الرباط - أظهر المغاربة تضامنا واسعا فبموازاة مسار جهود الإنقاذ والإغاثة الرسمية المستمرة منذ اليوم الأول للزلزال، هب المواطنون لمراكز التبرع بالدم وآخرون للفضاءات التجارية الكبرى لشراء كل ما يحتاجه المتضررون من زلزال الحوز من أغطية وملابس ومواد غذائية رغم غلاء الأسعار. وقام العديد من المغاربة، بمجهوداتهم الخاصة، بنصب مئات الخيام على طول الحزام الجبلي الممتد من الحوز إلى شيشاوة، في مبادرة منهم لتخفيف العبء على مراكز الإيواء بتلك المناطق التي تفتقر إلى المرافق الأساسية. بدورها وفرت السلطات المغربية المئات من الخيام لإيواء الناجين من أعنف زلزال تشهده المملكة منذ العام 1900، خاصة وأن معظم المنازل لم تصعد صالحة للسكن بفعل التصدعات والتشققات. وفي سياق متصل قامت فرق وزارة الداخلية في دائرة 'مجاط' بحملة ميدانية لتوزيع المساعدات الغذائية على كافة سكان القرى التي تضررت من الزلزال. واصطف العديد من المغاربة من كافة الفئات العمرية في طوابير طويلة بالفضاءات التجارية المغربية في عدة مدن، محمّلين بمواد غذائية ومستلزمات مختلفة اقتنوها من أموالهم الخاصة بهدف تقديم العون إلى المتضررين من الزلزال وإسناد جهود الدولة في التخفيف من حدة الكارثة الطبيعية. بدوره نشره الصحافي المغربي محمد واموسي على صفحته بموقع 'اكس' فيديو يظهر كميات هامة من المساعدات جمّعها أهالي مدينة فاس في نحو 20 دقيقة لإرسالها إلى المتضررين من الزلزال. وكتب معلّقا على هذه المبادرة الإنسانية "إنهم سكّان فاس..أهل الكرم والجود والسخاء". بدوره قال الإعلامي العراقي سفيان السامرائي مدير موقع 'بغداد بوست' "إن شاحنات عروس الشمال طنجة تزحف كلها نحو محيط مراكش حيث مناطق الزلزال". وتابع في تدوينة على صفحته بموقع 'اكس' "أمس كنت في طنجة ترانزيت وشاهدت كيف الكل هرع لمراكز تبرع الدم في وحدة وتلاحم وطنية سيكتبها التاريخ ليعلم الشعوب الأخرى إن هذا الوطن عندما يمسه ضر وشدة تجد شعبه ومملكته أقوى وفي صف واحد". وأطلقت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة 'إيسيسكو' قافلة مساعدات، شملت خياما ومساعدات غذائية، إلى المناطق المتضررة من الزلزال، كما تبرع موظفوها بنسبة 10 في المئة من أجورهم سيتم تنزيلها في الحساب الخاص لدى بنك المغرب الذي وجه العاهل المغربي الملك محمد السادس بفتحه لتلقي المساهمات التطوّعية. كما أعلنت عن تنظيم حملة للتبرع بالدم لإغاثة المصابين من جراء الزلزال، مشيرة إلى أن "هذه المحاولات للمساعدة تأتي ضمن الإجراءات التي تتخذها المنظمة لتأكيد تضامنها مع المملكة المغربية في مواجهة فاجعة الزلزال"، مؤكدة أنه "سيتم اتخاذ المزيد من الخطوات خلال الأيام المقبلة". كما أعلنت المنظمة استعدادها للتعاون مع الجهات المغربية المختصة في مواجهة الأضرار الناجمة عن هذه الهزة الأرضية وتقديم كل ما يتطلبه الموقف من مساندة ودعم في مجالات اختصاصها، خصوصا ما يتعلق بترميم وصيانة الآثار التي تضررت ببعض المدن التاريخية. وأعلنت الحكومة المغربية اليوم الاثنين عن إطلاقها برنامجا لإعادة تعمير المناطق المتضررة من الزلزال الذي وقع مساء الجمعة. وقال رئيس الحكومة عزيز أخنوش في مؤتمر صحفي بالرباط إن "الحكومة عازمة على تنفيذ أوامر العاهل المغربي الملك محمد السادس ويتم العمل على اعتماد عرض واضح ومدقق بهذا الخصوص وسيتم الإعلان عنه في الأيام المقبلة". وأوضح أنه ترأس "اجتماعا مع اللجنة الوزارية المكلفة بوضع برنامج استعجالي لإعادة تأهيل وتقديم الدعم لإعادة بناء المنازل المدمرة على مستوى المناطق المتضررة في أقرب الآجال". وأشار أخنوش إلى أنه في الوقت الراهن، يتم العمل على إيجاد حلول لإيواء السكان الذين فقدوا منازلهم، لافتا إلى "تضرر حوالي 500 مدرسة بين ابتدائية وثانوية، إضافة إلى مراكز صحية وطرقات يجب تعبيدها". وتابع "وزارة الداخلية وكافة المصالح الأخرى تبذل مجهودات كبيرة وتشتغل بقوة خلال هذه الظروف العصيبة، حيث تتركز الجهود على إنقاذ الأشخاص في وضعية صعبة، ودفن الموتى، إلى جانب تقديم المواد الغذائية ووسائل الإيواء". وحذرت فرق الإنقاذ من أن البيوت التقليدية المبنية من الطوب اللبن والحجر والخشب المنتشرة في منطقة جبال الأطلس الكبير تقلل فرص العثور على ناجين. وفي مركز للجيش جنوبي مدينة مراكش التاريخية غير بعيد عن مركز الزلزال، قال أحد أفراد الإنقاذ العسكري طالبا عدم كشف هويته بسبب قواعد الجيش التي تمنع التحدث لوسائل الإعلام "من الصعب انتشال أحياء لأن معظم الجدران والأسقف تحولت إلى تراب عندما سقطت ودفنت من كان بالداخل ولم يغادر". وذكرت وكالة الأنباء المغربية الرسمية في أحدث تقرير لها عن حصيلة الضحايا اليوم الاثنين إن أقوى زلزال يضرب المغرب منذ عام 1900 على الأقل أودى بحياة ما لا يقل عن 2497 شخصا، كما أصيب آلاف آخرون وما زال كثيرون في عداد المفقودين. ومع بناء العديد من البيوت من الطوب اللبن والأخشاب أو الأسمنت وكتل النسيم (لبنة بناء مسامية خفيفة الوزن)، انهارت المباني بسهولة لتتحول إلى أكوام حطام عندما وقع الزلزال في وقت متأخر مساء الجمعة دون إتاحة جيوب هوائية يمكن أن توفرها المباني الخرسانية الجاهزة في مواجهة الزلازل. وقال خبراء إنه حتى المنازل أو المباني الخرسانية تفتقر في كثير من الأحيان لتصميم مضاد للزلازل في منطقة غير معتادة على مثل هذه الهزات القوية مما يترك الناجين وعمال الإنقاذ يتنقلون بين أكوام الأنقاض مع عدم وجود أي جدران تقريبا حيث كانت تقف منازل ذات يوم. وقال أنطونيو نوجاليس، منسق عمليات منظمة رجال الإطفاء المتحدون بلا حدود، وهو فريق إنقاذ إسباني، لقناة 'تي.في.إي' الإسبانية "هذا النوع من الانهيار يسبب صعوبة في ولوج الهواء بسبب أنواع المواد، مثل الطوب اللبن". وأضاف "الصلب والخرسانة يسهلان إمكانية وجود ناجين، لكن مواد الطين والطوب تعني أن فرص إخراج أحياء من تحت الأنقاض تقل منذ اللحظات الأولى".
مشاركة :