تعتبر القرية التراثية، التابعة لنادي تراث الإمارات، من المراكز المهمة للتعريف بمكونات المجتمع الإماراتي وتعزيز هويته، في ظل اهتمام الدولة بتعزيز اللهجة بما تحمل من موروث ثقافي واجتماعي بمكونات الهوية الوطنية في ظل الانفتاح العالمي، وتستقبل القرية الزوار من السبت إلى الخميس من 9 صباحاً حتى 5 عصراً. والجمعة من 3.30 عصراً حتى 9 مساءً. تستقطب القرية على مدار العام العديد من الفعاليات الشبابية، فهي تركز على جيل الغد وقادة المستقبل طلبة المدارس لغرس الموروث الإماراتي في نفوسهم وقلوبهم، وتضم القرية كل ما يتعلق بحياة الأجداد، من البيوت إلى الأسواق الشعبية، التي تسهم في جذب واستضافة وفود من كل أنحاء العالم للتعريف بتراث الدولة الأصيل. يلفت نظر الزائر لقرية نادي تراث الإمارات، عدد السيارات والحافلات التي تنقل الزائرين من أماكن مختلفة للاستمتاع بالعديد من الفعاليات كالورش التي يعرض فيها الحرفيون المهارات التقليدية كصناعة الأدوات المعدنية، والأواني الفخارية ونساء اللاتي يحكن ويغزلن. شُيدت القرية بأسلوب هندسي جميل يتناسب مع عراقة الماضي جعلها مزاراً لكل مهتم وباحث عن التراث، وتمثل أوجهاً عديدة للحياة القديمة ومكوناتها، من دلاء للقهوة والخيام المصنوعة من شعر الماعز، ونظام الري بالأفلاج. كما تشمل نماذج حية لمبان وأركان تراثية تربط بشكلها ومحتوياتها زائرها بتفاصيل الحياة اليومية التي عاشها أبناء الدولة منذ القدم. كما تشتمل القرية على مشغل يدوي نسائي وسوق شعبي لمختلف الصناعات الحرفية واليدوية وهناك المتحف والمسجد التراثي، إضافة إلى المساحات التي خصصت لراحة الزائرين كالاستراحة ومصنع الحلوى والمطعم التراثي ومنطقة ألعاب الأطفال. وعندما تطأ قدماك القرية ترى الحرفيين يرحبون بإطلاع الزوار على مهاراتهم، ويمنحونهم أحيانا الفرصة لتجربتها. وأثناء تجوالك داخل القرية تلفت انتباهك أشياء تراثية متنوعة، كالنحاس والفخار والزجاج والجلود والنجارة والنسيج والخناجر والسيوف، فضلاً عن معرض لبيع منتجات القرية ومحل صناعة الملابس التراثية، ومحل صناعة القوارب التقليدية. وتتجلى لمسات الإبداع في معمار الواحات التقليدية، والزخارف التي حفرت على أبواب مرافقها وسوقها المبني وفق الطراز القديم، الأمر الذي يمنحك لمحة مثيرة عن ماضي إمارة أبوظبي. ويؤكد د. إبراهيم حسن الحمادي، مدير إدارة القرية التراثية، أن القرية التابعة لنادي تراث الإمارات والتي افتتحت في عام 2001، احتلت مكانتها السياحية والثقافية بفضل جهود سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة رئيس النادي، مشيراً إلى أن النادي يحظى بدعم سموه في جميع المجالات التراثية ويدعم السباقات بكل أنواعها البحرية وسباقات الخيل والإبل. ويقول إن القرية التراثية أنشئت بمنطقة كاسر الأمواج في أبوظبي، لإبراز الجانب التراثي للدولة أمام الزائرين وتحقيق أهداف النادي الاستراتيجية في تعزيز الهوية الوطنية وغرس مفردات تراث الآباء والأجداد في الجيل الحاضر والأجيال الجديدة وتعريف الزوار من المقيمين والسياح بتراثنا العميق. ويضيف: يمكن لزائري القرية التعرف إلى تفاصيل الحياة البرية، ومشاهدة تفاصيلها، من خلال مرافق القرية، التي تشتمل على مختلف البيوت التي كان يقطنها الأجداد منها بيوت الشعر والعريش والحضيرة، كما أن البيئة البحرية حاضرة بقوة في القرية، من خلال بيوت أهل الساحل وتتميز بالبراجيل وهو نموذج محلي، حيث تعلو البراجيل سطح البيت المصنوع من خوص النخيل ليلتقط نسائم الهواء من الجهات الأربع ويدخلها إلى البيت بنظام تبريد طبيعي، فضلاً عن البيئة الزراعية، أنظمة الري القديمة (اليازره) وهي عين الماء التي كان يستخدمها المزارع في الزراعة بواسطة الثور. ويشير الحمادي إلى أن القرية كذلك تشتمل على مجسمات لمناطق أثرية ومعالم داخل الدولة مشابهة للمعالم الأصلية، منها قبر الهيلي، ومستعمرة الهيلي، وأم النار وبدع بنت سعود. حيث يتطلع الزائر إلى مناظر منذ 4 آلاف سنة عبر التاريخ، كما تضم القرية التراثية السوق الشعبي والحرفي والمشغل النسائي الذي تعمل فيه النساء ذوات الخبرة في الأشغال اليدوية التراثية مثل حياكة البسط وعمل الحصير والتلي والسدو وغزل الصوف. كما تضم القرية أيضاً الأرشيف التاريخي الذي يقدم بنبذة عن ذاكرة القرية التراثية وأنشطتها والزيارات التي قام بها أصحاب السمو الشيوخ والشخصيات الزائرة للدولة في القرية التراثية، ويضيف كذلك تضم المتحف التراثي والمتحف الإسلامي. ويوضح قائلاً: تحتضن القرية التراثية في شهر إبريل/نيسان من كل عام مهرجان سلطان بن زايد للتراث البحري، بالتزامن مع اليوم العالمي للتراث، ويهدف إلى تسليط الضوء على التراث البحري العريق للدولة والذي يعتبر جزءاً أصيلاً من تاريخنا، وترسيخ مبادئ وقيم الهوية الوطنية وتعريف شرائح الجمهور بالتراث الغني الذي تتمتع به الدولة عبر سلسلة من الأنشطة والسباقات البحرية المتنوعة وإطلاع ذوي الثقافات الأخرى على حضارتنا وثقافتنا الثرية المتنوعة. آلينا أفاشتنال، من روسيا، التقيناها خلال جولة داخل القرية، تقول إنها زارت القرية التراثية في أبوظبي عدة مرات واستمتعت بزيارتها في كل مرة، لما فيها من اهتمام كبير وأجواء جميلة ورائعة وحياة تراثية متنوعة. وتؤكد أفاشتنال أن هذا العمل الجميل يوفر فرصاً لمد جسور التواصل مع المجتمعات المحلية والشعوب المختلفة ويخلق نوعاً لتعزيز الجانب التراثي والتاريخي والثقافي والمعرفي للإماراتيين، بهدف المحافظة على تراث الدولة وتعليم وتثقيف الأجيال بماضي الآباء والأجداد. ويقول الصيني وان جاجي، الذي كان يتجول مع عدد من أصدقائه وتبدو عليه علامات السرور والفرح بجماليات وسحر القرية التراثية المتنوعة، إن ما شاهده في القرية من تراث قديم أصيل يجعل الإماراتي مؤهلاً ومسلحاً بكل ذخائر موروثه الثقافي وسلوكه الحضاري، ما يزيد من وعيه البيئي والمجتمعي، داعياً كل أبناء الإمارات إلى تضافر الجهود في المحافظة على تراثهم وتحفيز الجيل الجديد للمحافظة على هذا عظمة أجداده. ويضيف: القرية تعرف زوارها إلى تاريخ الإمارات وتراث أجدادها كما تتيح معلومات وافرة للوفود السياحية بكل معطيات الثقافة والمعرفة والعلوم المتعلقة بذلك. شامل نيروشن، من سريلانكا، يشير إلى أنه يأتي من دبي للقرية كل خميس، لما وجده من بيئة مريحة للزوار للاطلاع على ماضٍ وتاريخ إماراتي أصيل. يقول: توفر القرية لجميع زوارها التمتع بمشاهدة العديد من الخيارات التراثية كالأشغال اليدوية، أو صناعة الغزل والنسيج أو الحياكة والتلي، إضافة إلى محل الجلود لصناعة القرب والدلي والسقا والحقائب. كما أعجبت بالمحال القديمة التي صممت على هيئة بيوت العريش، فهي تعكس بعض جوانب الحياة البرية والبحرية لقدماء الإمارات. شين جاي، صينية، تؤكد أنها تأتي للقرية دائماً، لما وجدته من مناظر جميلة للتراث الإماراتي القديم، وتقول إن القرية تحوي عدداً كبيراً من الأنشطة التراثية المختلفة، لكن أكثر شيء لفت نظرها كان السوق الشعبي ومعرضه، فمع تنوع المنتوجات كانت متعة متابعة العروض التراثية من اللوحات الفولكلورية المتنوعة التي تقدمها فرق الفنون الشعبية. ولم يتوقع الألماني فيلب توماس، ما وجده من اهتمام بتراث الدولة، إذ إنها كانت الزيارة الأولى له، بحسب ما يقول، إلا أنه أكد أنه سيزورها مراراً وتكراراً.
مشاركة :