المائدة لا تسمّى بهذا الاسم إلا إذا كان عليها طعام، وإلاّ فهي منضدة أو نُضد أو طاولة. والأخيرة جاءت من الإيطالية Tavela - وربما أخذوها من الإنجليزية Table - أو العكس. ومائدتنا في جزيرة العرب كانت من خوص النخيل، على شكلٍ مستدير. وعادة نجدها مُعلقة في غرفة الأكل، ويحتفظ البعض بأكثر من واحدة، حسب السعة المعيشية لصاحب المنزل. ولن أرى أكثر منها عملية. فبقايا الطعام لا تلتصق بها، كذلك فهي قابلة للغسل والطيّ أيضا. ولا بد أن الناس شاهدوها في مهرجان الجنادرية، كذلك فهي لا تزال معروضة للبيع في الديرة، ويعشقها البعض ويحتفظون بها. نأتي إلى مرحلة أخرى فقد تعمم استعمال السماط، وهو مفرش بلاستيكي يأخذ الشكل الطولي في الغالب، ويتسع لضيوف أكثر، وقد اعتبره الناس آنذاك موضة أكثر تحضّرا. واستعمله الشعراء في وصفهم ومديحهم، لكنهم (أي الشعراء) لم يُهملوا السفرة، رغم تعمم السماط، فقد قال أحدهم ضمن قصيدة يمتدح بها كريما: صاحبْ دْلال وجلسةٍ ما تمَلّي مع سفرةٍ واسماط واذناب خرفان والكلمتان الأخيرتان من البيت تُشيران إلى إلْيَة الكبش، بدليل أن الكريم يذبح لكل وجبة. أذهب إلى الغرب، حيث مائدة الطعام في بيوت النبلاء "عُقدٌ تمشي" وحتّم الموضوع هذا إيجاد فنّ يُدرس في كليات ومعاهد، وفيه امتحان ويستلم الُمتخرج أو المتخرّجة دبلوما تؤِشّرهُ السلطات التعليمية. ويجد الحاصل عليه عملا في شركات الحفلات والفنادق والبيوت الراقية. والفن هذا يُسمّى (Table laying)، تلك المهارة تُعلم في البدء التخطيط لحفلات العشاء أو الغداء، وعما إذا كان الضيوف رجال أعمال أو أصحاب مهن حرفية، أو رجال دين (قساوسة) أو أهل فن وسينما وأداء علنيا (غناء) أو أهل سياسة مثلا. ومن يجلس إلى جانب من، وأين توضع الملاعق والشوَك وأواني الحلو وملاعق الجبن وأنواع كؤوس الشراب وأين مكانها من الجالس. وإذا كان صاحب الدعوة قد اختار شموعا فما هو حجمها وأين تُوضع. واللافت أن دور مُصفف أو مُصففة المائدة ينتهي قبيل دخول المدعويين إلى سفرة الأكل. وحضرتُ دعوة إنجليزية يستبدلون عبارة "اقلطوا حياكم الله" بخبطة من مطرقة خشبية على طاولة فارغة. يصحبها نداء بصوت عال يقول: Ladies and gentlemen, Dinner is served. binthekair@gmail.com لمراسلة الكاتب: aalthekair@alriyadh.net
مشاركة :