يمكن تشبيه العالم العربي اليوم بإنسان يريد ان يتسلّق سلماً وهو محمول على كتفه بحمل ثقيل جداً، والحمولة ليست قطعة حمل واحدة بل عدة احمال منها الماضي والحاضر والمستقبل، وما أن يكون قريباً من التخلص من حمل يثقل وزن الحمل الثاني لارتباطه العميق بالحمل الاول وما ينطبق على هذين الحملين ينطبق ايضاً على الحمل الثالث، والنتيجة ان الانطلاق في المسار الحضاري الإنساني فيه صعوبة كبيرة تجعل هذا الإنسان ينوخ بدل التسلق. وإذا قمنا بمعاينة هذه الحمولات سنجد أنها قيود فكرية تؤطر العقل في دائرة ضيقة تعتبر الخروج منها خسارة للدنيا والآخرة.. إذن ما العمل؟ هل سيختار الإنسان العربي مساراً تجاوز هذه الأطر باستخدام أكثر للعقل بدلاً من النقل أم انه يعتبر ذلك انتهاكاً للثوابت لا يجوز باي حال من الاحوال تجاوزها؟ عصر النهضة والتنوير الذي حفل بكتابات التنويريين والفلاسفة في اوروبا مهد للثورات الاوروبية التي فصلت الدين عن الدولة بجعل اديان ومذاهب الناس علاقة خاصة بين الإنسان وربه لا علاقة للجهات الرسمية في الدولة بها او بمعنى آخر تركت العبادات بين الإنسان وربه وركزت اهتمامها على المعاملات بجميع انواعها أكانت سياسية أم اقتصادية الخ... والنتيجة انها وضعت مبدأ المواطنة المتساوية موضع التنفيذ. فالقانون يطبق على الجميع بالتساوي والطوابير ليس مسموحاً لاحد مهما بلغ موقعه الاجتماعي بتجاوزها وتغيير مفهوم الخدمة الرسمية الى الخدمة المدنية اي ان الموظف في القطاع العام خادم الناس وليس سيدهم والامثلة على هذه الممارسات التي يتقبلها عموم الناس في البلاد الاوروبية كثيرة، فيا ترى متى يأتي اليوم الذي يطبق فيه مبدأ المواطنة المتساوية عملياً وليس اعلامياً بحيث يزاح الحمل عن كاهل الإنسان العربي فيتسلق السلم بكل خفة وثقة ويلحق بركب الحضارة الإنسانية بجميع مساراتها.. المصدر: عبدالعزيزعلى حسين
مشاركة :