واشنطن - بيّن تحليل نشر الخميس بأن التغيّر المناخي شكّل عاملاً في درجات الحرارة القياسية التي شهدها النصف الشمالي من الكرة الأرضية هذا الصيف. وأفاد التقرير البحثي بأن جميع سكان العالم تقريبا تعرضوا لدرجات حرارة أعلى في الفترة من يونيو/حزيران إلى أغسطس/آب نتيجة لتغير المناخ الناجم عن أنشطة البشر. وأظهرت الدراسة التي أجرتها منظمة "كلايمت سنترال" غير الحكومية والمتعلقة بالفترة الممتدة من يونيو/حزيران إلى أغسطس/آب 2023 أن انبعاثات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي منذ بداية العصر الصناعي زادت من احتمال تسجيل موجات الحرّ التي شهدتها بالفعل آسيا وأفريقيا وأوروبا وأميركا الشمالية. ويشهد نصف الكرة الأرضية الشمالي صيفا هو الأكثر سخونة منذ بدء التسجيلات، وتسببت موجات الحر الطويلة في أميركا الشمالية وجنوب أوروبا هذا العام في حرائق غابات كارثية وارتفاع في معدلات الوفيات. وعانى نحو نصف سكان العالم خلال هذه الفترة أي قرابة 3.8 مليارات شخص من درجات حرارة شديدة الارتفاع لمدة 30 يوما على الأقل فاقمها التغيّر المناخي. وكان شهر يوليو/تموز هو الشهر الأعلى حرارة على الإطلاق، في حين كان متوسط درجات الحرارة في أغسطس/آب أعلى أيضا بمقدار 1.5 درجة مئوية عن مستويات ما قبل الثورة الصناعة. وقال أندرو بيرشينغ نائب رئيس "كلايمت سنترال" لشؤون العلوم "لم ينج أحد تقريبا على وجه الأرض من تأثير ظاهرة الاحتباس الحراري خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة". وأضاف "في كل من البلدان التي شملها تحليلنا، وخصوصا في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية حيث يكون الطقس خلال هذه الفترة الأبرد خلال السنة، لاحظنا درجات حرارة كان من الصعب لا بل من المستحيل بلوغها لولا التغيّر المناخي الذي يسببه الإنسان". وأوضح أن "التلوث الناجم عن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون مسؤول بوضوح عن درجات الحرارة القياسية هذا الموسم". وتقوم "كلايمت سنترال" بتقييم ما إذا كان تغير المناخ يزيد من احتمالات حدوث موجات الحرارة من خلال مقارنة درجات الحرارة المرصودة مع تلك التي تتوصل إليها النماذج التي تزيل تأثير انبعاثات الغازات الدفيئة. وارتكزت المنظمة على أساليب تتيح تحديد احتمالية درجة حرارة يومية معينة في كل بلد، مع المستويات الحالية من التلوث بثاني أكسيد الكربون أو من دونها. ومكّنت المنهجية نفسها العلماء من قياس دور التغيّر المناخي في ظواهر الطقس المتطرفة، كالظروف التي أدت إلى اندلاع حرائق كبيرة في مقاطعة كيبيك الكندية هذه السنة. ووضعت "كلايمت سنترال" مؤشرا للتغير المناخي يراوح بين -5 و5، تشير فيه المستويات ما فوق الصفر إلى درجات الحرارة جعلها الاحترار أكثر احتمالاً. وعلى سبيل المثال، يعني المستوى 3 أن التغيّر المناخي جعل درجة الحرارة المسجلة أكثر احتمالا بثلاث مرات. ومن يونيو/حزيران إلى أغسطس/آب شهد 48 في المئة من سكان العالم 30 يوما كانت فيها درجات الحرارة مطابقة للمستوى 3 على الأقل في المؤشر، عانى منها مليار ونصف مليار شخص يوميا، وفقًا لحسابات المنظمة غير الحكومية. وكان دور التغيّر المناخي أكبر بثلاثة إلى أربعة أضعاف في موجات الحر التي شهدتها البلدان الأقل نمواً والدول الجزرية الصغيرة مقارنة بدول مجموعة العشرين الأكثر ثراءً، وفقا لأندرو بيرشينغ. واستنتج إن بعض الدول "تتحمل مسؤولية أكبر عن التغير المناخي والتلوث الذي يغذي الحرارة التي نعانيها جميعاً في الوقت الراهن".
مشاركة :