القاهرة 25 أغسطس 2023 (شينخوا) أكد مسؤولون وخبراء مصريون أن انضمام مصر إلى تجمع بريكس يعزز وضعها الاقتصادي وعلاقات التعاون مع دول التجمع. واتفق قادة بريكس خلال القمة الـ15 للتجمع في جوهانسبرج أمس (الخميس) على دعوة ست دول، من بينها مصر، للانضمام إلى المجموعة على أن تبدأ العضوية الكاملة اعتبارا من أول يناير 2024. ويضم تكتل بريكس خمسة أعضاء، هي الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، وبقرار ضم ستة دول أخرى هي مصر والسعودية والإمارات وإيران وإثيوبيا والأرجنتين سيصبح التكتل 11 دولة. وقال وزير المالية المصري محمد معيط إن انضمام مصر لتجمع بريكس يسهم في تعزيز الفرص الاستثمارية والتصديرية والتدفقات الأجنبية لمصر. وأضاف معيط في بيان أن هذه الخطوة الإيجابية، التي تعكس الثقل السياسي والاقتصادي لمصر، تسهم في دعم سبل التعاون الاقتصادي وتعميق التبادل التجاري بين مصر والدول الأعضاء في هذا التجمع، الذي يعد أحد أهم التكتلات الاقتصادية في العالم. وأشار الوزير المصري إلى أن تنوع الهيكل الإنتاجي والسلعي للصادرات يحقق التكامل لسلاسل الإمداد والتوريد بين دول بريكس. وأضاف أن التعامل بالعملات الوطنية بين دول بريكس يساعد مصر في ترشيد سلة عملات الفاتورة الاستيرادية، ومن ثم تخفيف الضغوط على الموازنة العامة للدولة التي تتحمل أعباء ضخمة لتوفير الاحتياجات الأساسية من القمح والوقود، في أعقاب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وما ترتب عليها من موجة تضخمية عالمية انعكست في ارتفاع غير مسبوق لأسعار السلع والخدمات، وكذلك زيادة تكلفة التمويل من الأسواق الدولية. ورأى معيط أن انضمام مصر لبريكس يفتح آفاقا واعدة لتوطين التكنولوجيا المتقدمة فى شتى القطاعات الاقتصادية، وزيادة معدلات الإنتاج المحلي من خلال توسيع نطاق التعاون مع الدول الأعضاء. وأوضح أن مصر انضمت من قبل لعضوية بنك التنمية الجديد التابع لبريكس، والذى يمكن أن يوفر المزيد من الفرص التمويلية الميسرة للمشروعات التنموية ومسارات التحول الأخضر على نحو يدعم المسار المصري في تحقيق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة، وتسريع وتيرة التعافي الاقتصادي وامتلاك القدرة بشكل أكبر على احتواء التداعيات الداخلية والخارجية. وعبر معيط عن التطلع إلى أن يكون تجمع بريكس صوتا قويا للاقتصادات الناشئة في العالم بما يخدم مصالح البلدان النامية ويلبي احتياجاتها التنموية، في ظل الأزمات العالمية المتتالية بدءا من جائحة كورونا ثم الحرب في أوروبا بالتزامن مع تداعيات التغيرات المناخية، وما يمثله ذلك من أعباء تمويلية ضخمة. بدوره، قال السفير جمال بيومي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق إن قرار بريكس دعوة مصر للانضمام إليه خطوة جيدة ضمن خطوات كثيرة اتخذت نحو تحرير الاقتصاد المصري. وأضاف بيومي، وهو أمين عام اتحاد المستثمرين العرب، لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن بريكس تجمع مهم وانضمام مصر له ميزة وفرصة لتوسيع السوق المصرية وزيادة صادراتها. وأردف أن انضمام مصر للتجمع سوف يساعدها على مواصلة مشروعاتها التنموية من خلال عدة طرق من بينها الحصول على قروض ميسرة من بنك التنمية التابع لبريكس. وتابع أن قرار الانضمام من شأنه تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين مصر والدول أعضاء بريكس لأنه سيكون هناك تسهيلات ومزايا أكثر ومصالح مشتركة، وهذا سيؤدى إلى نوع من التحالف. ورأى أن توسيع عضوية بريكس "تطور طبيعي" لأن كل التجمعات والتكتلات الأخرى بدأت صغيرة ثم توسعت، قبل أن يضيف "كنت انتظر هذا القرار (توسيع العضوية) منذ فترة والدول التي ستنضم لبريكس سوف تستفيد من وجودها في هذا التكتل الكبير". وأشار إلى أن عضوية مصر في البريكس لا تمثل تحديا للولايات المتحدة الأمريكية التي تعد "شريكا استراتيجيا مهما لمصر"، ونوه بأن القاهرة تسعى دائما إلى أن تظل في "موقع عدم الانحياز لأي طرف في الأزمات من أجل الإبقاء على دورها دون انحياز". من جهته أكد الخبير السياسي الدكتور ناصر عبد العال أن قرار بريكس دعوة مصر للانضمام إليه جيد جدا وخطوة مهمة لمصر. وقال عبدالعال، وهو أستاذ اللغة الصينية بجامعة عين شمس ومدير معهد كونفوشيوس بالجامعة، لـ ((شينخوا)) إن دول بريكس تنفذ بالفعل بعض تعاملاتها التجارية بالعملات المحلية بعيدا عن الدولار، و"هذا أمر مهم لمصر لأنها في أمس الحاجة لذلك في الوقت الراهن في ظل أزمة الدولار التي تعاني منها، وهذا يفتح الباب للتعاون والاستثمار باستخدام العملة المحلية وهو أمر مفيد جدا لمصر". وتعاني مصر حاليا من أزمة اقتصادية ناتجة عن شح الدولار، بدأت عقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، وأدت إلى انخفاض كبير في العملة المحلية وارتفاع غير مسبوق في معدلات التضخم. وأضاف أن انضمام مصر لبريكس سوف يعزز علاقاتها الاقتصادية ببقية الدول الأعضاء، لأن الأولوية لدى أي تكتل اقتصادي هي التعاون بين دوله وهذا سوف يكون مفيدا للدول المنضمة ومنها مصر. وأشار إلى أن انضمام مصر للبريكس سوف يساعدها بشكل كبير في الحصول على قروض ميسرة من بنك التنمية لتنفيذ مشروعاتها وعملية التنمية الحقيقية التي تجرى على أرضها. ورأى عبد العال أن مصر لديها في الوقت نفسه الإمكانيات التي تقدمها للدول الأعضاء في بريكس في ظل علاقاتها المتميزة مع دول بريكس لاسيما الصين وروسيا، هو ما يساعد على جذب المزيد من الاستثمارات لصالح جميع الأطراف. وأكد الخبير المصري أن توسيع عضوية بريكس "تغير إيجابي لصالح الدول المختلفة خاصة الدول ذات الاقتصادات الناشئة مثل مصر والسعودية والإمارات، وبالتالي هذه خطوة إيجابية جدا على طريق التغير في النظام العالمي". وتابع أن "تجمع بريكس بدأ يتوسع عندما وصل لدرجة من النضج والاستقرار والثبات بضم دول ذات اقتصادات ناشئة، وهذا يؤكد أن الدول الكبرى مثل الصين وروسيا والهند تدرك أن النظام العالمي لابد أن يأخذ منحنى جديدا من أجل خدمة التنمية العالمية وتحقيق رفاهية كافة شعوب العالم دون الاقتصار على دول معينة". وقال "نحن نبارك هذا التجمع ونؤكد أنه سوف يصل بالدول الأعضاء جميعا إلى شراكة اقتصادية حقيقية تستطيع من خلالها الدول تحقيق مسار التنمية الخاص بها". وأشار إلى أن قرار توسيع العضوية مهم جدا أيضا لبريكس لأنه في الأساس تكتل عالمي، وليس إقليمي، يسعي إلى خلق نظام جديد للتعاون بين الدول يحقق المصالح المشتركة والمنفعة المتبادلة لذلك يجد هذا التجمع قبولا من الدول الأخرى لاسيما التي لديها استعداد للتنمية الحقيقية. وتوقع أن يخلق بريكس نوعا جديدا من التوازن في العالم، ونوه بأن انضمام ثلاثة دول عربية له سوف يقلص الهيمنة الأمريكية على المنطقة العربية.
مشاركة :