المنافسة المتصاعدة بين القوى العظمى «2 من 2»

  • 9/14/2023
  • 00:28
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

منذ قرون عديدة، كانت المنافسة بين القوى العظمى قائمة على إمبراطورية رسمية "التي تحكم الدول الأخرى"، وممارسة السيطرة الفعلية من خلال الوسائل العسكرية، والرشوة، والعلاقات التجارية غير المتكافئة. ومنذ أوائل القرن الـ17 حتى الأربعينيات من القرن الماضي، قادت الإمبراطورية البريطانية العالم بكلا النوعين من المكائد، لكن الدول الأوروبية الأخرى كانت لها أيضا مجالات نفوذها. لقد تغير النظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية نتيجة تولي الولايات المتحدة السلطة بوصفها القوة الصناعية الغربية الرائدة، عازمة على استبدال الإمبراطورية الرسمية بعلاقات تجارية أكثر مساواة. لا شك أنه لا يزال هناك كثير من الشكاوى حول عدالة هذا النظام. لكن أداء أوروبا الغربية كان جيدا، كما ازدهرت دول مثل اليابان وسنغافورة وكوريا الجنوبية، و"في العقود الأخيرة" أيضا الصين، في ظل نظام تجاري دولي مفتوح نسبيا، شجع صادرات السلع المصنعة من الدول ذات الأجور المنخفضة إلى الأسواق ذات الدخل المرتفع. وفي 1989، انهارت الكتلة البديلة للاتحاد السوفياتي في مرحلة ما بعد الحرب، التي كانت تستند إلى السيطرة العسكرية على أوروبا الشرقية، قبل عامين من انهيار الاتحاد السوفياتي نفسه. مع ذلك، فإن المرحلة الأخيرة من المنافسة بين القوى العظمى تتعلق بالتكنولوجيا أكثر بكثير مما تتعلق بالتجارة. وحين نسترجع الأحداث الماضية، فسيتبين لنا أن هذا التحول بدأ خلال الحرب العالمية الثانية، عندما تبادل البريطانيون التطورات الرئيسة "وخاصة الرادار والتفكير المبكر في الأسلحة الذرية"، وذهب مشروع مانهاتن الأمريكي إلى أبعد وأسرع مما كان ليتخيل أي شخص. لقد جاءت أجهزة الكمبيوتر الرقمية، ورقائق أشباه الموصلات، والطائرات النفاثة، والأدوية واللقاحات المنقذة للحياة، وشبكة الإنترنت من الغرب "بدعم كبير من الاستثمارات الحكومية الأمريكية". في أكتوبر 1957، صدم الاتحاد السوفياتي، العالم، بإطلاق أول قمر اصطناعي، سبوتنيك. لكن نظامه الصارم والقمعي لم يتمكن من دعم القدر الكافي من الإبداع أو تحويل الأفكار الجيدة إلى منتجات مرغوبة "باستثناء الأسلحة". واليوم، تريد الصين تحدي الغرب على الريادة في مجال التكنولوجيات الجديدة، وتتطلع إلى تشديد الرقابة الاجتماعية من خلال الجمع بين الذكاء الاصطناعي والمراقبة. وهذا ما يشكل التهديد الحقيقي المحتمل للغرب، وليست مجموعة بريكس الموسعة. والآن، هناك جدل حاد قائم بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي في واشنطن، بقيادة زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي تشاك شومر، بشأن مقدار الذكاء الاصطناعي الذي نريد تطويره، وما الضمانات المعمول بها. وهذا أمر صحي، ومن المرجح أن يؤدي إلى نتائج أفضل "على الرغم من وجود عيوب بلا شك فيما يتعلق بحماية المستهلك، إلى جانب المخاوف المستمرة بشأن فقدان الوظائف".في المقابل، لا يسمح في الصين بإجراء مناقشة مفتوحة حول التكنولوجيات التي ترغب في تطويرها وكيفية توجيهها نحو الابتكار. وكما كانت الحالة أثناء الحرب الباردة، يتنافس نظام صارم وقمعي على قيادة العالم في إنتاج المعرفة وتطبيقها ونشرها. فهل ستنجح الصين في تحقيق ما عجز عنه الاتحاد السوفياتي؟ وما دام الغرب مستمرا في تعزيز الابتكار -وإدارته بشكل مسؤول- فمن غير المرجح أن تفوز الصين. وبهذا المعنى فإن الغرب يتحكم في مصيره. خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكت، 2023.

مشاركة :