دمشق - أصدر الرئيس السوري بشار الأسد مرسومين ضاعف بموجبهما رواتب العاملين في القطاع العام، من مدنيين وعسكريين ومتقاعدين، فيما يأتي هذا القرار بالتزامن مع رفع وزارة التجارة الدعم بشكل كلي عن البنزين، في بلد أنهكت سنوات الحرب اقتصاده ومرافقه. وبعد أكثر من 12 عاما من نزاع دام تشهد سوريا أزمة اقتصادية خانقة، فاقمها زلزال في فبراير/شباط خسرت معها العملة المحلية أكثر من 99 في المئة من قيمتها. ويعيش غالبية السوريين اليوم تحت خط الفقر بينما يعاني أكثر من 12 مليونًا منهم من انعدام الأمن الغذائي، وفق الأمم المتحدة. ونصّ المرسوم الاشتراعي الأول الصادر عن الأسد في وقت متأخر من ليل الثلاثاء، وفق ما نشر الاعلام الرسمي، على "إضافة نسبة مئة في المئة إلى الرواتب لكل العاملين في الدولة من مدنيين وعسكريين". وتضمن المرسوم زيادة الحدّ الأدنى لأجور العاملين في القطاع الخاص الى قرابة 13 دولارا. وتشمل الزيادة وفق المرسوم الثاني "أصحاب المعاشات التقاعدية من العسكريين والمدنيين". ويتراوح راتب الموظف العام بين 10 و25 دولارا بحسب سعر الصرف في السوق السوداء، قبل صدور المرسومين. وعلى وقع تدهور قيمة العملة المحلية، تراجعت قدرات المواطنين الشرائية وباتوا عاجزين عن توفير أبسط احتياجاتهم وسط ارتفاع كبير في أسعار المواد الأساسية، عدا عن انقطاع شبه دائم للتيار الكهربائي وشحّ في المحروقات. وتزامن مرسوما الأسد مع إعلان وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك رفع الدعم كليا عن البنزين وجزئيا عن المازوت. وبات سعر لتر البنزين ثمانية آلاف ليرة (نصف دولار) بعدما كان ثلاثة آلاف ليرة، فيم ارتفع سعر المازوت من 700 إلى ألفي ليرة. وتشهد الليرة السورية تدهورا قياسيا في السوق السوداء حيث يبلغ سعر الصرف 14.300 ليرة مقابل الدولار، وفق تطبيقات إلكترونية غير رسمية، فيما يعادل سعر الصرف الرسمي 8.542 ليرة مقابل الدولار. ويعتمد التجار على سعر الصرف غير الرسمي لتحديد أسعار السلع التي يبيعونها، ما يؤدّي الى ارتفاع تدريجي في ثمنها. وقال المحامي والمحلل الاقتصادي عمار يوسف في دمشق إنّ زيادة الرواتب بالتزامن مع رفع أسعار المحروقات سيؤدّيان إلى "ارتفاع غير مسبوق في الأسعار.. وبالتالي إلى مزيد من التضخّم والفقر". ورأى أنّ صدورهما بشكل متزامن "غير موفّق في ظلّ العقوبات الظالمة المفروضة على سوريا وسيؤدّي بالتالي إلى المزيد من عدم القدرة على ضبط سعر الصرف خصوصاً في السوق السوداء". ولطالما اعتبرت دمشق العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة عليها منذ اندلاع النزاع عام 2011 سبباً أساسياً للتدهور المستمر لاقتصادها. ورغم تراجع وتيرة المعارك في سوريا، حيث أودى النزاع بأكثر من نصف مليون شخص وهجّر ملايين السكان داخل البلاد وخارجها ودمّر البنى التحتية، إلا أنها ما زالت تعاني من ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة.
مشاركة :