الخلافات الأسرية تعصف بثقة الأبناء في أنفسهم

  • 3/11/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تلعب شبكة العلاقات الإنسانية والاجتماعية التي تربط بين أفراد الأسرة، وعلى رأسها طبيعة علاقة الوالدين، دوراً كبيراً فيما يصبح عليه الأبناء، إذ يحتاجون في مراحل حياتهم إلى المحبة والاحتواء والطمأنينة، التي تعصف بها الخلافات والنزاعات بين الوالدين. وانطلاقاً من هذا المبدأ يعمل قسم الاستشارات الأسرية والنفسية بإدارة مراكز التنمية الأسرية بالشارقة، على جعل الطلاق، آخر الحلول المشروعة التي يلجأ إليها الأزواج لما لها من تأثير سلبي في طمأنينة ونشأة أبنائهم. تقول ابتسام السويدي، رئيس قسم الاستشارات الأسرية والنفسية بإدارة مراكز التنمية الأسرية بالشارقة: يربي الآباء أبناءهم ويعدونهم للحياة عن طريق تنمية أساليب التنشئة الوالدية (Parental Upbringing Style)، ونعني بها أي سلوك أو فعل يصدر عن أحد الأبوين أو كليهما، يؤثر في الطفل وعلى نمو شخصيته ويحدد سلوكه، كما تلعب شبكة العلاقات الإنسانية والاجتماعية التي تربط بين أفراد الأسرة وعلى رأسها طبيعة علاقة الوالدين دوراً كبيراً فيما يصبح عليه هذا الابن مستقبلاً. وتضيف: في ميدان المشكلات الزوجية التي تؤدي لمشكلات سلوكية لدى الأطفال، يجب أن نعي ارتباط المحور الأول بالثاني ارتباطاً وثيقاً. فكل الدراسات والشواهد اليومية تؤكد أهمية البيئة التي يعيش فيها الطفل خصوصاً الأسرية. إذ يحتاج الأبناء في مراحل حياتهم إلى المحبة والاحتواء والطمأنينة، التي لا تأتي إلا بأسلوب الرفق واللين لا بالشدة والقسوة وكثرة المحاسبة، فأسلوب الرفض أو القسوة على سبيل المثال لن ينشئ أطفالاً مثل أولئك الذين تربوا على الأساليب الصحيحة، كما يجب أن نعي أن الخلافات والنزاعات بين الوالدين من أعداء الطمأنينة في حياة الطفل. وتضرب السويدي مثلاً، بحالة مرت عليهم في القسم، وهي أم لثلاثة أبناء عاشت حياة مريرة مع طليقها الذي انفصلت عنه منذ عام، إذ كان قاسياً عليها غير مبالٍ بشؤون أسرته عنيفاً على أبنائه الثلاثة، فلجأت الأم إلى المحكمة حتى تأخذ حقوقها وحقوق أبنائها، ولكن قابلها الزوج بعناد شديد وتم الانفصال. في هذه الفترة كانت الزوجة تعاني مشكلات نفسية وصراعات مع أبنائها. تقول: كانت الأم تحاول جاهدة أن تعوض أبناءها عن فقدان والدهم، كما كانت تحاول أن تقوم بدورها أماً ومربية، ولكن تفتقد إلى جوانب مهمة جداً في تعاملها مع أبنائها، حيث كانت صارمة شديدة وأحياناً قاسية عليهم؛ إيماناً منها بأن هذا الأسلوب سيضمن تربيتهم تربية ناجحة. وكانت في حال انهيار من ورود شكاوى متكررة في الجانب السلوكي بشأن أبنائها، كالعنف والعناد والهروب من المدرسة، وكانت دائماً يشغلها سؤال واحد: فيم أخطأت وهي متفانية في تربيتهم؟. وبعد أن تعبت الأم من حيرتها، قررت اللجوء إلى قسم الاستشارات الأسرية والنفسية بإدارة مراكز التنمية الأسرية بالشارقة. وتشير السويدي إلى أن الأم أخذت وقتاً في الجلسات الفردية التي ركزت فيها على تفريغ ما يختلج في نفسها من مشاعر سلبية وتراكمات أثرت في سلوكها مع أبنائها كما أثرت في نفسيتها وشخصيتها. ثم تحدثت عن وضع الأبناء في الجلسات التالية لها وسلطت الضوء على بعض الأخطاء التي ارتكبتها دون قصد مع أبنائها، حيث كانت تسقط على أبنائها ما تحمله في داخلها من ضيق، فنشأ أبناؤها فاقدين للإحساس بالمحبة والطمأنينة والثقة بالنفس، وتراكمت المشكلات النفسية والتربوية عليهم. وتوضح، قائلة: السلوك العدواني أو العنيف لدى أحد الأبناء ناشئ عن الإحباط أو تقمص شخصية الوالد، أو غالباً الشعور بالنقص، إذ يعوض الابن هذا النقص بأن يتوهم نفسه متفوقاً على غيره، مؤكدة أن استيعاب هذه الأمور وتحديد الأسباب هي أول مراحل العلاج. وبعد عدد من الجلسات الفردية مع الأم في قسم الاستشارات الأسرية والنفسية بإدارة مراكز التنمية الأسرية، تركزت على تقديرها لذاتها ولدورها وإمدادها بآليات التعامل مع الأبناء ومقابلات فردية مع الأبناء وتشخيص الجانب النفسي لديهم وتفريغ الشحنات السلبية، استطاعت الأم استيعاب نفسيات الأبناء، وأهمية البحث المستمر عن وسائل تصريف النشاط أو الطاقة الداخلية لهم، حسب السويدي، التي تضيف: تصريف المكبوتات أمر يريح الطفل، والعنف والقسوة في المعاملة والتأديب الصارم تجعله يختزل المشاعر السلبية ليوجهها للغير، خصوصاً إذا مروا بظروف أثرت في نفسياتهم. كما يجب إزالة كل الهواجس لدى الطفل تجاه الوالدين. وتقول: جرى الاتفاق مع الأم على آلية وضع الضوابط المناسبة لتربية الأبناء تربية سليمة وفق الأسس المناسبة، كما تم التواصل مع الأب، الذي اقتنع بعد جهد كبير بأهمية دوره وفاعليته في تربية أبنائه، فالعلاقة الأبوية أبدية لا تنتهي بتوقيع ورقة الطلاق. وتركزت الجلسات مع الأب على دوره في تعديل سلوك أبنائه بالاحتواء والرفق والتربية الوالدية الفعالة.

مشاركة :