وجيه يسى: كل معرض جديد يظل تجربة ومحاولات

  • 8/21/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

سعيد ياسين (القاهرة) «لوحاته معزوفة تشكيلية مؤدّاة بتآليف بصرية لونية وكتل متتابعة يبدو للناظر إليها، سواء أكانت اللوحة عنصراً أم مجموعة عناصر وجهاً أم جسداً، لوحات مشحونة بالحركة المتناغمة، وإيقاعات تتآلف فيها أصوات النفخ وأنين الأوتار، وأم كلثوم فيها المايسترو الأسطوري العملاق بكتلتيها الجسد والرأس بتفاصيل الفم والعيون والشعر والأثواب، كأنها جمع بصيغة مفرد تقول: أنا هنا».. هكذا يرى الناقد التشكيلي السوري بشار العيسى أعمال الفنان وجيه يسى ومعرضه الأخير في حي الزمالك بالقاهرة. يسى -من رواد فن البورتريه- يقول لـ«الاتحاد»، إنه كلما أقام معرضاً جديداً يشعر أنه يظل تجربة ومحاولات، ما يجعله ينتقد أعماله بقسوة، ورغم ممارسته للرسم منذ نصف قرن لا يزال يقف على شاطئه، لإيمانه بأنه مجال ثري وضخم، وأن النقد الذاتي يدفع الفنان لتطوير نفسه. ولا يدعي أنه يرسم البورتريه بخطوط ذات رسائل ودلالات للكشف عن سمات شخصية بعينها أو نمط حياتي محدد، ولكنه يتعامل مع مشروع البورتريه على أساس عملية تشريح وزوايا رؤية ومزيج لوني خاص، ويؤمن بأن الملامح الإنسانية المجردة للشخص كفيلة بأن تعبر عن مواصفاته ورسالته في الحياة. أخبار ذات صلة الإمارات.. جهود حثيثة لدعم ضحايا الإرهاب إقليمياً وعالمياً 100 يوم على انطلاق «COP28» أم كلثوم رغم عشرات اللوحات التي رسمها لكبار المشاهير، مثل نجيب محفوظ وطه حسين وبليغ حمدي ومحمد عبدالوهاب، وعبر من خلالها عن جوهر نفوس أصحابها ورحلاتهم الإبداعية، فإن رسوماته لأم كلثوم تبقى الأقرب إلى قلبه، ما يجعلها حاضرة في كل معارضه، وأقام معرضاً خاصاً عنها، بعنوان «صبا»، لأنه يعتبرها ملهمة بكل أغانيها، واختياراتها وتجربتها التي أسرته بكل تفاصيلها منذ قرأ عنها، فتاة ريفية، استطاعت أن تتعلم وتثقف نفسها، وتظل على القمة لسنوات طويلة، لم يتمكن من منافستها أحد، ولا تزال حتى الآن محتفظة بمكانتها رغم رحيلها منذ عام 1975. الناقد عز الدين نجيب الذي قام بافتتاح المعرض، قال لـ«الاتحاد»، إن وجيه يسى لا يقصد أن تنتمى لوحاته إلى مدرسة فنية معينة، ولا أن تحمل رسالة معينة إلى المشاهدين، فرسائله يرسلها إلى نفسه قبل أي شخص آخر، يستمتع بها ويطرب، أو يطل من خلالها إلى داخل أعماقه، أو يستكشف شيئاً لا يعرف حقيقته، وقد يتولد المعنى لديه خلال عملية الرسم أو بعد اكتماله ويكون كفنان أول من يفاجأ به، لكنه يترك لكل متلقٍ حرية استقبال الطاقة المنبعثة من اللوحة أو تأويل موضوعها ودلالتها تبعاً لحالته ومزاجه وفكره. لمسات تجريدية أشار الناقد السوري بشار العيسى إلى أنه وهو يتابع إبداعات وجيه يسى يشعر أنه يعيد بها التحية لتاريخ التشكيل المصري في أصالته العريقة لأدهم وانلي وجاذبية سري وراغب عياد وحامد ندا وجورج البهجوري، ويذهب به الخيال إلى إعجابه الكبير بمصر الحضارة والفنون والجغرافيا، لوحاته تشكيل انطباعي تعبيري، منسوجة موشحة بلمسات تجريدية غنائية. ولوحاته عن أم كلثوم، رغم أنه رسمها من قبل فنانون مصريون وعرب وأرمن كثيرون، إلا أن يسى يريد للوحاته عنها أن ترتقي كترنيمة بصرية لمدارج حنجرة كوكب الشرق وحضورها الجلي بمن معها وما حولها، ترنيمة خاصة بلعبه التشكيلي، يوزع فيها وعليها ضياءات وإضاءات لونية حيث تخرج من تحت فرشاته رقائق ترتصف فوق وبجوار بعضها كأنها قطع الزجاج الملون. قائد أوركسترا وقال الفنان السوري سرور علواني، إن إنتاج وجيه يسى الفني ينم عن مدى تمكنه في توجيه الفرشاة كقائد أوركسترا يوجه موسيقييه لإنتاج سيمفونية ممتعة، فتأتي الأدوات في انصياع بين أنامله واستخدام فرشاة شفافة إلى الفرشاة العطشى المشبعة بكثافة اللون، ليوظفها بتوجيه من ذائقته وخبرته المديدة ومتابعة من بصره، لتحقيق أجمل توليفة بين عناصر العمل، فيقدم عملاً مبهراً ينال احترام الفنانين والهواة. ويرى الفنان سمير عبدالغني أن يسى يملك مفتاحاً لكل شخص يرسمه، ولا يبحث عن نقطة ضعفه كما يفعل رسامو الكاريكاتير، ولكنه يبحث بداخله عن أجمل ما فيه ليقدمه له هدية روحية من فنان يمنح الناس السعادة، ويبحث في لوحاته عن المعنى وليس الشكل، ويلعب بالألوان باحثاً عن السر الأبدي الذي يمنح الإبداع التفرد والخلود، يرسم إحساسه ومشاعره تجاه ما يراه، مشغول بالمساحة والخط واللون، يحاول التعبير عن أحلامنا داخل العمل، ويبحث في لوحاته عن النور الداخلي الذي يظهر كدفء الشمس، وتمتلئ أعماله بطاقة روحية لا يمكن تعليمها، إنما هي منحة ربانية. رحلة إبداع ولد وجيه يسى في فبراير 1955 بالقاهرة، وحصل على ليسانس الآداب قسم اللغة الإنجليزية، وعمل رساماً بمجلتي روزاليوسف، وصباح الخير، وأقام عشرات المعارض، وأحد رواد فن البورتريه التعبيري بالألوان المائية والزيت وقام بإعداد أغلفة كتب نجيب محفوظ باللغة الإنجليزية بالجامعة الأميركية بالقاهرة، ومن أنجح فناني البورتريه عالمياً.

مشاركة :