يقول أحد قياصرة الروس: «تركت لشعبي يقول ما يريد، وأنا أفعل ما أريد»، وحكومتنا الرشيدة تركت شعبها يقول ما يريد وهي تفعل ما تريد، ثم تتراجع عما فعلته لأن هناك من هاجم قراراتها، كما أنها تتجاهل معاناة ومطالب المواطنين، بل لم تكلف نفسها تفسير عجزها عن تنفيذ تلك المطالب، فضلا عن المشاكل المتراكمة التي نعلم أنه لا يد لها فيها، لكنها اليوم هي المسؤولة عن إيجاد حلول لها وإنهائها بشكل قاطع. لقد تفاءل المواطنون بعد خطاب سمو الأمير الذي ألقاه، سمو ولي العهد، حفظهما الله، في يونيو 2022، والذي على ضوئه حُل مجلس 2020، واستقالت الحكومة ليبدأ عهد جديد ينهي الصراع العبثي والفساد السائد في الماضي، فتفاءل المواطنون بذلك واستجابوا لدعوة القيادة السياسية في اختيار ممثليهم في مجلس الأمة، بل طالبوهم بالتعاون والتنسيق مع الحكومة، وهذا ما حصل. وفي سابقة لم تحدث من قبل بأن تحظى حكومة بتوافق نيابي بهذا الشكل، وتأييد شعبي واسع لم يسبق أن حصلت عليه حكومة من قبل، فلماذا تتعمد الحكومة تطبيق سياسة «التطنيش» والتجاهل، وفرض الأمر الواقع في عدم البدء بوضع حلول للمشكلات العالقة والمتراكمة، وترك الساحة لخصومها للنيل منها مستغلين تجاهلها للأحداث والقضايا التي تمس المواطنين دون حتى أن تبلغهم بشفافية ما يعوقها ويعرقل مسيرتها. حين تدير الحكومة ظهرها للمواطنين ومعاناتهم فإنها كمن يطرف عينه بإصبعه، خصوصاً حين يتربص بها خصومها، فلا هي من حافظت على دعم المواطنين ونوابهم لها، ولا هي من أنجزت ما يتطلع له المواطنون وحلت مشاكلهم ليكونوا درعها الواقي ممن يتربص بها. يعني بالعربي المشرمح: سياسة «التطنيش» التي تنتهجها الحكومة لا يمكن لها أن تنجح مع شعب نجح في إسقاط عدة حكومات ومجالس كانوا يتجاهلون مطالبهم ويتعمدون إبقاء مشاكلهم عالقة، ولأن الشعب وبرلمانه في صف الحكومة الحالية فمن الحكمة أن تستغل الحكومة هذه الفرصة وتستثمرها لتصنع التاريخ لنفسها، وتعزز ثقة المواطنين بها، وتبدأ رحلة الإصلاح والإنجاز متجاهلة النهج القديم لمن سبقها وتحديد مسارها الذي وعدت به الشعب الذي ما زال ينتظر منها المزيد، فهل سنرى ذلك الأمر في دور الانعقاد القادم أم ستنقطع شعرة الثقة والتفاؤل بينها وبين المواطنين وبرلمانهم ونعود إلى المربع الأول؟
مشاركة :