الباحث عن الحقيقة

  • 3/11/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

•• كان يجلس في ذلك الظل الوارف.. ويده تمتد بين لحظة واخرى الى عنقود العنب المتدلي من تلك “العريشة” وعيناه تذهبان الى البعيد واذناه تصغيان السمع لأي دبيب نملة.. لقد قطع الفيافي.. ذاق فيها الوان العذاب. استرق.. واضطهد وهو يخدمها ليل نهار.. كان لفح النار يشوي اطرافه كان ينظر اليها وقلبه مشغول.. وفكره في البعيد يبحث عن حقيقة غير هذه التي امامه انه يشعر ان كل هذا الذي يحيط به أمراً ليس بالأمر الصحيح كيف يمكن للإنسان ان يعيد ما يصنع او ان يخضع لما يعمل على اشعاله.. هذه (النار) تطفيها رشة مطر.. ويكفي لاخمادها ان تكف عن قذف أي وقود فيها لتهمد.. وهذه ليست صفات رب.. تذكر كل هذا وهو يجلس تحت تلك العريشة ليأكل من عنبها في لحظات راحة يسرقها بعيداً عن مخدومه. ••• هذه اخباره تأتي مع القادمين من “مكة” لقد طال الانتظار.. فجأة قذف ما بقي من حبات عنب في يده وهو يسمع ذلك الذي يصرخ من أعلى النخلة يا بني (قيله) ان هذا صاحبكم قد اقبل.. راح يقفز الحواجز ويدخل في وسط الجموع وهي “تهجز” وتنشد طلع البدر علينا.. عيناه دمعتا وهو ينظر اليه من البعيد كان على “القصواء” قلبه يعتصر في داخل صدره يريد ان يقفز ليضمه بين كفيه يفعل به ما يشاء لكن كتم كل ذلك في نفسه راح يدور حوله.. لمحه علم ما يريد مكنه ليشاهد ما يبحث عنه بين كتفيه. انكب عليه لثماً وتقبيلاً هدهده حتى اطمأنت نفسه قليلا لكنه في لحظة عاجلة قدم اليه عنقوداً من عنب قائلا هذا صدقة اعتذر منه في المرة الثانية قدم عنقوداً آخر هذا هدية امتدت يده ليطعمه اطمأن بانه هو الذي يبحث عنه وطال انتظاره من أجله ومن لحظتها لم يفارقه كان العاشق والمحب والمخلص منذ ذلك اليوم حيث شعر ان كل ما لقيه من عنت وتعب في مشوار حياته الطويل.. الطويل.. وكل ذلك العذاب الذي عاشه بحثاً عن الحقيقة كان برداً وسلاماً في داخله وهو يجلس امامه.. يسمعه.. يحادثه.. يحاوره.. يقربه منه منذ ذلك اليوم بدأت حياة جديدة له. كأنها بداية الوجود والحق له. ليفوز بذلك اللقب العظيم عندما قال عنه صلوات الله عليه وسلم “سلمان منا اهل البيت”.

مشاركة :