سعد الشرايبي لـ"العرب": "صمت الموسيقى" فيلم ينتقد انتقال الموسيقى عبر الأجيال المغربية

  • 9/4/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أنهى المخرج المغربي سعد الشرايبي العمل على فيلمه الجديد “صمت الموسيقى” وهو فيلم يستكمل به تجربته القائمة على التجديد من حيث الطرح وانتقاء المواضيع، حيث يركز هذه المرة على الموسيقى المغربية وخصوصياتها وكيفية انتقالها من جيل إلى آخر وأبرز التحولات الطارئة عليها. سعد الشرايبي هو مخرج وكاتب سيناريو مغربي، وُلد في مدينة فاس. قام بإخراج العديد من الأفلام والوثائقيات التي تتناول المجتمع والتاريخ المغربيين، وبخاصةً فترة الاستعمار و”سنوات الرصاص”، وأيضًا وضع المرأة في المجتمع المغربي. وتعرف أفلامه بأنها جدية وتشجع على خلق حوار مجتمعي حول مسائل وموضوعات تهم المغاربة. آخر هذه الأفلام والتي انتهى مؤخرا من الاشتغال عليه فيلم بعنوان “صمت الموسيقى” وهو فيلم عن العلاقة بين الأجيال وكيف تتغير الموسيقى وتنتقل بين جيل وآخر. عن هذا الفيلم الجديد والعناصر الرئيسية فيه، يقول سعد الشرايبي في تصريح خاص لـ”العرب”، “تدور قصة هذا الفيلم، الذي يحمل عنوان ‘صمت الموسيقى’، حول مسألة انتقال الموسيقى عبر الأجيال. تدور أحداث القصة الرئيسية بين الجد وحفيدته، حيث يتشاركان شغفًا بالموسيقى. يتمتع الجد بمعرفة عميقة بالموسيقى المغربية التقليدية والآلة الموسيقية المعروفة التي يعزف عليها الملحون، بينما تشتاق الحفيدة للموسيقى الكلاسيكية، كما يركز العمل على العلاقة المبهجة والتعاونية في بعض الأحيان، والمتضاربة في أوقات أخرى، بين الشخصيتين الرئيسيتين. بالإضافة إلى ذلك، تستعرض القصة الرحلة التي يخوضها كل منهما على حدة، والتي ستقودهما في النهاية إلى مصائرهما”. هذه المرة تناولت موضوعا من شأنه أن يسمح للمشاهدين بقضاء وقت ممتع في الاستماع إلى الموسيقى المختلفة كان الشرايبي ناشطًا ومفكرا، حيث كتب العديد من المقالات وشارك في مؤتمرات حول العالم تتعلق في أغلبها بموضوعات السينما. درس الطب في كلية الطب بالدار البيضاء، وفي سبعينات القرن العشرين انضم إلى الاتحاد الوطني للسينما في المغرب. أسس في عام 1973 نادي السينما وقاده بنجاح حتى عام 1983. في عام 1976، شارك في إخراج فيلم جماعي بعنوان “رماد القصر”، حيث شارك فيه أيضًا عبدالقادر لكطاع وعبدالكريم محمد درقاوي. تعبِّر أعماله السينمائية عن الواقع الاجتماعي والتحولات التي مرّ بها المجتمع المغربي، وفي عام 1990 أصدر أول فيلم روائي طويل له بعنوان “سيرة حياة عادية”. وفي عام 2000 أخرج فيلمًا بعنوان “العطش” الذي يتناول تجربة المغرب في فترة الاستعمار. ويخوض المخرج في هذا الفيلم تجربة جديدة يمكن اعتبارها امتدادا لتجربته الشخصية في الإخراج، لكنها بالطبع تجربة مميزة ومختلفة عن المواضيع التي طرحها سابقا، وفي سؤالنا له عما يحققه له الفيلم الجديد على مستوى التجربة الشخصية، يقول الشرايبي “هذا بالفعل موضوع جديد أتناوله لأول مرة في مسيرتي المهنية، وهو ما أبعدني مؤقتا عن المواضيع المعتادة التي كنت أتناولها، منها تحديدا المواضيع السياسية والتاريخية والاجتماعية، ولاسيما مسألة حقوق المرأة. لقد تناولت هذه المرة موضوعا من شأنه أن يسمح للمشاهدين بقضاء وقت ممتع في الاستماع إلى الموسيقى المختلفة التي تعبر بالمشاهد نحو الموسيقي المغربية منذ عدة عقود”. أما فيما يتعلق بالعناصر التي تميز هذا الفيلم عن أعماله السابقة، فيوضح المخرج المغربي “أولا، كان من الضروري العثور على ممثل مسن يتوافق مع الشخصية الرئيسية، وكذلك فتاة صغيرة تكون في نفس الوقت موسيقية وممثلة. وبعد عدة عمليات بحث، وجدنا طالبًا شابًا في المعهد الموسيقي لمدينة بني ملال يتفوق في عزف الكمان ولديه في نفس الوقت القدرة على أداء دور معقد. ثم تم اختيار الطواقم التي يجب أن ترافق العالم والأجواء الموسيقية، بالإضافة إلى تحقيق تناغم معين يُطلق المشاعر. أعتقد أن الفيلم يصور كلا الجوانب بشكل جيد”. ويضيف فيما يتعلق بأسلوبه الإخراجي والتقنيات المعتمدة، “في الواقع، يتكون الإنتاج السينمائي في هذا الفيلم من نهج يمزج بين الفلسفة والموسيقي. ولهذا اخترنا لقطات متسلسلة طويلة جدًا ومريحة للمشاهد. اتبعت الكاميرا حركات سلسة للغاية. وكذلك المونتاج الذي لم يكن مبنيًا على وتيرة محمومة أو سريعة، ليترك مجالًا للموسيقى للتعبير عن نفسها بطريقة متناغمة. وتم استخدام عناصر أخرى، وهي حركة الممثلين أمام الكاميرا، فضلاً عن دقة عناصر الديكور والإكسسوارات التي تضفي جوًا هادئًا وممتعًا”. ويوضح “هناك عنصران جديدان في هذا الفيلم. أولاً، الحقيقة أن المشاهدين وهواة السينما الذين يعرفون أعمالي يمكنهم أن يروا أن هذه مرحلة جديدة في منهاج دراستي تختلف عن المراحل السابقة. ومن ثم، يمكن للمشاهدين قضاء وقت ممتع في مشاهدة مشهد موسيقي متعدد الأوجه يمس عدة فئات من الأجيال، صغارًا وكبارًا، وعلماء الموسيقى الذين يستمتعون بهذا المشهد الممتع للبصر والحواس. فإذا نجح هذا الفيلم في نقل شعور جديد للمشاهد، فأعتقد أنه قد حقق هدفه”. الإنتاج السينمائي لسعد الشرايبي نهج يمزج بين الفلسفة والموسيقي الإنتاج السينمائي لسعد الشرايبي نهج يمزج بين الفلسفة والموسيقي الأفلام هي منتج جماعي، ومجهود مشترك، لكن المخرج يبقى هو الشخص الأكثر حضورا في الواجهة وإليه ينسب العمل بأكمله، وهو من يحقق في الأخير النجاح أو الفشل. عن تقييمه لتعاونه مع فريق الإنتاج والممثلين في فيلم “صمت الموسيقى” يقول الشرايبي “لقد استثمر الفريق الفني التقني بأكمله في هذا العمل الذي تم في جو ودي، وكان المحترف داعمًا للغاية. لقد عملنا بطريقة مريحة تمامًا. الشكر من بين أمور أخرى لموضوع الفيلم الذي ألهم الفرح والتفاهم الجيد. لقد أمضينا عدة ساعات في الاستماع إلى أنواع مختلفة من الموسيقى. وتفاجأ كامل الفريق الفني والتقني باكتشاف هذه الموسيقى الجديدة التي تم تصويرها لأول مرة في فيلم مغربي وهي الملحون. وكذلك العشرات من النغمات الموسيقية الكلاسيكية. كل هذا أثر بشكل إيجابي على تعاوننا وخلق جوًا وديًا للغاية”. هذه المرة اشتغل المخرج المغربي على الموسيقى، لكنه نوّع في السنوات الماضية المواضيع التي تتناولها أفلامه، وسبق أن قام بإطلاق سلسلة من الأفلام التي تسلط الضوء على وضع المرأة المغربية، وقد أخرج فيلمًا بعنوان “نساء… ونساء”. استند هذا الفيلم إلى مسائل مثل العنف الأسري وعدم المساواة بين الجنسين. حقق نجاحًا كبيرًا وأثّر إيجابيًا في الحوار الاجتماعي. وتلته أفلام أخرى منها فيلم “جوهرة، ابنة السجن” في عام 2004، الذي يحكي قصة فتاة نشأت في بيئة سجنية بجوار والدتها. وانتهت هذه السلسلة بفيلم “نساء في المرايا” في عام 2011، وقد تركت هذه الأفلام أثرًا قويًا في السينما المغربية وفي المجتمع. في ديسمبر 2015، شارك سعد الشرايبي كعضو في لجنة تحكيم أفلام القصيرة في الدورة الخامسة عشرة من مهرجان مراكش الدولي للفيلم، وهذا يعكس تقدير القطاع السينمائي لخبرته وإسهامه في هذا المجال. وفي إجابة عن أنواع الأفلام التي يطمح في العمل عليها مستقبلا، يقول المخرج المغربي لـ”العرب”، “الله وحده يعلم ما يخبئه لنا الغد. لا أستطيع أن أعرف اليوم ما هو الموضوع الذي سأتناوله في الفيلم القادم. الأمر المؤكد هو أنه سيكون خطوة جديدة، بالتأكيد ستكون مختلفة عما قمت به حتى الآن. ربما ستظهر مواضيع أخرى وقد تكون هي التي ستوجه الخطوة التالية”.

مشاركة :