@DrAlghamdiMH * يعود سبب التسميتين، المحلية (الغُبْرِي)، والعلمية (الغبار العالق)، إلى جزيئات نوع هذا الغبار. صغيرة الحجم. لا تُرى بالعين المجردة. مع زيادة كثافتها في الهواء، تأخذ اللون البُني الفاتح. ترسم منظرًا يعكر صفاء الجو. نراه أشبه بضباب يحجز حتى أشعة الشمس. هذا اللون البني محور مهم لاستنتاجاتي في رحلتي، لتجميع الملاحظات حول تفسير هذه الظاهرة، وتقديمها لكم كثقافة، وكتوصيات لحل مستدام، كضرورة. * الغبار العالق في سهول تهامة، يتكوَّن من ذرات تربة جافة، غير مرئية، معلّقة في الفراغ. يُثيرها (الهبوب) من الأرض الجافة، والعارية من الغطاء النباتي، تتطاير معه في كل اتجاه. كنتيجة تنخفض الرؤية إلى أقل من واحد كيلو متر. المصيبة أن كمية ذرات الغبار العالق في المتر المكعب في الهواء، تصل إلى أكثر من (7500) ميكرو جرام. (الميكرو جرام عبارة عن وحدة من كتلة تساوي جزءًا من مليون جزء من الجرام). * سيتعاظم أمر هذا الغبار في سهول تهامة.. وجبال الحجاز والسراة، مع استمرار المؤشرات القائمة. ستكون نتائجه ماحقة، في ظل زيادة دفق موجاته الكثيفة سنة بعد أخرى. سيحدث ذلك في ظل استمرار تجاهلنا للبحث عن أسبابه، والحد من تأثيراته السلبية. نحن نعيش مراحل علمية مباركة، جعلتني أتساءل عن أسباب غياب صوت جامعات مناطق جبال الحجاز والسراة، وهي التي تشهد وتعاني من هذه الظاهرة الغبارية. أين صوت إمكانياتها البحثية؟ وضع حد نهائي لهذا النوع من الغبار، أمر ممكن.. وبسهولة، وفق ما تجمّع لشخصي من ملاحظات. المهم أن نبدأ. هل يتم تكليفي بتحقيق ذلك. يا ليت خدمة للبيئة وللأجيال القادمة. * أثناء عبوري الطريق من مدينة (المظيلف) إلى مدينة القنفذة، بطول (50) كلم، واجهت موجة زحف الرمال، بسبب ارتفاع سرعة الهبوب. لاحظت مع تقدم الوقت نحو منتصف النهار، أن سرعته تزيد. كنتيجة تزيد تحركات حبات الرمال، وكثافتها على الطريق. يتحوَّل إلى شبيه الصنفرة، تؤثر في جسد السيارة. مع تجاوز أي سيارة يثير ما يشبه الزوبعة من حبات الرمال. تتحول وبشكل مفاجئ، إلى زخَّات حبوب رملية كثيفة، تحفر في جسم السيارة وزجاجها. بالنسبة لشخصي، هذا أمر عادي، لكثرة ما تعوَّدت عليه على طريق الأحساء ـ الدمام، بطول أكثر من (160) كلم. لكن لاحظت وجود أمر غير عادي في سهول تهامة، يزيد الطين بلّة، كما تقول العرب. * غادرت (كورنيش) مدينة القنفذة، الساعة الثانية ظهرًا، عند درجة حرارة (35) مئوية. متوجهًا إلى مركز (سبت الجارة). واجهت موجة زحف رمال، مع درجة حرارة عالية، تزيد على (42) درجة مئوية في بعض المواقع. هذا يعني أن ارتفاع درجة حرارة الهواء يزيد من سرعة تحركه شرقًا. وهذا يعني أن للهواء الحار دورًا في إثارة الغبار بجميع أنواعه، خاصة (الغُبْرِي). * وجدت نوعَين من الغبار حول الطريق الساحلي، الذي يخترق سهول تهامة من جنوبها إلى شمالها. هذان النوعان يحددهما الطريق الساحلي نفسه؛ حيث يقسّم سهول تهامة إلى شطرَين. شطر غرب الطريق، وهي سهول تحاذي مياه البحر الأحمر. والشطر الثاني يقع شرق الطريق، وهي سهول تحاذي جبال الحجاز والسراة. هذا التقسيم جاء بملاحظتي عن نوعي الغبار الذي شاهدته، وفقًا لعوامل منها سرعة الهبوب، والموقع، ودرجة الحرارة. * الطريق يتعرض من الغرب لزحف حبيبات الرمال المرئية، تتدحرج على سطح الطريق بشكل كثيف. تحمل معها القليل من الغبار العالق (الغُبْرِي) الذي لا تُرى جزيئاته بالعين المجردة. لكن أثناء عبوري بالعرض، عبر سهول تهامة، شرق الطريق الساحلي، متجهًا نحو جبال السراة الشاهقة، لا حظت العكس، موجات عظيمة من زوابع وعواصف (الغُبْرِي – الغبار العالق) مع نقص في زحف حبيبات الرمال المرئية. ماذا يعني هذا؟ ويستمر الحديث بعنوان آخر.
مشاركة :