قراءة في صفقة تبادل السجناء بين واشنطن وطهران

  • 8/21/2023
  • 02:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

في‭ ‬أغسطس‭ ‬2023،‭ ‬أطلق‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬سراح‭ ‬خمسة‭ ‬أمريكيين‭ ‬مزدوجي‭ ‬الجنسية‭ ‬ونقلهم‭ ‬للإقامة‭ ‬الجبرية،‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬صفقة‭ ‬تم‭ ‬التفاوض‭ ‬عليها‭ ‬مع‭ ‬أمريكا،‭ ‬وتوسط‭ ‬فيها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تقيم‭ ‬علاقات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬طهران‭ ‬وواشنطن‭. ‬ وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬التوترات‭ ‬السياسية‭ ‬والأمنية‭ ‬بين‭ ‬أمريكا‭ ‬وإيران،‭ ‬وكجزء‭ ‬من‭ ‬مبادرة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬غير‭ ‬رسمية‭ ‬جديدة‭ ‬أُعلِنت‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬يونيو‭ ‬2023،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الإدارة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬لـ«بايدن‮»‬‭ ‬وافقت‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬صفقة‭ ‬تبادل‭ ‬سجناء‭ ‬مع‭ ‬طهران،‭ ‬ويتم‭ ‬بموجبها‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬المعتقلين‭ ‬وإعادتهم،‭ ‬وستسمح‭ ‬واشنطن‭ ‬بدورها‭ ‬بوصول‭ ‬طهران‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ (‬6‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭) ‬من‭ ‬أموال‭ ‬مبيعات‭ ‬النفط‭ ‬الإيراني‭ ‬السابقة‭ ‬إلى‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يخضع‭ ‬هذا‭ ‬للأغراض‭ ‬السلمية،‭ ‬وبما‭ ‬يتفق‭ ‬مع‭ ‬المعايير‭ ‬الصارمة‭ ‬للعقوبات‭ ‬الغربية‭.‬ وأشار‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬مايكل‭ ‬كراولي‭ ‬ورونين‭ ‬بيرجمان‭ ‬وفرناز‭ ‬فاسيحي‭ ‬من‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الصفقة‭ ‬تم‭ ‬التفاوض‭ ‬بشأنها‭ ‬بشق‭ ‬الأنفس‭ ‬بين‭ ‬الدبلوماسيين‭ ‬المعنيين،‭ ‬وقد‭ ‬تفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬استئناف‭ ‬المحادثات‭ ‬حول‭ ‬مستقبل‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬والأنشطة‭ ‬الإقليمية‭ ‬الخبيثة‭. ‬ كما‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬قوة‭ ‬معارضة‭ ‬محلية‭ ‬للإدارة‭ ‬الامريكية‭ ‬الحالية‭ -‬وخاصة‭ ‬الجمهوريين‭ ‬في‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭- ‬الذين‭ ‬شبه‭ ‬أحدهم‭ ‬الصفقة‭ ‬بعملية‭ ‬استرضاء‭ ‬وخنوع،‭ ‬وهذا‭ ‬الوصف‭ ‬يشير‭ ‬بوضوح‭ ‬إلى‭ ‬استمرار‭ ‬الخلاف‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني،‭ ‬والعقبات‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتغلب‭ ‬عليها‭ ‬الصفقة،‭ ‬خاصة‭ ‬بشأن‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬وعدم‭ ‬الانتشار‭ ‬النووي‭.‬ على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬بايدن‭ ‬يحاول‭ ‬تغيير‭ ‬سياسات‭ ‬الضغوط‭ ‬القصوى‭ ‬على‭ ‬إيران،‭ ‬وتنشيط‭ ‬التواصل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬لاستعادة‭ ‬خطة‭ ‬العمل‭ ‬الشاملة‭ ‬المشتركة،‭ ‬التي‭ ‬تفاوض‭ ‬عليها‭ ‬أوباما‭ ‬في‭ ‬2015،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬انهيار‭ ‬مفاوضات‭ ‬فيينا‭ ‬2022،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الهجمات‭ ‬الإيرانية‭ ‬المتزايدة‭ ‬على‭ ‬عمليات‭ ‬الشحن‭ ‬التجارية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬والقمع‭ ‬الداخلي‭ ‬ضد‭ ‬المتظاهرين،‭ ‬والمساعدة‭ ‬العسكرية‭ ‬لروسيا‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬حولت‭ ‬العلاقات‭ ‬الأمريكية‭-‬الإيرانية،‭ ‬الهشة‭ ‬بالفعل،‭ ‬إلى‭ ‬علاقات‭ ‬عدائية‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة‭.‬ وهناك‭ ‬مصدر‭ ‬آخر‭ ‬للعداء‭ ‬وهو‭ ‬الاعتقال‭ ‬المتكرر‭ ‬للرعايا‭ ‬الأجانب،‭ ‬بتهم‭ ‬ملفقة،‭ ‬واستخدامهم‭ ‬لاحقًا‭ ‬كرهائن‭ ‬سياسيين‭ ‬ودبلوماسيين‭ ‬لتأمين‭ ‬امتيازات‭ ‬اقتصادية‭ ‬لطهران،‭ ‬وعلى‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬أفاد‭ ‬جون‭ ‬جامبريل‭ ‬وماثيو‭ ‬لي‭ ‬من‭ ‬أسوشيتيد‭ ‬برس‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬عرف‭ ‬باستهداف‭ ‬ذوي‭ ‬الجنسية‭ ‬المزدوجة،‭ ‬ولا‭ ‬تعترف‭ ‬الحكومة‭ ‬الإيرانية‭ ‬بالجنسية‭ ‬المزدوجة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمنع‭ ‬السفارات‭ ‬الغربية‭ ‬من‭ ‬لقاء‭ ‬المحتجزين‭ ‬وتجاهل‭ ‬حقوقهم‭.‬ وفي‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬الأخيرة‭ ‬تم‭ ‬تحقيق‭ ‬اختراق‭ ‬دبلوماسي‭ ‬نادر‭ ‬بين‭ ‬الحكومتين،‭ ‬فبعد‭ ‬إجراء‭ ‬مناقشات‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬حول‭ ‬إمكانية‭ ‬الإفراج‭ ‬عن‭ ‬السجناء‭ ‬الأمريكيين‭ ‬والإيرانيين،‭ ‬وصفقة‭ ‬التبادل‭ ‬الخاصة‭ ‬بهم‭ -‬والتي‭ ‬أفادت‭ ‬إن‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬نيوز‭ ‬أن‭ ‬دبلوماسيين‭ ‬من‭ ‬إنجلترا‭ ‬وقطر‭ ‬لعبوا‭ ‬فيها‭ ‬دور‭ ‬الوسيط‭- ‬تم‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬2023‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬خمسة‭ ‬مواطنين‭ ‬مزدوجي‭ ‬الجنسية‭ ‬من‭ ‬سجن‭ ‬إيفين‭ ‬في‭ ‬طهران،‭ ‬وانتقلوا‭ ‬إلى‭ ‬الإقامة‭ ‬الجبرية‭ ‬حتى‭ ‬تحريرهم‭. ‬ وأشار‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬دان‭ ‬دي‭ ‬لوس،‭ ‬وأندريا‭ ‬ميتشل،‭ ‬وأبيجيل‭ ‬ويليامز‭ ‬من‭ ‬إن‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬نيوز‭ ‬أنه؛‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬كان‭ ‬يتم‭ ‬وضع‭ ‬الأمريكيين‭ ‬والسجناء‭ ‬الأجانب‭ ‬الآخرين‭ ‬الذين‭ ‬من‭ ‬المقرر‭ ‬إطلاق‭ ‬سراحهم‭ ‬قيد‭ ‬الإقامة‭ ‬الجبرية‭ ‬قبل‭ ‬نقلهم‭ ‬إلى‭ ‬الخارج،‭ ‬كما‭ ‬أشارت‭ ‬الجارديان‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬الإقامة‭ ‬الجبرية‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬بدء‭ ‬سريان‭ ‬عملية‭ ‬تبادل‭ ‬سجناء‭ ‬محتملة‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وطهران‭.‬ ويعتمد‭ ‬إتمام‭ ‬هذه‭ ‬الصفقة‭ ‬على‭ ‬امتثال‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬للإفراج‭ ‬عن‭ ‬الأموال‭ ‬الإيرانية‭ ‬المجمدة‭ ‬أيضًا،‭ ‬وأوضح‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬دي‭ ‬لوس‭ ‬وميتشل‭ ‬وويليامز‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2012‭ ‬و2019،‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬قامت‭ ‬بالسماح‭ ‬لـسيول‭ ‬بشراء‭ ‬النفط‭ ‬الإيراني،‭ ‬لكنها‭ ‬منعت‭ ‬طهران‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬عائدات‭ ‬مبيعاتها‭ ‬النفطية‭.‬ وبالتالي،‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬تنفيذ‭ ‬ترتيبات‭ ‬الصفقة‭ ‬الآن،‭ ‬فستتمكن‭ ‬الحكومة‭ ‬الإيرانية‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الأموال‭ ‬عبر‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬القطري،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬للأغراض‭ ‬الإنسانية‭ ‬وحسب،‭ ‬وذلك‭ ‬ووفقًا‭ ‬للعقوبات‭ ‬الغربية‭ ‬الصارمة‭. ‬ وأفاد‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬جامبريل‭ ‬ولي‭ ‬بأن‭ ‬التحويل‭ ‬النهائي‭ ‬للأموال‭ -‬والإفراج‭ ‬عن‭ ‬المعتقلين‭ ‬الخمسة‭- ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬خلال‭ ‬الشهر‭ ‬المقبل،‭ ‬لكن‭ ‬الأمر‭ ‬معقد‭ ‬بسبب‭ ‬الطبيعة‭ ‬المعقدة‭ ‬للصفقات‭ ‬المالية،‭ ‬وفي‭ ‬غضون‭ ‬ذلك،‭ ‬أضافت‭ ‬إن‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬نيوز‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يساعد‭ ‬الدبلوماسيون‭ ‬السويسريون‭ -‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬من‭ ‬خلالهم‭ ‬إجراء‭ ‬المحادثات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬مع‭ ‬طهران‭ ‬عادة‭- ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬الصفقة‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬السفير‭ ‬السويسري‭ ‬في‭ ‬إيران‭.‬ وتتمتع‭ ‬صفقات‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬السجناء‭ ‬وعمليات‭ ‬تبادلهم‭ ‬بين‭ ‬أمريكا‭ ‬وإيران‭ ‬بسوابق‭ ‬تاريخية‭ ‬قديمة؛‭ ‬حيث‭ ‬أشار‭ ‬جامبريل‭ ‬ولي‭ ‬إلى‭ ‬حادث‭ ‬الاستيلاء‭ ‬على‭ ‬السفارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬طهران،‭ ‬وأزمة‭ ‬الرهائن‭ ‬1979،‭ ‬كما‭ ‬تمت‭ ‬مقايضة‭ ‬مماثلة‭ ‬للصفقة‭ ‬التبادل‭ ‬الراهنة‭ ‬في‭ ‬2016؛‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وافقت‭ ‬إدارة‭ ‬أوباما‭ ‬على‭ ‬خطة‭ ‬العمل‭ ‬الشاملة‭ ‬المشتركة‭ (‬JCPOA‭)‬،‭ ‬تم‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬أربعة‭ ‬أسرى‭ ‬أمريكيين‭ ‬مقابل‭ ‬تسليم‭ (‬400‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭) ‬نقدًا‭ ‬إلى‭ ‬طهران‭. ‬ وقد‭ ‬حذر‭ ‬جاريد‭ ‬جينسر،‭ ‬محامي‭ ‬أحد‭ ‬السجناء،‭ ‬سياماك‭ ‬نمازي،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬هي‭ ‬بداية‭ ‬النهاية‭ ‬ولا‭ ‬شيء‭ ‬أكثر،‭ ‬مضيفًا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬ضمانات‭ ‬بشأن‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يحدث‭ ‬مستقبلًا،‭ ‬كما‭ ‬أشارت‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي‭ ‬أدريان‭ ‬واتسون‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬السجناء‭ ‬يعد‭ ‬خطوة‭ ‬لتحسين‭ ‬للعلاقات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الإيرانية،‭ ‬لكنه‭ ‬أصر‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ينبغي‭ ‬أبدًا‭ ‬احتجازهم‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭.‬ وأشارت‭ ‬الجارديان‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬تحويل‭ ‬مالي‭ ‬بين‭ ‬أمريكا‭ ‬وإيران‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إعادة‭ ‬السجناء‭ ‬كان‭ ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬توجيه‭ ‬انتقادات‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجمهوريين،‭ ‬بأن‭ ‬بايدن‭ ‬دفع‭ ‬فعليًا‭ ‬فدية‭ ‬لتحرير‭ ‬مواطني‭ ‬بلاده،‭ ‬وأنه‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬أموال‭ ‬طهران‭ ‬المجمدة‭ ‬في‭ ‬الأغراض‭ ‬الإنسانية،‭ ‬أصبح‭ ‬يمكن‭ ‬توجيهها‭ ‬للبرنامج‭ ‬النووي‭.‬ وعلق‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬مايك‭ ‬بنس‭ ‬بإن‭ ‬الدرس‭ ‬المستفاد‭ ‬من‭ ‬صفقة‭ ‬الإفراج‭ ‬عن‭ ‬السجناء،‭ ‬أن‭ ‬الحكومتين‭ ‬الصينية‭ ‬والروسية‭ ‬ستعرفان‭ ‬الآن‭ ‬أن‭ ‬سعر‭ ‬احتجاز‭ ‬الرهائن‭ ‬الأمريكية‭ ‬قد‭ ‬ارتفع‭ ‬للتو،‭ ‬وأنهما‭ ‬يمتلكان‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬النفوذ‭ ‬لتبني‭ ‬عودة‭ ‬مماثلة‭ ‬لتحرير‭ ‬المواطنين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬من‭ ‬سجونهما،‭ ‬وبالاتفاق‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬النقطة،‭ ‬شجب‭ ‬ريتشارد‭ ‬غولدبرغ‭ ‬مسؤول‭ ‬سابق‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬ترامب،‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬باعتباره‭ ‬قرارًا‭ ‬يوفر‭ ‬سابقة‭ ‬رهيبة‭ ‬في‭ ‬سياسة‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الرهائن‭.‬ كما‭ ‬أثارت‭ ‬مساعي‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬للتعامل‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬وغير‭ ‬رسمي‭ ‬مع‭ ‬طهران،‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬القنوات‭ ‬التشريعية‭ ‬الرسمية‭ ‬غضب‭ ‬المشرعين‭ ‬في‭ ‬واشنطن،‭ ‬حيث‭ ‬حث‭ ‬مايكل‭ ‬ماكول‭ ‬رئيس‭ ‬لجنة‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬بمجلس‭ ‬النواب‭ ‬الأمريكي‭ ‬بايدن‭ ‬على؛‭ ‬تذكر‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬الأمريكي‭ ‬يتطلب‭ ‬تقديم‭ ‬أي‭ ‬اتفاق‭ ‬أو‭ ‬ترتيب‭ ‬أو‭ ‬تفاهم‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬إلى‭ ‬الكونجرس‭ ‬للموافقة‭ ‬عليه‭ ‬مسبقًا،‭ ‬كما‭ ‬أشارت‭ ‬السناتور‭ ‬الجمهورية‭ ‬ديب‭ ‬فيشر‭ ‬إلى‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬باعتباره‭ ‬خصمًا‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬و‭ ‬دولة‭ ‬راعية‭ ‬الإرهاب،‭ ‬وعليه‭ ‬فيعتبر‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬اتفاق‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭ ‬الإيرانية‭ ‬يرقى‭ ‬إلى‭ ‬محاولة‭ ‬الالتفاف‭ ‬على‭ ‬صلاحيات‭ ‬الكونجرس‭ ‬الرقابية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭.‬ وبعيدًا‭ ‬عن‭ ‬غضب‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري،‭ ‬رأى‭ ‬كريم‭ ‬سجادبور‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬كارنيغي‭ ‬للسلام،‭ ‬أن‭ ‬الاتفاقية‭ ‬المرتقبة‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬سيكون‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬موقف‭ ‬فيلق‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإسلامي،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تعتبره‭ ‬حكومة‭ ‬أمريكا‭ ‬منظمة‭ ‬إرهابية‭ ‬أجنبية‭.‬ إن‭ ‬قوة‭ ‬المعارضة‭ ‬لقرار‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬أن‭ ‬المساعي‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬الدعم‭ ‬والمساندة،‭ ‬ففي‭ ‬الواقع‭ ‬صرح‭ ‬كريس‭ ‬مورفي‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬بأنه‭ ‬سعيد‭ ‬بإطلاق‭ ‬سراح‭ ‬المحتجزين‭ ‬مزدوجي‭ ‬الجنسية‭ ‬من‭ ‬السجون‭ ‬الإيرانية،‭ ‬وأشاد‭ ‬بالجهود‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬المستمرة‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬ذلك‭ ‬ممكنًا‭.‬ وقد‭ ‬كتب‭ ‬إلدار‭ ‬ماميدوف‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬كوينسي‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬هي‭ ‬فوز‭ ‬للدبلوماسية،‭ ‬وأمريكا‭ ‬أيضًا،‭ ‬وليست‭ ‬كما‭ ‬يظن‭ ‬كبار‭ ‬الجمهوريين‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬الصفقة‭ ‬ستشجع‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬وتقوي‭ ‬شوكته؛‭ ‬حيث‭ ‬أشار‭ ‬القادة‭ ‬في‭ ‬طهران‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لديهم‭ ‬خيار‭ ‬سوى‭ ‬الإذعان‭ ‬للمطالب‭ ‬الغربية‭ ‬وتحرير‭ ‬الأموال‭ ‬المجمدة،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬إنفاق‭ ‬صارمة‭ ‬بالوقت‭ ‬الراهن‭.‬ وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أفاد‭ ‬كراولي‭ ‬وبرجمان‭ ‬وفاسيحي‭ ‬بأن‭ ‬تبادل‭ ‬السجناء‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬احتمالات‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬الدبلوماسي،‭ ‬لاسيما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بـأزمة‭ ‬برنامج‭ ‬إيران‭ ‬النووي‭ ‬المستمرة،‭ ‬وأفاد‭ ‬هنري‭ ‬روم‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬واشنطن‭ ‬لسياسة‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى،‭ ‬أن‭ ‬الصفقة‭ ‬خطوة‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬لجهود‭ ‬واشنطن‭ ‬وطهران‭ ‬لخفض‭ ‬التوترات،‭ ‬بينما‭ ‬يتطلعان‭ ‬إلى‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬المفاوضات‭ ‬النووية‭ ‬الرسمية‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬لاحق‭ ‬في‭ ‬2023‭ ‬برعاية‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭.‬ وأشار‭ ‬مراسلو‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬إلى‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬يتزامن‭ ‬فيه‭ ‬اتفاق‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬السجناء،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يسعي‭ ‬فيه‭ ‬كلا‭ ‬الخصمين‭ ‬لإبرام‭ ‬اتفاق‭ ‬غير‭ ‬رسمي‭ ‬تقوم‭ ‬بموجبه‭ ‬إيران‭ ‬بتقييد‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‭ ‬ولتخصيب‭ ‬اليورانيوم‭ ‬بنسبة‭ ‬لا‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬60%،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الميليشيات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬بالوكالة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬امتناع‭ ‬واشنطن‭ ‬عن‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬طهران‭.‬ بينما‭ ‬أشار‭ ‬كراولي‭ ‬وبرجمان‭ ‬وفاسيحي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬صفقة‭ ‬الإفراج‭ ‬عن‭ ‬السجناء،‭ ‬واتفاق‭ ‬طهران‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2023‭ ‬مع‭ ‬السعودية‭ ‬لإعادة‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الرسمية؛‭ ‬تعتبر‭ ‬تلميحات‭ ‬واضحة‭ ‬لرغبة‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬سياسة‭ ‬خارجية‭ ‬غير‭ ‬صدامية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬سجادبور‭ ‬أصر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬يحتاج‭ ‬لتصوير‭ ‬واشنطن‭ ‬كخصمه‭ ‬اللدود‭ ‬لتعزيز‭ ‬شرعيته‭ ‬الداخلية،‭ ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬طهران‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬لعقد‭ ‬صفقات‭ ‬تكتيكية‭ ‬عندما‭ ‬يتم‭ ‬تنفيذها‭ ‬اقتصاديًا،‭ ‬فإن‭ ‬عداءها‭ ‬تجاه‭ ‬أمريكا‭ ‬يظل‭ ‬أمرًا‭ ‬استراتيجيًا‭ ‬ودائمًا‭. ‬ ويرى‭ ‬كراولي،‭ ‬وبرجمان،‭ ‬وفاسيحي‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬واعية‭ ‬للانتقادات‭ ‬التي‭ ‬تعرضت‭ ‬لها‭ ‬سياستها‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬المعارضين‭ ‬السياسيين‭ ‬محليًا،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أصر‭ ‬أنتوني‭ ‬بلينكين‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬أمريكا‭ ‬ستستمر‭ ‬في‭ ‬فرض‭ ‬جميع‭ ‬عقوباتها‭ ‬والتصدي‭ ‬بحزم‭ ‬لأنشطة‭ ‬إيران‭ ‬المزعزعة‭ ‬للاستقرار،‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وخارجها‭.‬ وفي‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬ومع‭ ‬استمرار‭ ‬العداء‭ ‬من‭ ‬كلا‭ ‬الجانبين،‭ ‬يجب‭ ‬عدم‭ ‬المبالغة‭ ‬في‭ ‬أهمية‭ ‬هذا‭ ‬النجاح‭ ‬الدبلوماسي؛‭ ‬حيث‭ ‬أشار‭ ‬ماميدوف‭ ‬بالفعل‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الصفقة‭ ‬حالة‭ ‬واحدة‭ ‬وليست‭ ‬مقدمة‭ ‬لمحادثات‭ ‬أكثر‭ ‬شمولية‭ ‬بين‭ ‬واشنطن،‭ ‬وطهران‭. ‬ ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬إنكار‭ ‬إنجازات‭ ‬صفقة‭ ‬تبادل‭ ‬السجناء،‭ ‬حيث‭ ‬يشير‭ ‬ماميدوف‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة‭ ‬أنها‭ ‬أنهت‭ ‬معاناة‭ ‬المحتجزين‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬وأنها‭ ‬أثبتت‭ ‬أن‭ ‬بايدن‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬في‭ ‬تجاهل‭ ‬الصقور‭ ‬داخل‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬ومراكز‭ ‬الأبحاث‭ ‬المعنية‭ ‬بالسياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭.‬ إن‭ ‬سعي‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬للتوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬مع‭ ‬طهران،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬غير‭ ‬رسمي‭ ‬وتم‭ ‬تحقيقه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وساطة‭ ‬دقيقة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القوى‭ ‬الأوروبية‭ ‬والشرق‭ ‬أوسطية‭ ‬يثبت‭ ‬حجم‭ ‬حماسها‭ ‬للاستمرار‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الموجة‭ ‬الهائلة‭ ‬من‭ ‬المعارضة‭ ‬الداخلية،‭ ‬فإدارة‭ ‬بايدن‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬لتنفذ‭ ‬الصفقة‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬واثقة‭ ‬من‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬تحمل‭ ‬أي‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬سياسي‭ ‬وشيك‭.‬

مشاركة :