ثقافة تسليع الأسرة بمكوناتها في المجتمع السعودي - د.منال بنت عبدالعزيز العيسى

  • 8/18/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الأسرة هي النواة الأولى للمجتمع البشري وبصلاحها يصلح وبفسادها يفسد؛ لذا تُولي مراكز الأبحاث الاجتماعية والنفسية والثقافية اهتماها الأكبر بتلك النواة الخلاّقة والمنتجة في المجتمعات الإنسانية. وفي الفترة الأخيرة ظهر ما يمكن أن أسميه بمصطلح «تسليع الأسرة»؛ أي استخدام مكوناتها البشرية «الأطفال - كبار السن» كوسائل دعائية بهدف التكسب المادي، وهذا أمر أراه يشكل خطورة بالغة في ثقافة المجتمع السعودي لأسباب عدة: - التعدي على الطفولة التي يجب أن تكون محاطة بالحب والدفء والحنان والخصوصية المطلقة، واستخدام الأطفال بيومياتهم وحياتهم وملابسهم كوسيلة دعائية تحقق أعلى المشاهدات وبالتالي تستقطب أكبر عدد من الإعلانات لوالديهم، وهذا خطر كبير على المدى البعيد، لذا فإني أطالب هيئة شؤون الأسرة في المملكة العربية السعودية بحماية حق الطفولة ومنع أي استخدام للأطفال عبر وسائل التواصل الاجتماعية، ولدينا من الأمثلة الكثير والكثير من الأطفال الذين حولتهم أسرهم لسلع تسويقية بعرض يومياتهم أو أنشطتهم أو ملابسهم. - التعدي على كبار السن «الآباء - الأمهات»، وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى ببرهم واحترامهم، فكيف يمكن فهم من يستخدم تلك الفئة الغالية على قلوبنا بتاريخها وخبراتها في مسلسل ليومياتهم كسلع تهدف لاستقطاب أكبر عدد من المشاهدات، وبالتالي الإعلانات المدفوعة الثمن، وقد يظهر بعض المستغلين لأهلهم بصورة البار الذي يسافر بهم ويدَّعي الرحمة واللين والإحسان، وقد يكون صادقًا في مشاعره، لكنه جرح مشاعرنا وبالتأكيد مشاعر كبار السن من والديه، وهنا أطالب هيئة حقوق الإنسان فيما يخص كبار السن بالتصدي لتلك السلوكيات ومنعها. وفيما أعتقد أن ثقافة تسليع الأسرة دخيلة على المجتمع السعودي المحافظ والذي يرفض مثل تلك الثقافات التي تهدم ولا تبني، تكسر ولا تجبر، تأخذ ولا تعطي وتنتج جيلاً ممزقًا بسيف المادية البشعة التي تستهدف نواة المجتمع بأركانه المهمة والتي ينتظر منها المجتمع العطاء والبناء بالعلم والعمل والأخلاق الحميدة، كيف سيكون ذلك إذا ما صدر الإعلام نماذج لا تعمل وتستهلك يومها بتصوير أولادها وأهل بيتها وتحقق من وراء ذلك ثروة سهلة دون أدني جهد أو علم أو عمل؟ أما وقد كان وشاعت تلك الثقافة في المجتمع السعودي وأصبحت تلك النماذج قدوة غير حسنة فإني أطالب الجهات المعنية مثل: وزارة الإعلام وهيئة شؤون الأسرة وهيئة حقوق الإنسان والنيابة العامة بسرعة حفظ الأسرة السعودية بأركانها ومكوناتها من هذا العبث الإعلاني التسويقي. ** ** - أستاذ النقد والفلسفة بجامعة الملك سعود

مشاركة :