرح عمليات حربية حقيقية. ويتفق كثير من الخبراء والمحللين العسكريين والسياسيين أن مناورات رعد الشمال التي تتواصل منذ أكثر من أسبوع وسط اهتمام ومتابعة من كل دول العالم، وفي مقدمتها القوى الإقليمية، تمثل بداية انبعاث لروح المبادرة العربية الإسلامية للبحث عن حلول ناجعة لمشاكل العالمين العربي والإسلامي بعد أن عاش العالم العربي والإسلامي دهراً مسلوب الإرادة يتسول الحلول على أبواب الأمم المتحدة ومجلس أمنها. وتشير المعلومات العسكرية المعلنة بأن الأسلحة الجوية المشاركة في المناورات تتضمن طائرات قادرة على اختراق الصوت، وأخرى تتمتع بأنظمة الاختفاء عن الرادار، ومقاتلات الإف.16 الأميركية التي تصل سرعتها القصوى إلى 1700 كيلومتر في الساعة مسلحة بست نقاط تعليق للصواريخ، إضافة إلى مدفعين عيار 20 ملليمتراً، وهي من الطائرات التي يجري استخدامها لتحقيق أهداف تكتيكية واستراتيجية تشمل شن غارات على أهداف أرضية ومهاجمة طائرات أخرى، وتشارك طائرات الميراج الفرنسية متعددة المهام، وتمتلكها ثماني دول فقط حول العالم. وتحضر في التمرين طائرة الـإف.16 المقاتلة التي تصنف من أفضل المقاتلات العسكرية في المناورة والقنص، وتم تصنيعها في خمسة خطوط إنتاج منفصلة، ما يجعلها أكبر برنامج لصناعة طائرة مقاتلة يشهده العالم الغربي على الإطلاق. ومن الطائرات المختلفة التي تشارك بها القوات الجوية الملكية السعودية إف.15 س.أ التي تعرف بالنسر المقاتل تحلق بسرعة أكبر من سرعة الصوت بمرتين ونصف المرة، ومزودة بأنظمة متطورة للحرب الإلكترونية، ومحركات فائقة القوة، ورادارات متطورة قادرة على استكشاف الأهداف الصغيرة المتحركة وإصابتها من مسافات طويلة، إضافة إلى صواريخ طويلة المدى وأخرى قصيرة المدى يتم التحكم بها وتوجيهها بواسطة (خوذة الطيار)، وتوصف بأنها مقاتلة فتاكة سواء في الاشتباكات الجوية أو في مهاجمتها لأهداف أرضية. كما يشهد التمرين مشاركة طائرات سي.130 الأميركية ذات الـ200 نموذج مختلف، وتستخدم بشكل رئيسي للأغراض التكتيكية، حيث تعمل كناقلة للجنود والتجهيزات، وكمشفى. توحيد المفاهيم وعلى صعيد متصل، أكد قائد قوة الحرس الوطني المشاركة في تمرين رعد الشمال وقائد لواء الإمام محمد بن سعود الآلي اللواء ركن الأمير نايف بن ماجد آل سعود أن القوات العسكرية المشاركة في التمرين أنهت تدريبات مركز القيادة وتوحيد المفاهيم، لافتا إلى أن هذا التمرين يعتبر حماية لأمننا العربي والإسلامي ويظهر مدى القدرة العسكرية التي تمتلكها الدول الـ20 المشاركة. وقال اللواء نايف بن ماجد: هدفنا واحد يتمثل في رفع الكفاءة والاستعداد لتنفيذ المهمات لحماية أمننا واستقرارنا العربي والإسلامي، وعكس القوة القتالية للقوات المشاركة، ما يظهر أننا قادرون على توحيد العمل لحماية أوطاننا من أي معتد في مختلف البيئات القتالية. مسؤولية تاريخية ومن جهته قال الخبير الاستراتيجي ورئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية اللواء أنور عشقي إن المملكة العربية السعودية وهي تقود مناورات رعد الشمال وتستضيفها تفعل ذلك انطلاقا من مسؤوليتها التاريخية في تصفية الإرهاب من المنطقة، وذلك بحكم ثقلها الديني كبلد للحرمين الشريفين وقبلة المسلمين من شتى بقاع الأرض وبحكم وزنها السياسي والاقتصادي كأكبر قوة إقليمية في المنطقة. واعتبر اللواء معيض العوفي أن المناورات التي دخلت أسبوعها الثاني عملت على رفع نسبة جهوزية القتال لدى الجيوش المشاركة لحماية الدول العربية والإسلامية من أخطار الإرهاب، بحيث تصبح القوات المشاركة في التمرين على أهبة الاستعداد لمواجهة التحديات من التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها داعش، مشيرا إلى أن الدول الـ20 أعضاء في التحالف الإسلامي ضد الإرهاب الذي أعلنته السعودية أخيرا، بهدف محاربة الإرهاب. وأشار إلى أن هذه المناورات لها عدة دلالات من حيث حجم ووحدة الدول المشاركة، إضافة إلى الرسالة الضمنية التي تنطوي عليها لجهة كونها عربية وخليجية وإسلامية مشتركة. واعتبر المحلل السياسي عبد العزيز محمد قاسم أن أولى رسائل مناورات رعد الشمال هي قدرة تحوّل السعودية من القوة الناعمة الاقتصادية أو الدينية إلى قوة عسكرية صلبة، تستطيع قيادة العالم الإسلامي والعربي لمواجهة إيران دون الاعتماد على الراعي الأميركي الذي انخذل إلى الداخل، وانجفل تاركا المنطقة بأسرها لسيطرة إيران وميليشياتها المتطرفة من جهة، وروسيا التي أتت بطائراتها وعتادها في سوريا. تأكيد قال الخبير الاستراتيجي اللواء أنور عشقي إن مناورات رعد الشمال تأكيد خليجي وعربي على أن عهد الاعتماد العسكري على القوى الكبرى قد ولى بلا رجعة، وأن الأمة العربية والإسلامية، بدأت في رسم ملامح مستقبلها ومصائرها بأيديها.
مشاركة :