مزاعم إسرائيل مستمرة، حتى بعد مضى 50 عاما على حرب أكتوبر، بأنها انتصرت فى الحرب، دون أن تفسر عشرات الأسئلة المهمة، التى تفرض نفسها تلقائيا أمام هذه المزاعم، مثل: لماذا رضخت، إذا كانت انتصرت حقا، لإعادة كامل سيناء إلى مصر، فى حين أن رفضها لا يزال على أشده بالنسبة لبقية الأراضى العربية؟ فى ردٍّ قوى على هذه المزاعم الإسرائيلية، خاصة على ما قالت إنه إفراج عن الوثائق السرية لحرب أكتوبر، يقول الدكتور محمد عبود، أستاذ اللغة العبرية والشئون الإسرائيلية بجامعة عين شمس، فى تصريحات خاصة لموقع (روسيا اليوم) هذا الأسبوع، إن فحص هذه الوثائق يؤكد ان جانبا من أسرار الحرب لدى إسرائيل لا يزال قيد السرية. وبعين الخبير المدقق وضع الدكتور عبود يده على ما أطلق عليه (أخطاء بدائية) فى هذه الأجزاء التى أُفرِج عنها، كأن تُحجَب معلومات فى وثيقة التحقيق مع رئيس الأركان، ثم تُترَك نفس المعلومات فى وثيقة التحقيق مع رئيس الاستخبارات الحربية! لذلك، فإن الوثائق الرسمية الإسرائيلية تُفسِّر بعضها بعضا، ويمكن من خلال دراستها دراسة جادة كشف الكثير والكثير من الأسرار التى أرادت تل أبيب أخفاءها وحجبها. وأضاف الدكتور عبود أن أهم ما فى الوثائق الإسرائيلية الأخيرة، وكذلك التى نُشِرَت على مدار العقود السابقة، هو توفير مادة خام باللغة العبرية تثبت، بما لا يدع مجالا للشك، أن مصر انتصرت فى حرب اكتوبر انتصارا عظيما، وألحقت الهزيمة بإسرائيل فى ميدانى السياسة والقتال. ويُرَجِّح الدكتور عبود أن أسباب حجب المعلومات تتراوح بين الحفاظ على أسرار الأمن القومى الإسرائيلى، وكذلك الحفاظ على الروح المعنوية للإسرائيليين، خشية الأثر السلبى عندما تؤكد وثائقهم أن رئيسة الوزراء جولدا مائير فكرت فى الانتحار، عندما تكونت أمامها صورة الأوضاع فى ميدان القتال. وكذلك إصابة وزير الدفاع موشيه ديان بانهيار نفسى، يوم 7 أكتوبر، بعد زيارته الجبهة، ومطالبته بالانسحاب أمام الجيش المصرى وترك خط بارليف والتخلى عن الجرحى الإسرائيليين فيه وإبلاغهم عبر اللاسلكى، إما أن يخلِّصوا على أنفسهم أو أن يستسلموا للجيش المصرى. وكذلك المعلومات الخاصة برئيس جبهة سيناء اللواء شموئيل جونين للتفكير جدياً، على حد قوله، فى اغتيال موشيه ديان فى مكتبه.
مشاركة :