وتأتي الشكوى التي كشفتها صحيفة نيويورك تايمز وأكدها حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم، بعد عدة دعاوى رفعتها مدن ومقاطعات وولايات أميركية ضدّ مصالح على ارتباط بالوقود الأحفوري بسبب تأثيره البيئي والمناخي بالإضافة إلى اتهامها بشن حملات تضليل على مدى عقود. وقُدّمت الشكوى المدنية الجمعة إلى المحكمة العليا في مدينة سان فرانسيسكو ضدّ "إكسون موبيل" و"شل" و"بريتيش بتروليوم" (بي بي) و"كونوكو فيليبس" و"شيفرون". كما تستهدف الشكوى التي اطلعت عليها وكالة فرانس برس "المعهد الأميركي للنفط" (ايه بي آي). وأعلن نيوسوم في بيان الجمعة "على مدى أكثر من 50 عامًا، كانت كبرى شركات النفط تكذب علينا - وأخفت واقع أنها كانت تعلم منذ فترة طويلة مدى خطورة الوقود الأحفوري الذي تنتجه على كوكبنا". وأضاف "كاليفورنيا تتخذ إجراءات لمحاسبة كبار الملوّثين". وانتقدت متحدثة باسم إيه بي آي الشكوى معتبرة أن السياسات المناخية مسألة "يعود للكونغرس وليس للنظام القضائي أن يناقشها ويقررها". وقالت أندريا وودز في تصريح لوكالة فرانس برس "هذه الحملة المتواصلة والمنسقة لرفع دعاوى مسيّسة ولا أساس لها ضد قطاع صناعي أميركي أساسي وعماله، ليست سوى تمويه عن القضايا الوطنية المهمة وإهدار هائل لأموال دافعي الضرائب في كاليفورنيا". من جهتها، أعلنت شركة شل في بيان أنها "موافقة على ضرورة التحرك الآن بالنسبة للاحترار المناخي" لكنها نددت بالشكوى معتبرة أن المحكمة "ليست المكان المناسب" لذلك وأكدت أن اعتماد "سياسات عامة ذكية وخطوات تقوم بها كل القطاعات هي الوسيلة المناسبة للتوصل إلى حلول". ولم تصدر الشركات الأخرى المستهدفة بالدعوى أي تعليق ردا على طلب فرانس برس. "لحظة مفصلية" وتهدف كاليفورنيا من خلال الشكوى القضائية إلى إنشاء صندوق لتغطية الأضرار المستقبلية الناجمة عن الكوارث المناخية في الولاية التي تواجه حرائق غابات وفيضانات وظواهر قصوى ناجمة عن التغير المناخي. وجاء في الدعوى المؤلّفة من 135 صفحة "من خلال التقليل من أهمية الإجماع العلمي بشأن تغير المناخ والتأكيد على عدم اليقين، يأمل المدعى عليهم في تأخير أي إجراء تنظيمي قد يسعى إلى تقليل انبعاثات (الغازات الدفيئة) أو السيطرة عليها، وبالتالي تهديد أرباح القطاع". وتابعت "كان المسؤولون التنفيذيون في شركات النفط والغاز يعلمون منذ عقود أن الاعتماد على الوقود الأحفوري من شأنه أن يسبب هذه النتائج الكارثية، لكنهم أخفوا هذه المعلومات عن عامّة الشعب وعن صانعي السياسات من خلال نشر معلومات مضللة حول هذا الموضوع". وأضافت أن "خداعهم تسبّب في تأخر الاستجابة المجتمعية لظاهرة الاحتباس الحراري العالمي. وأدّى سوء سلوكهم إلى تكاليف باهظة على الناس والعقارات والموارد الطبيعية، وهي تكاليف لا تزال تتكشّف يوميًا". واعتبر ناشطون أنها "لحظة مفصلية" في المجهود ضد الشركات النفطية، ولفت "سنتر فور كلايميت إنتغريتي" إلى أن كاليفورنيا هي حاليا "أول ولاية كبرى منتجة للنفط تقاضي شركات للوقود الأحفوري بسبب تضليلها بشأن المناخ". وقال رئيس المركز غير الربحي الذي يتخذ من واشنطن مقرا ريتشارد وايلز في بيان أن "خطوة كاليفورنيا هي بالتأكيد مؤشر إلى أن موجة الدعاوى ضد الشركات النفطية الكبرى ستتزايد باستمرار وأن أيام إفلات هؤلاء الملوّثين من المحاسبة على أكاذيبهم باتت معدودة". ومنذ بدء موجة الشكاوى على شركات النفط والغاز قبل حوالى ست سنوات، سعى هذا القطاع لتفادي المحاكمات لأسباب إجرائية. غير أنه تلقى ضربة كبرى في أيار/مايو حين رفضت المحكمة العليا الأميركية النظر في طعن قدم في قضيتين، تاركة الشكاوى تأخذ مجراها أمام القضاء. وتستلهم هذه الشكاوى ملاحقات طالت بنجاح شركات التبغ الكبرى وكذلك شركات الأدوية لدورها في انتشار المواد الأفيونية.
مشاركة :