أكد الباحث ماجد الغامدي أن الخير أصل والشر عرض ونحن نتكلم عن الشر لأنه نشاز، ونحن نعتبر الحياة ذات قيمة والشر يضر قيمته، والإنسان كائن عاقل اعتاد على البحث عن إجابات لكل ما يشغله، جاء ذلك في محاضرة أقامتها جمعية الفلسفة السعودية ضمن برنامج حلقة الرياض الفلسفية محاضرة بعنوان (في مفهوم الشر)، قدمها الباحث في الفلسفة الدكتور ماجد الغامدي، وأدار الجلسة عمر العبلان وسط حضور عدد من المهتمين. واستطرد الغامدي في بداية المحاظرة بأن الحكمة من وجود الشر أحدها، حيث في الطب تدرس الأمراض للوقاية منها والعلاج منها، وفي علم الاجتماع والنفس تدرس السلوكيات الخاطئة لتصحيحها وفي علم الجريمة تدرس أسباب الجرائم لمحاربتها، وكذلك الشر يدرس لمقاومته للوصول إلى عالم قليل الشر وكثير الخير، ودرس الشر في أكثر من تخصص كعلم النفس والاجتماع وفي الفلسفة كذلك. وتساءل الغامدي عن جدار أسود كبير في طرفه بقعه سوداء ما الذي سيلفت النظر فيه؟ والشر مفهوم وحكم أخلاقي على كثير من السلوكيات التي يفعلها أو يتعرض لها الإنسان، والإنسان كائن أخلاقي يسأل عن كل ما يتعارض القيم الأخلاقية الربط بينه وبين الخير يتردد كثيرا كونهم متضادين رغم عدم تناقضهم فقد يجتمعان في نفس السلوك وقد يرتفعان معا ومن حيث الوجود هنا: خير محظ لا شر معه، شر محظ لا خير معه، وهناك خير وشر مجتمعان بنسب متفاوتة. وأضاف: "الشر مفهوم مكروه لدى الجميع بما في ذلك مرتكب الشر نفسه لكن هذا بصورة مجردة أما في التطبيق فمرتكب الشر يوجد لنفسه مبررات لا تقنع بالضرورة الآخرين إلا أن المبررات الأيديولوجية توجد كثير من التعاطي فكما يحصل في الأفعال المصنفة تحت التعصب الديني، وكذلك التطهير العرقي وغيرها، نحاول في هذه الورقة أن تجيب عن بعض الأسئلة عن الشر. مشيراً إلى أن التساؤلات المطروحة حول هذه النقاط ليست نقدا بقدر ما هي محاولة للفهم، الحياد شرط أساسي في النقاش به، فوجود جذور فكرية واجتماعية وأيديولوجية تمنع من الحياد التام مهما حاولنا المحافظة على ذلك، وطرح أبيقور قبل أكثر من ألفي سنة سؤال أطلق عليه (معضلة أبيقور). وأردف: "التعاريف الفلسفية قد تعددت وأغلبها لا تنطبق عليه شروط التعريف الجامع المانع، فالرازي يعرفه بأنه كل ما كان موضوع للاستهجان والذم والرفض من الإرادة الحرة وتحاول التخلص منه، في حين كان عالم النفس الأميركي سكوت بك يصفه باستخدام السلطة والقوة لتدمير الآخر، والباحث بشار قهوجي فيعرفه بأنه قول أو فعل يجانب الصواب ويناقض المعروف ويراد به الإفساد الظاهر والباطن وهو ظلمة مطلقة وسلبية في التفكير والسلوك يتضح أن المعاجم تعرف الشر تعريفا عاما وغير محدد. وأشار الغامدي بأن حرية الإرادة هي أكثر نظرية تم تفسير الشر بها، وهي أن الإنسان مخلوق يمتلك إرادة مستقلة تسمح له بالاختيار والشر هو نتيجة الاختيار الخاطئ، الشر هو انعدام الخير، وهذه نظرية تبناها ابن سينا والأب أوغسطين تعني أن الخير أصل والشر عرض، فالله خلق الخير ودل على طرقه فبقدر ما يكون اتباع الطريق يكون الخير وإلا ظهر الشر كعرض واستثناء كما أن ابن سينا يجعل الشر نادر الحدوث والخير هو السائد. وفي نهاية المحاضرة تناولت المداخلات السؤال الأخلاقي المتعلق بالشر وكيف يتعاطى الفرد مع قراراته اليومية في سبيل تحصيل الخير والبعد عن الشر وامتدت الحوارات إلى مناقشة الفيلم الجديد أوبينهامر والصراع الذي عاشه بطل الفلم بين تحقيق ذاته كعالم فيزيائي يريد تحقيق إنجاز فريد على مستوى العالم وبين الآثار الكارثية التي ستنتج عن القنبلة النووية التي كان يرأس فريق إنتاجها أيام الحرب العالمية الثانية.