أمريكا تدفع ثمن التهور بمواجهة الإرهاب

  • 3/10/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في الوقت الراهن، كثيرون يريدون أن ترد الولايات المتحدة بتعميق تورطنا العسكري في العراق وسوريا. وهم يعتقدون أن نشر قوات قتالية أمريكية على الأرض هو الطريقة التي لا تخطئ لدحر داعش. وبالنسبة للعديد من هؤلاء المغامرين المولعين بالأعمال العسكرية، الجنود الأمريكيون هم دائماً الرد الصحيح. ولكن هل نشر مزيد من القوات الأمريكية على الأرض هو فعلاً الرد؟ الصحفي الكندي غريم وود أعلن، في مقال نشره في مجلة أتلانتيك (الأمريكية)، أنه تعلم من مقابلات أجراها مع إسلاميين متطرفين أن داعش يريد في الواقع مزيداً من الأمريكيين في خط النار. إذ إن المزيد من الجنود الأمريكيين في العراق وسوريا يعني مزيداً من الأهداف بالنسبة إلى داعش. كما أن تزايد الوجود العسكري الأجنبي يؤجج المشاعر المعادية لأمريكا، وهذا يصب في مصلحته. وكان الرئيس أوباما محقاً عندما أبلغ الأمة أن مجموعات متطرفة مثل داعش تعرف أنه إذا قمنا باحتلال أراض أجنبية، فسوف يكون بإمكانهم الاستمرار في تمرداتهم سنين عدة، وقتل آلاف من جنودنا، واستنزاف مواردنا، واستغلال وجودنا من أجل تجنيد مزيد من المقاتلين. وهذا بالذات ما حدث في العراق ومسرح أفغانستان - باكستان. وتبعاً لذلك، يجب علينا تجنب إعطاء داعش ما يريده وترك اللاعبين المحليين يساعدون أنفسهم (ويساعدوننا)، من خلال توليهم قيادة العمليات القتالية. أما إذا تولينا بنشاط خوض القتال على الأرض، فهذا سوف يقوض حافز اللاعبين المحليين للدفاع بأنفسهم عن مصالحهم. أما في ما يتعلق بزيادة إنفاقنا الدفاعي، فكيف سيهزم ذلك الإرهابيين المعادين لأمريكا؟ حتى قبل الاعتداءات الأخيرة، تعاون الرئيس والكونغرس من أجل رفع سقف الإنفاق الدفاعي. ولكن محاربة الإرهاب بفعالية لا تتطلب تبديد أموالنا. ولسوء الحظ، الكثير من بنود الإنفاق في ميزانيتنا الدفاعية ليس مرتبطا بهذه التهديدات. ولهذا أصبح لدينا عدم تطابق بين احتياجاتنا وقواتنا. وعلى سبيل المثال، أنفقنا مليارات الدولارات على مشروع المقاتلة الضاربة إف-35 الباهظة التكاليف، ومشروع العربة القتالية السريعة السيئ التخطيط الذي ألغي الآن - علما بأن أياً من هذين المشروعين لن يفعل الكثير لدحر داعش. علاوة على ذلك، جعلت اعتداءات باريس وسان برناردينو البعض يقترحون تبني إجراءات جامحة باسم تعزيز الأمن. وعلى سبيل المثال، طرحت اقتراحات متعددة تدعونا إلى إخضاع مساجد المسلمين لمراقبة وثيقة، وتوسيع قائمة الأمريكيين المسلمين المشبوهين، ووضع قاعدة بيانات بخصوص المسلمين في الولايات المتحدة (دع عنك الدعوة التي أطلقت حديثاً لمنع جميع المسلمين، بمن فيهم المواطنون الأمريكيون في الخارج، من دخول البلاد). ولكن هل من الضروري حقاً أن تنتهك الحقوق الدستورية للأمريكيين المسلمين حتى نحول دون تكرار اعتداءات باريس وسان برناردينو؟ الجواب هو كلا. فقد وجدت دراسة لمركز أبحاث بيو (غير الحزبي في الولايات المتحدة) أن أغلبية الأمريكيين المسلمين راضون عن وضعهم في الولايات المتحدة. يبقى أن اعتداء سان برناردينو أجج المشاعر المعادية للمسلمين في أمريكا. وهذا بالذات ما يأمل فيه داعش. وأسوأ شيء من وجهة نظر هذه المجموعة هو أن الأغلبية الساحقة من الأمريكيين المسلمين شديدة الاعتدال ومندمجة تماماً في المجتمع الأمريكي. ولهذا يدعو داعش أفراداً (أو ذئاباً منفردة) إلى تنفيذ مثل هذه الأعمال الإرهابية اليائسة. إن الطريقة الأفضل لمواجهة تهديد داعش ليست تقييد الحريات أو إغراقنا في مستنقعات حروب خارجية. الطريقة المثلى هي التعقل، والفاعلية، وصون الحريات. نائب رئيس معهد تشارلز كوش للأبحاث السياسية في أمريكا ومحارب سابق في أفغانستان - موقع أنتي وور

مشاركة :