الخرطوم 14 سبتمبر 2023 (شينخوا) أثارت تصريحات لقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) مساء الخميس حول نيته تشكيل حكومة موازية بالخرطوم ومناطق أخرى مخاوف جدية من خطر تقسيم السودان. وهدد حميدتي في خطاب صوتي مسجل بث على حسابه في موقع ((اكس)) مساء أمس بتشكيل حكومة موازية في الخرطوم والمناطق التي تسيطر عليها قواته إن أعلن الجيش تشكيل حكومة في مدينة بورتسودان بشرقي السودان. وقال حميدتي في خطابه إنه "حال استمر هذا الوضع أو قام الفلول (في إشارة إلى أنصار النظام السابق) بتشكيل حكومة في بورتسودان سنشرع فورا في مشاورات واسعة لتشكيل سلطة حقيقية في مناطق سيطرتنا الممتدة تكون عاصمتها الخرطوم ولن نسمح بخلق عاصمة بديلة". وإثر تصريحات حميدتي، سارعت عدة كيانات سياسية إلى التحذير من تهديدات قائد الدعم السريع ومن خطورة تشكيل حكومتين في مناطق سيطرة طرفي النزاع المسلح بالسودان. وقال الناطق باسم المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير جعفر حسن، في تغريدة على حسابه في منصة ((اكس))، "هنالك أنباء عن تشكيل حكومة ببورتسودان وأخرى في الخرطوم، إذا حدث هذا الأمر فيعني فعليا تقسيم السودان إلى دولتين". وناشد حسن الطرفين وقف أي خطوات من هذا القبيل والاتجاه فورا نحو الحوار في منبر جدة الذي ترعاه السعودية والولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار. بدوره، أعرب عضو مجلس السيادة الانتقالي السابق محمد حسن التعايشي عن خطورة ما يتم تداوله حول تشكيل حكومات جديدة من قبل طرفي النزاع في السودان. وكتب التعايشي في تغريدة على موقع ((اكس)) "ليس أسوأ من الأجندة الحربية والانفصالية التي تمثل جوهر المشروع الإسلاموي وتيار المحافظين الجدد، إلا التقليل من عوامل التقسيم التي تلوح في الأفق". وأضاف أن "الاستهوان بالحروب ومسسبباتها قاد إلى أسوأ صراع مسلح في تاريخ بلادنا، وتعمد التقليل من خطر التقسيم سيقود إلى التشظي لا محال". وتابع التعايشي قائلا إن "مقاومة تشكيل حكومات مناطقية مثل التي ينشط فيها الفلول الآن ومن يساندونهم ضرورة وطنية، ولكنها ليست كافية لمقاومة التيارات الانفصالية في بلادنا". ووصف نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني خالد عمر، تصريحات قائد قوات الدعم السريع بأنها "خطيرة للغاية". وقال عمر في تغريدة على حسابه في منصة ((إكس)) اليوم "إن خطاب حميدتي خطير للغاية"، محذرا من أن "السودان يبدو متجها نحو التقسيم بسرعة الصاروخ". وأضاف "على جميع القوى الراغبة في السلام التوحد من أجل وضع حد للحرب عبر المفاوضات التي تحفظ وحدة بلادنا". ورأى عمر أن "السودان على المحك وإنقاذه رهين بوقف الحرب فورا والاتجاه نحو حلول سلمية حقيقية ومنصفة". من جهتها، أعلنت حركة العدل والمساواة السودانية رفضها القاطع لتشكيل أي حكومة من طرف واحد قبل الوصول إلى اتفاق سياسي شامل. وقالت الحركة في بيان صحفي اليوم (الجمعة) "نستنهض إرادة جماهير الشعب السوداني ممثلة في القوى السياسية وحركات الكفاح المسلح وكل قطاعات الشعب السوداني الوقوف بقوة ضد تشكيل أي حكومة من طرف واحد". وأضافت "نحمل التداعيات التي تترتب على وحدة البلاد أرضا وشعبا للطرف الذي يقدم علي هذه الخطوة المرفوضة جماهيريا لا محالة". وكان قائد قوات الدعم السريع قد اتهم في خطابه رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان وقائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بالسعي وراء حكم السودان، قائلا إنه "بعد فشل مخطط هزيمة الدعم السريع ولرغبة البرهان ليكون رئيس حتى ولو على جزء من السودان اجتمعوا جميعا في بورتسودان ويريدون تشكيل حكومة في جزء من السودان". وأردف قائلا إنه "ورغم سيطرة قواتنا على غالب السودان، إلا أننا لم نقم بإعلان حكومة، لأننا لسنا طلاب سلطة ونتمسك بالحفاظ على وحدة السودان". ومنذ اندلاع الحرب الدائرة في السودان قبل خمسة أشهر لم يصدر عن الجيش السوداني ما يشير إلى نيته تشكيل حكومة جديدة في البلاد. وأكد البرهان مرارا أن الجيش ليس لديه أي نزعة للاستيلاء على السلطة. ففي أغسطس الماضي، قال البرهان في مؤتمر صحفي خلال زيارة إلى مصر إن "القوات المسلحة السودانية قوات قومية ليست لديها أي نزعة للاستيلاء على السلطة أو أي نزعة للاستمرار في أن تحكم السودان". وتابع "نحن نطمئن كل أصدقاء السودان وجيرانه بأننا ماضون في السعي إلى إيقاف هذه الحرب واستكمال المسار الانتقالي الديمقراطي وإقامة انتخابات حرة ونزيهة في نهاية المسار لكي يختار الشعب السوداني من يحكمه". إلا أن تقارير إعلامية سودانية كانت قد تحدثت في وقت سابق عن نية الجيش والقوى السياسية المتحالفة معه إعلان حكومة طوارئ مركزها بورتسودان، لكن لم يصدر حتى اللحظة موقف رسمي بذلك. ولم يعلق الجيش السوداني أو الحكومة على تصريحات قائد قوات الدعم السريع حتى الآن. ومع اكتمال الشهر الخامس للقتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مازالت قوات الدعم السريع تسيطر على مناطق واسعة بالعاصمة السودانية الخرطوم وبعض المناطق بولايات غرب السودان. فيما يسيطر الجيش السوداني على مناطق واسعة في شمال وشرق ووسط السودان. ويشهد السودان منذ 15 أبريل الماضي مواجهات مسلحة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بالخرطوم ومدن أخرى، أدت إلى مقتل أكثر من ثلاثة آلاف شخص وإصابة ما يزيد عن ستة آلاف آخرين، وفق وزارة الصحة السودانية. وبحسب أحدث تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية (أوتشا)، فقد فر حوالي 5.1 مليون شخص داخل السودان وخارجه بسبب النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
مشاركة :