الأردن وخط الفقر المائي المطلق (1 - 2)

  • 8/22/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تعود مشكلة المياه في الأردن الى ان معظم مصادر مياهه السطحية منها والجوفية مشتركة مع دول الجوار. وظهرت المشكلة الى السطح مع بداية خمسينات القرن الماضي، الامر الذي دفع الرئيس الأميركي عام 1953 لإرسال مبعوثه الشخصي للمنطقة لدراسة الوضع وتقديم مقترح لتقاسم مياه حوض نهر الأردن بين الدول المشتركة فيه، وحسب خطة جونسون المقدمة عام 1956 فقد حصلت المملكة على 720 مليون متر مكعب من مياه حوض نهر الاردن، منها 479 مليون للضفة الشرقية، إلا أن الأردن لم يتمكن من الحصول على الحصة المخصصة له لاعتبارات كثيره. اما حوض اليرموك المشترك مع سورية فقد تم الاتفاق معها عام 1987 لتحديد حصة الأردن وبواقع 400 مليون متر مكعب سنوياً، إلا أن الكميات الواصلة منها حالياً لا تتجاوز 20 ℅ منها. تفاقمت مشكلة المياه في الأردن عبر العقود الماضية، بسبب الزيادة السكانية غير الطبيعية وعدم الحصول على الحقوق المائية والتغيرات المناخية التي ظهر تأثيرها بشكل حاد في السنوات الأخيرة، مما أدى الى انخفاض حصة المواطن الأردني من المياه لتصل الى 61 مترا مكعب سنوياً (حسب معطيات استراتيجية المياه الصادرة عن الوزارة للأعوام(2023-2040)، وهي تشكل ما نسبته 12.2 ℅ من القيمة المحددة عالمياً لخط الفقر المائي المطلق (500 متر مكعب للفرد سنوياً)، وهنا فإنه يصعب إيجاد تسمية مناسبة لكميات المياه المخصصة للفرد في الأردن بالنسبة لخط الفقر المائي. إن معطيات وزارة المياه تشير الى ان كميات المياه المتاحة لكافة القطاعات لعام 2021 كانت حوالي 1093 مليون متر مكعب، منها 307 ملايين متر مكعب مياه سطحية (بما فيها 50 مليون يتم الحصول عليها كنتيجة لاتفاقية السلام مع إسرائيل) و618 مليون متر مكعب يتم ضخها من الأحواض الجوفية المتجددة منها وغير المتجددة (هذا مع العلم بأن الضخ الآمن من الأحواض الجوفية يجب ألا يتجاوز 420 مليون متر مكعب)، الامر الذي أدى الى استنزاف احواض المياه الجوفية وانخفاض مستوى سطحها من 25 الى 75 مترا في معظم مناطق المملكة، لا بل وصل في بعض المناطق الى ما يقارب 100 متر خلال 22 سنة فقط (مناطق اربد باتجاه اليرموك والمفرق باتجاه الرمثا وجنوب الكرك وغيرها)، وذلك حسب الدراسة المقدمة من المعهد الاتحادي لعلوم الأرض والموارد الطبيعية الألماني (BGR) عام 2017. إن مثل هذا الاستنزاف للمياه الجوفية وانخفاض كميات المياه المغذية لها أدى الى تدني جودة المياه الجوفية من حيث ارتفاع نسبة الملوحة فيها، واختفاء ما يقارب من 195 من الينابيع في المملكة التي كانت تساهم في التزويد بكميات من المياه الصالحة للشرب والزراعة، وحسب (BGR ( فإن 23 من الينابيع تستخدم مياهها لأغراض الشرب، وتزود قطاع المياه بحوالي 20 مليون متر مكعب سنوياً في مناطق عجلون وغرب عمان ومأدبا والكرك والطفيلة). تشير التقارير إلى أن وزارة المياه تعمل جاهدة لتوزيع كميات المياه المتاحة (1093 مليون متر مكعب) بين القطاعات المختلفة للمحافظة على عملية الاستدامة، فقد خصصت حوالي 519 مليون متر مكعب لأغراض الشرب، و531 مليون لأغراض الزراعة (منها 167 مليون متر مكعب من المياه المعالجة)، والباقي لقطاع الصناعة والاستخدامات الأخرى، وبذلك فهي اقل من 20 ℅ من كميات المياه الواجب توفرها للوصول الى حد الفقر المطلق (على اعتبار ان سكان المملكة 11 مليون نسمه)، حسب بيانات وزارة المياه. إن استنزاف الأحواض الجوفية للمياه والاجهاد المائي للمياه السطحية والمهددة بالانخفاض بنسب تتراوح بين 10-20 ℅ بسبب التأثيرات المناخية على الهطول المطري واعتداءات دول الجوار، انعكس سلباً على كميات المياه التي من المفروض ان يتم تخزينها في السدود، والتي وصلت الى 280 مليون متر مكعب فقط، بينما تصل السعة التخزينية للسدود في المملكة 356 مليون متر مكعب تقريباً، باستثناء سد الكرامة البالغ سعته 55 مليون متر مكعب وذلك للملوحة العالية للمياه المخزنة في جسمه. إن مثل هذا الوضع فرض على الحكومة اللجوء الى البحث عن مصادر أخرى للمياه (شراء 50 مليون متر مكعب من إسرائيل العام الماضي، حسب تصريحات معالي وزير المياه) غير التقليدية كمشروع الناقل الوطني، والذي من المتوقع ان يوفر ما يقارب 350 مليون متر مكعب، والتي من الممكن ان تكون متاحة في عام 2028 في أحسن حال، وبتكلفة مالية قد تتجاوز 2.5 مليار دولار. إن تنفيذ مثل هذا المشروع والذي من المتوقع ان يرفع حصة الفرد من المياه الى ما يقارب 90 متر مكعب سنوياً، في حال بقي الامر كما هو عليه من حيث التزويد من المصادر التقليدية والاستهلاك للقطاعات الزراعية والصناعية والاستخدامات الاخرى. ان عملية تنفيذ مثل هذا المشروع يتطلب السير وبشكل موازي للتوسع وتحسين شبكات الصرف الصحي ورفع اعداد محطات معالجة المياه والطاقة الاستيعابية لها (يتوفر حالياً 31 محطة، تعالج حوالي 186 مليون متر مكعب، ويستخدم منها لأغراض الزراعة حوالي 167 مليون، حسب استراتيجية المياه) وذلك لاستيعاب كميات المياه المزمع انتاجها من خلال الناقل الوطني، الامر الذي يتطلب البحث عن مصادر تمويل إضافية لهذه الغاية، والتي تقدر بمئات الملايين. سنتحدث في الجزء الثاني عن الخطة الاستراتيجية للمياه. الغد

مشاركة :