أكد التقرير الوطني الرابع للأهداف الإنمائية للألفية، أن سلطنة عمان أولت عناية فائقة منذ بداية سبعينات القرن الماضي بتحسين الأوضاع الصحية والتعليمية والمعيشية لجميع أفراد المجتمع، لا سيما أن الأهداف الإنمائية للألفية والعديد من غاياتها مضمنة في الخطط التنموية الخمسية المتعاقبة خاصة تلك التي تم اعتمادها في عقد التسعينات، ويأتي التأكيد على هذه الأهداف باعتماد العديد من المشروعات والبرامج الوطنية التي تترجمها في الخطط التنموية ابتداء من الخطتين السادسة والسابعة. ويشير التقرير إلى أن تقييم ما تحقق من إنجازات يوضح أنها قطعت خطوات واسعة وحثيثة نحو تحقيق هذه الأهداف، بل أنها استطاعت في العديد من المؤشرات تجاوز المستهدف منها. كان المركز الوطني العماني للإحصاء والمعلومات قد أصدر التقرير الذي يعتبر بمثابة تقييم لما تحقق من منجزات على أرض الواقع من تنمية في مختلف القطاعات تزامناً مع الجهود التي تشارك بها دول العالم للانتقال إلى مرحلة جديدة يتم فيها استهداف 17 هدفاً مستجداً للتنمية المستدامة يؤمل في تحقيقها بحلول عام 2030، حيث ذكر أن الأمم المتحدة والبنك الدولي صَنفتا سلطنة عمان ضمن الدول ذات الدخل العالي، حيث بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 7877 ريالاً عمانياً في عام 2014، مبيناً أنها تحقق إنجازات مع وجود تحديات في توفير الأيدي العاملة، إضافة إلى تحد إيجاد العمل اللائق للجميع، للنساء والشباب على حد سواء، كما أن جهودها في رفع مستوى معيشة المواطن اعتبرت إحدى أولويات استراتيجية التنمية طويلة المدى (1996-2020)، حيث تم استهداف هذه الغاية في الخطط التنموية الخمسية السادسة والسابعة والثامنة عبر عدة برامج اجتماعية أهمها نظام الضمان الاجتماعي وتوفير المساكن الاجتماعية واعتماد أولوية فرص العمل لأبناء أسر الضمان الاجتماعي وذوي الدخل المحدود وإيجاد مشروعات مُدرة للدخل لدعم هذه الأسر، وتوفير منح دراسية للتعليم ما بعد المدرسي لأبناء أسر هاتين الفئتين حيث بلغت نسبة المستفيدين من نظام الضمان الاجتماعي من إجمالي عدد السكان العمانيين 7.9% في عام 2014 مقارنة مع 5.9% في عام 2010، كما حققت إنجازات عالية في مجال التغذية لا سيما للأطفال الذين تقل أعمارهم عن الخامسة، والاهتمام بتطوير وتعزير تغذية هذه الشريحة العمرية بشكل خاص والحد من مشكلة نقص الغذاء محققة نسبة انخفاض بلغت 63% من عام 1995 التي سجلت 23% إلى 8.6% عام 2009، إلا أن هذه النسبة ارتفعت بعض الشيء في عام 2014 لتصل إلى 9.7%. التعليم للجميع وفي الهدف الثاني المتعلق بتحقيق تعميم التعليم الابتدائي يذكر التقرير أنها أنجزته بحلول العام الماضي ببلوغ صافي نسبة القيد في الصفوف من الأول حتى السادس 99.4% كما سجل مؤشر نسبة التلاميذ الذين يلتحقون بالدراسة في الصف الأول ويصلون إلى الصف الأخير في تلك المرحلة تطوراً مهماً عام 1990 حيث بلغت نسبته 89.8% ثم ارتفع إلى 99.1%، وهو ما يعود بشكل رئيسي إلى تطوير كفاءة المنظومة التعليمية ما أدى إلى انخفاض معدلات الانقطاع عن الدراسة في تلك الصفوف. بين الجنسين وبالنسبة للهدف الثالث الخاص بتعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة يشير التقرير إلى أنها خطت أيضاً خطوات حثيثة إيماناً منها بأهمية هذا المبدأ باعتباره عاملاً من العوامل التي تسهم في تحقيق التنمية المستدامة حيث تلاشى التفاوت بين الجنسين في التعليم الابتدائي والثانوي عام 2014، فقد بلغت نسبة البنات إلى البنين 96% للصفوف من الأول إلى السادس و95% للصفوف من السابع إلى الثاني عشر، كما بلغت نسبة البنات إلى البنين في التعليم العالي 138%، وارتفعت نسبة النساء في الوظائف الإشرافية سواء في القطاعين الحكومي والخاص من 3.75% في عام 2003 إلى 4.26% في عام 2010، وانخفض معدل الباحثات عن عمل إلى 24.9% في عام 2010 مقارنة مع 26.8% في عام 2003، كما تواصل جهودها لتطوير واقع المرأة العمانية خصوصاً على صعيد المشاركة الاقتصادية والسياسية حيث تتجه لمراجعة السياسات والبرامج والقوانين المتصلة بالمرأة بغرض تطويرها وتعزيز خططها وفقاً للمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والمهنية، وكذلك التركيز على المحافظات التي تتسم بنسب أقل لالتحاق البنات في مراحل التعليم المختلفة مقارنة مع البنين ووضع وتنفيذ برامج تدريبية من أجل بناء قدرات ومهارات المرأة في مجال العملية الانتخابية وإدارة الحملات الانتخابية، والاستمرار في النهج الحالي في تطوير بيئة عمل لانخراطها في الأعمال الصغيرة والمتوسطة المتمثل بالدعم الكبير والتحفيز الذي تقدمه للمبادرات النسوية في هذا المجال سواء من خلال الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أو صندوق الرفد أو لجان صاحبات الأعمال في غرفة تجارة وصناعة عمان. وفيات الأطفال وفي الهدف الرابع المتصل بتقليل وفيات الأطفال، تمكنت من خفض المعدل دون سن الخامسة بشكل ملحوظ خلال العقدين الماضيين بمعدل 72.3% فبينما سجل المؤشر 35 حالة وفاة لكل 1000 مولود حي عام 1990 بلغ عدد حالات الوفاة لكل 1000 مولود حي 9.7 عام 2014، وأن تحصين الأطفال يأتي على قائمة أولويات التوجه المعتمد خلال العقود الثلاثة الماضية بغية الحد من انتشار الأمراض المعدية - كالسل والحصبة والتهاب الكبد وشلل الأطفال والدفتيريا والسعال الديكي- وأنها تعمل على بذل مزيد من الجهود لتخفيض أكثر لمعدلات وفيات الأطفال من خلال تقوية مختلف برامج الإدارة المتكاملة لأمراض الطفولة والتنسيق فيما بينها وتحسين نوعية وجودة الخدمات المقدمة في مختلف مراكز الخدمة الصحية، وكفاءة العاملين الصحيين خصوصاً في المحافظات ذات التوزع النسبي الأعلى لوفيات الأطفال مقارنة مع غيرها. الصحة الإنجابية وفي الهدف الخامس المتعلق بتحسين الصحة النفاسية يشير التقرير إلى أن سلطنة عمان أتاحت خدماتها حيث انخفض معدل وفيات الأمهات بشكل عام من 27.2 حالة لكل 100 ألف في عام 1991 إلى 18.3 عام 2014، و أن برنامج رعاية الأمومة والطفولة اهتم بتشجيع الأمهات على الولادة داخل المستشفيات، وتقديم الخدمات المناسبة لهن أثناء الولادة، حيث ارتفعت نسبة الولادات التي تتم بإشراف الأخصائيين الصحيين من 95% عام 1995 إلى 99.7% في عام 2014. وتشير الإحصائيات الخاصة بمراجعة الأمهات للمراكز الصحية فيما بعد الولادة إلى ارتفاع نسبة العمانيات المترددات على عيادات المباعدة بين الولادات حيث جرى اعتماد برنامج للتوعية بضرورتها يهدف إلى تعريف النساء بمدى ما يحمله قصر المدة بين الولادة والأخرى من مشكلات عديدة. الاستدامة البيئية في الهدف السابع المتعلق بكفالة الاستدامة البيئية، أنجزت منذ عام 2010 غاية الحد بقدر ملموس من معدل فقدان التنوع البيولوجي، كما خفضت نسبة الأشخاص الذين لا يمكنهم الحصول باستمرار على مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي الأساسية إلى النصف في حين تحقق تقدماً مع تحديات في إدماج مبادئ التنمية المستدامة في السياسات والبرامج القطرية وانحسار فقدان الموارد البيئية، ويوضح التقرير أن مساحة الأراضي المغطاة بالمراعي بلغت مليوناً و350 ألف هكتار، وأن هناك مشروعاً متكاملاً لتنمية وتطوير المراعي الطبيعية يهدف لإدارة المساحات الرعوية وتعمير الأراضي المتدهورة وحماية مكوناتها البيئية الطبيعية، كما يجري العمل حالياً على مجموعة من البرامج والمشروعات التي تستهدف حماية طبقة الأوزون بما فيها إعداد استراتيجية متكاملة للتخلص من المواد المستنفدة والإحلال التدريجي بأخرى آمنة، مبيناً أن العديد من المسوحات التي نفذت في المياه العمانية العميقة تشير إلى وجود كمية كبيرة من مخازين أسماك السطح الصغيرة في كل من بحر عمان وبحر العرب، وحددت أن المياه العمانية العميقة - وتحديداً مياه بحر العرب- تحتوي على كتلة ضخمة من أسماك السطح الصغيرة تعد من أكثر المناطق في المحيط الهندي إنتاجاً لهذه الأسماك التي لا يزال كثير من أنواعها غير مستغل.
مشاركة :