تعد إفريقيا هي أكثر الأماكن تكلفة لعمليات تحويل الأموال، حيث تبلغ تكلفة التحويل 8 في المائة. ويحدث أكثر من ثلاثة أرباع الهجرة عبر الحدود في إفريقيا داخل القارة نفسها، ويعد تدفق التحويلات بين الدول الإفريقية كبيرا. إلا أن تكلفة العمليات المتعددة لتحويل العملة، والضوابط على الصرف الأجنبي، وعدم وجود أنظمة دفع قابلة للتشغيل البيني تضيف جميعها إلى تكلفة إرسال الأموال. يوجد عامل آخر يؤثر في جميع الدول تقريبا هو عقود الشراكة بين شركات تحويل الأموال والبنوك الوطنية ومكاتب البريد. على سبيل المثال، يمكن أن تتجاوز تكلفة إرسال 200 دولار من تنزانيا إلى أوغندا 70 دولارا ـ أي 35 في المائة من قيمة المعاملة، وهو أمر يثير دهشة بالغة. ومن شأن تخفيض تكلفة تحويلات العاملين في الخارج بمقدار 5 في المائة فقط الحد من التكاليف عالميا بنحو 30 مليار دولار سنويا. ومعظم المدخرات ستفيد المهاجرين الفقراء وأسرهم في الاقتصادات النامية. تعد المحافظ الرقمية عن طريق الهواتف الذكية أقل الطرق تكلفة لإرسال الأموال. وقد شهدت تحويلات العاملين في الخارج باستخدام الوسائل الرقمية زيادة سريعة منذ بداية جائحة كوفيد - 19، إلا أن معظمها لا يزال يتضمن مبالغ نقدية في أحد طرفي المعاملة أو كليهما. ولسوق التحويلات سمعة سيئة بأنها تخضع لاحتكار قلة من مقدمي الخدمة ـ أي هيكل يشبه اتحادا احتكاريا "كارتل" يتكون من عدد قليل من مقدمي الخدمة الذين يمارسون السيطرة عن طريق شبكاتهم الخاصة التي تقتصر عليهم. فالتحويلات المتلقاة في مصر أكبر من إيرادات قناة السويس. الحقيقة أن القواعد التنظيمية المرهقة الرامية إلى مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب تخنق المنافسة. ويتعامل المنهج الحالي القائم على القواعد تجاه العملية التنظيمية مع كل عملية تحويل بنوع من الشك. ويرفض عدد كبير من البنوك تقديم خدمات المراسلة المصرفية لشركات تحويل الأموال، ولا سيما الشركات المبتدئة في مجال التكنولوجيا المالية، لأنها تخشى مخالفة القواعد التنظيمية. وأدت ممارسات "إزالة المخاطر" هذه إلى إقفال البنوك حسابات عدد كبير من شركات تحويل الأموال، خاصة الشركات التي تخدم اقتصادات هشة، مثل الصومال. من المفارقات أنه عندما لا يجد الناس قنوات نظامية لإرسال الأموال، فإنهم يلجأون إلى قنوات غير نظامية. ويزيد هذا الأمر من صعوبة مكافحة الجرائم المالية. ويمكن لمنهج قائم على المخاطر يقلل المتطلبات التنظيمية للمبالغ الصغيرة "أقل من 200 دولار على سبيل المثال" إطلاق إمكانات عمليات التحويلات الرقمية عبر الحدود. وحيثما أطلقت اللوائح التنظيمية العنان لشركات التكنولوجيا المالية للاستفادة من التكنولوجيا الحديثة، انخفضت تكلفة تحويلات العاملين في الخارج انخفاضا حادا. وبتحسين اللوائح التنظيمية وتخفيض التكلفة، يمكن للتحويلات إحداث مزيد من التحسن في الشمول المالي. ومن الممكن الاستفادة من هذه التحويلات لتوسيع نطاق الحصول على حسابات مصرفية، وأيضا خدمات الادخار والقروض ومنتجات التأمين. ويمكن للتحويلات أيضا أن تتيح للدول قدرة أكبر على النفاذ إلى أسواق السندات الدولية عن طريق تحسين استمرارية القدرة على تحمل الديون والتصنيف الائتماني السيادي. ويمكن استخدام إيرادات التحويلات في المستقبل كضمان للاقتراض. وقد تمكنت البنوك التجارية في البرازيل، على سبيل المثال، من تدبير أكثر من مليار دولار بأسعار فائدة منخفضة في 2002 عن طريق سندات مضمونة بتحويلات مستقبلية من اليابان. ويمكن لقنوات التحويلات تعبئة مدخرات المغتربين أيضا. وقد استطاعت نيجيريا تدبير 300 مليون دولار عن طريق سندات للمغتربين في 2017. ولجأت الهند إلى العدد الكبير من مواطنيها المغتربين لجمع نحو عشرة مليارات دولار بهذه الطريقة. من جهة أخرى، حاولت بعض الحكومات، من وقت إلى آخر، فرض ضرائب على تحويلات العاملين في الخارج. ويمكن، حسب قولها، استخدام هذه الإيرادات لأغراض إنتاجية. إلا أنه سيكون من الصعب فرض ضرائب من هذا النوع. فقد يحجم الناس ببساطة عن استخدام قنوات التحويل الرسمية. وسيكون من الأفضل للحكومات أن تحسن بيئة الأعمال في دولها حتى تشجع المواطنين على اختيار استثمار الأموال التي يتلقونها من أقربائهم في خارج البلاد. ستواصل تحويلات العاملين في الخارج النمو. فمن المتوقع أن ينضم ما يربو على مليار شخص، معظمهم في إفريقيا وجنوب آسيا، إلى السكان ممن هم في سن العمل بحلول 2050. على العكس من ذلك، يدخل السكان في كثير من الاقتصادات المتقدمة مرحلة الشيخوخة. وسيزيد هذا الاختلال الديموغرافي العرض من العمال المهاجرين والطلب عليهم. وسيزيد تغير المناخ والأحوال الجوية القاسية ضغوط الهجرة. ومع زيادة عدد المهاجرين وانخفاض تكلفة المدفوعات عبر الحدود وزيادة سهولتها، ستواصل تحويلات العاملين في الخارج توفير دخل مستقر لملايين الأشخاص ولعب دور بالغ الأهمية في الاقتصاد العالمي.
مشاركة :