اعتبر المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي «اختيار المرشد القادم» في إيران من المهام الرئيسية لمجلس خبراء القيادة، مؤكدا على ضرورة الحفاظ على «ثورية» المجلس القادم، فیما وصف قبول الهزيمة الانتخابية من قبل المقربين إليه بـ«سلوك نبیل». وشدد خامنئي في لقاء جمعه أمس بأعضاء مجلس خبراء القيادة على استمرار «التفكير والعمل الثوري» في مجلس الخبراء الجديد، وأوصاهم بـ«تجنب المجاملة والمصالح» في اختيار القائد الجديد. وأبرز من التقى خامنئي، الرئيس الحالي لمجلس خبراء القيادة محمد يزدي، ومحمد تقي مصباح يزدي، وهما من المهزومين في انتخابات مجلس خبراء القيادة. كما شهد اللقاء حضور الرئيس الإيراني حسن روحاني، ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام علي أكبر هاشمي رفسنجاني، أبرز الفائزين في الانتخابات. ورأى خامنئي أن الهزيمة أو الانتصار في الانتخابات أمر طبيعي، وأن الخسارة لا تلحق ضررا بمكانة يزدي ومصباح. يشار إلى أن مجلس خبراء القيادة الذي يضم 88 عضوا وتجري انتخاباته كل ثمانية أعوام يحظى في دورته الجديدة بأهمية قصوى، نظرا لإمكانية تسمية المرشد الأعلى الثالث في إيران بعد تداول تقارير عن تدهور الحالة الصحية لخامنئي. وفي مقابل الإشادة بقبول الهزيمة من قبل التيار المقرب منه، هاجم خامنئي ضمنيا تصريحات حسن روحاني الاثنین الماضی في يزد (وسط إيران)، التي أشاد من خلالها بالرئيس الأسبق محمد خاتمي وقال إن «الإيرانيين لا ينسوا خدماته من أجل شموخ إيران، وليس بإمكان أي أحد أن يطفئ ذكرى وأثر من قدموا خدماتهم إلى الشعب». وتفرض السلطات قيودا على محمد خاتمي بوصفه أحد رموز «الفتنة» بعد الانتخابات الرئاسية في 2009 وتمنع تداول اسمه وصورته من وسائل الإعلام، كما منعت كبار المسؤولين من التطرق إلى اسمه. كما تفرض السلطات الإيرانية الإقامة الجبرية منذ شتاء 2011 على المرشحين الإصلاحيين مير حسين موسوي، ومهدي كروبي بعد احتجاجات التيار الأخضر التي امتدت ثمانية أشهر. في غضون ذلك، اعتبر خامنئي سلوك الخاسرين في الانتخابات الأخيرة بـ«النبيل»، ووصف سلوك الإصلاحيين في 2009 بـ«المشين»، وقال إنهم يتصرّفون «مثل المهزومين في انتخابات 2009 الذين أدت وقاحتهم إلى الفتنة وزعزعة الاستقرار». وبعد مضي أسبوعين على الانتخابات البرلمانية ومجلس خبراء القيادة، أبدى خامنئي إعجابه بحضور الإيرانيين في الانتخابات، واعتبره «لافتا» کما دافع عن «تنافسیة» الانتخابات التي أثارت جدلا واسعا بعد إقصاء مسؤولين سابقين وشخصيات معروفة على يد مجلس صيانة الدستور. بهذا الصدد صرح خامنئي أن «الانتخابات جرت بنزاهة، وهي تثبت عدم مصداقية تصريحات أصحاب الفتنة حول عدم نزاهة انتخابات 2009». وكان خامنئي استبق الانتخابات بسلسلة من الخطابات دعا فيها إلى المشاركة الواسعة في الانتخابات، «حفاظا» عليها. في سياق متصل، عاد خامنئي مجددا إلى تحذيراته من «التغلغل» الأجنبي، واتهم من وصفهم بـ«أعداء» بلاده بمحاولة تغيير المعادلات لدى كبار المسؤولين السياسيين عبر «الرقابة» الدائمة عليهم. ويعد مشروع التغلغل الذي يحذر منه خامنئي كلمة الرمز لسيطرة دوائر المرشد والحرس الثوري على مواجهة جدل ما بعد الاتفاق النووي، ومحاولات التنسيق بين بعض المسؤولين الحكوميين مع الدول الغربية. في سياق مواز، رجح قائد قوات «جو الفضاء» في الحرس الثوري، أمير علي حاجي زادة، تأثر بعض كبار المسؤولين السياسيين في إيران من «الأعداء» لمطالبتهم بتأجيل الاختبارات الصاروخية، واصفا ردود الأفعال الأميركية على الاختبار الصاروخي الإيراني الأخير بـ«افتعال الأجواء». وأرسل تصريح حاجي زادة إشارات كبيرة عن تصاعد الخلاف بين الحكومة والحرس الثوري حول توقيت العملية واستمرار المناورات الصاروخية. وقبل ذلك بيومين، كان مساعد قائد القوات البحرية في الحرس الثوري، علي رضا تنكسيرين قد ذكر أثناء حديثه عن «مخاطر التغلغل» أن أعداء بلاده يعملون على استقطاب كبار المسؤولين، مؤكدا أنهم يدفعون ثمنا باهظا من أجل تغيير اتجاهات «طبقة خاصة» من السياسيين في النظام الإيراني. من جهته، طالب أمين عام الأمم المتحدة، بان كي مون، من إيران عدم زيادة التوتر والكف عن أي نشاطات طائشة بشأن إطلاق الصواريخ البالستية التي أجرتها طهران مؤخرا. وحث كي مون «جميع الأطراف المعنية إلى ضبط النفس، خصوصا في المناخ السياسي الحالي في منطقة الشرق الأوسط». ودعا في هذا الإطار «حكومة إيران على العمل باعتدال وحذر والحس السليم، وعدم زيادة التوتر من خلال أي إجراءات طائشة». وأضاف في بيان صدر باسمه أمس أنه «وفقا للخطة الشاملة المشتركة من العمل وقرار مجلس الأمن 2231 حيث تم إنهاء عقوبات مجلس الأمن المفروضة سابقا، (..) أدعو إيران بعدم القيام بأي نشاط يتعلق بصواريخ بالستية صممت لتكون قادرة على حمل أسلحة نووية، بما في ذلك إطلاق الصواريخ البالستية».
مشاركة :