القاهرة - وصل قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان اليوم الثلاثاء إلى مصر حيث استقبله الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في زيارة غير معلنة هي الأولى له خارج البلاد منذ بدء الحرب بين قواته وقوات الدعم السريع قبل أكثر من أربعة أشهر، بينما يبدو البرهان في وضع صعب بعد خروجه من مقر قيادة الجيش السوداني ويؤشر ذهابه إلى بورتسودان على أنه فقد السيطرة على مواقع حيوية في الخرطوم. وتحمل زيارة قائد الجيش السوداني إلى مصر في طياتها رغبة في التوصل إلى حلّ من بوّابة وساطة مصرية، بعد أن بات غير قادر على العودة إلى العاصمة السودانية. وأفادت الرئاسة المصرية في بيان بأن "لقاء السيسي والبرهان شهد استعراض سبل التعاون لا سيما عن طريق المساعدات الإغاثية وتطورات الأوضاع في السودان ومسار دول جواره والتشاور حول الجهود الرامية لتسوية الأزمة". وأوضحت أن البرهان "رحب بمسار دول جوار السودان الذي انعقدت قمته الأولى مؤخرا في مصر". ومطلع أغسطس/آب الجاري، أعلن وزراء خارجية دول جوار السودان وضع خطة عمل تحال إلى زعمائهم تتضمن ثلاثة أجزاء وهي "تحقيق وقف إطلاق نار نهائي وتنظيم حوار شامل بين الأطراف السودانية وإدارة القضايا الإنسانية"، وفق البيان الختامي. بدوره أكد الرئيس المصري خلال اللقاء "موقف بلاده الثابت والراسخ بالوقوف بجانب السودان ودعم أمنه واستقراره ووحدة وسلامة أراضيه"، وفقا للبيان. وهي المرة الأولى التي يغادر فيها البرهان السودان منذ بدء المعارك العنيفة في 15 أبريل/نيسان والتي حصدت آلاف القتلى وملايين المشردين ودمارا وانتهاكات واسعة. وكان البرهان وصل الأحد إلى بورتسودان المطلة على البحر الأحمر في شرق البلاد بعد تفقده للمرة الأولى منذ بدء الحرب، عددا من المناطق الأخرى خارج الخرطوم حيث لازم لمدة أربعة أشهر مقرّ قيادته الذي كان يتعرّض لحصار وهجمات متتالية من قوات الدعم السريع. واستبعد البرهان الاثنين خلال تفقده جنودا في قاعدة بحرية في بورتسودان على البحر الأحمر والتي بقيت في منأى عن الحرب حتى الآن أي فرصة للمفاوضات. وقال للجنود ولصحافيين في قاعدة فلامنغو البحرية "المجال ليس مجال الكلام الآن.. نحن نكرّس كلّ وقتنا وجهدنا للحرب لإنهاء هذا التمرّد". وأثمرت وساطات سعودية أميركية خلال الأشهر الماضية اتفاقات عدة لوقف إطلاق النار لم تصمد. كما قادت الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) مبادرة إقليمية لم تنجح أيضا في التوصل إلى حلول لتسوية الأزمة. ولم تفلح جهود سعودية وأميركية وأفريقية في إقناع طرفي النزاع بوقف القتال، فيما انهارت هدنات عديدة وتسببت الحرب في أزمة إنسانية في إحدى أفقر دول العالم وحذرت دول المنطقة من التداعيات الإقليمية للصراع في ظل تحوله إلى حرب أهلية. وقاطع الجيش السوداني اجتماعا نظتمه "ايغاد" في يوليو/تموز الماضي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا احتجاجا على رئاسة كينيا، مبررا موقفه بأن "الرئيس الكيني وليام روتو منحاز بشكل صارخ لصالح قوات الدعم السريع". أما ميدانيا، فقد اشتدت وتيرة المعارك في مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، حيث قُتل 39 شخصا على الأقل جراء قصف طال منازل، وفق شهود ومصدر طبي. وقالت المصادر "أدى سقوط قذائف على منازل مدنيين في حي السكة الحديد بنيالا إلى مقتل 39 شخصا معظمهم من النساء والأطفال وبينهم أسرة قُتل كل أفرادها". ووصف الناشط الحقوقي السوداني أحمد قوجا عبر حسابه على موقع "إكس" (تويتر سابقا) ما حدث في نيالا بأنه "مجزرة.. راح ضحيتها 39 طفلا وامرأة ورجلا في لحظات قليلة". ونيالا من أكثر المدن التي تتركز فيها المعارك في إقليم دارفور في غرب البلاد حيث يعيش ربع سكان السودان البالغ عددهم نحو 48 مليون نسمة. والأسبوع الماضي، أعلن الجيش السوداني مقتل قائد فرقة المشاة بنيالا. وذكرت الأمم المتحدة في تقرير أن المعارك في نيالا خلّفت منذ 11 أغسطس/آب 60 قتيلاً و250 جريحاً و50 ألف نازح. وأسفرت الحرب منذ اندلاعها عن مقتل نحو خمسة آلاف شخص، وفق منظمة "أكليد" غير الحكومية. لكن الحصيلة الفعلية مرشحة لأن تكون أكبر لأن العديد من مناطق البلاد معزولة تمامًا وليس في الإمكان التنقّل ومعاينة الوضع على الأرض. ويتعذّر دفن الكثير من الجثث المتناثرة في الشوارع ويرفض الجانبان الإبلاغ عن خسائرهما. وفي أربعة أشهر أُجبر أكثر من 4,6 ملايين شخص على الفرار، وفق إحصاءات الأمم المتحدة.
مشاركة :