تقترب أوروبا بخطوات حثيثة من اعتماد القوة الجسدية كسبيل وحيد للسيطرة على المهاجرين اليائسين. وأظهرت مشاهد العنف الأخيرة، سواء على الحدود اليونانية المقدونية، حيث تجاوز اللاجئون حاجزاً حدودياً بآلة حربية يدوية الصنع، أو في كاليه، حيث أطلقت الشرطة القنابل المسيلة للدموع لتفريق المحتجين على تدمير ملاجئهم، أننا نقترب من خط لا ينبغي تجاوزه البتة. وتعتبر أوروبا مذنبة اً بالتسبب بمقتل العديد من المهاجرين بسبب عدم إعطائهم أي بديل آخر، عدا المخاطرة بحياتهم في عرض البحر. وتبلغ هذه الخطوة ما يكفي من السوء، وتشكل وصمة عار في سجل أوروبا، لكن الأسوأ من ذلك سيكون خوض قتال فعلي مع المهاجرين، لأنه سيؤدي حتماً إلى وقوع قتلى ومصابين. وتكمن الصعوبة الأولى التي تواجه أوروبا في أن الدول الأكثر سخاءً، والمفضلة لدى المهاجرين، سرعان ما شعرت بالاختناق، وبدأت بالتضييق. أما الصعوبة الثانية فتمثلت بتقاعس الدول الأوربية والبلدان الغنية عن تأمين الأموال والمساعدات للدول المجاورة لسوريا، ومع أنها تحاول التعويض اليوم لكن الخطوة قد تأخرت كثيراً. وتعتبر الأسابيع القليلة المقبلة مفصليةً، حيث يواجه القادة المحليون ومسؤولو الاتحاد الأوروبي تحدياً حقيقياً، حيث يفترض بالاتحاد الأوروبي أن يباشر، ثالثاً، في الاتفاق على صيغة تحمّل أعباء اقتسام المهاجرين. ويتعين على المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، رابعاً، أن تتخطى بنجاح اختبارا سياسيا حقيقيا متمثلا بالانتخابات المقبلة، سيما أن البعض يعتقد بأنها فاقمت حدة أزمة اللاجئين، إن لم تكن المسؤولة عن وجودها. ومع أنه يصعب التفكير في كيفية تأقلم أوروبا مع الأزمة بإدارة ميركل، لكن الأكثر صعوبة هو الإمعان في إضعافها. ليس سهلاً التفاؤل حيال الوضع القائم، إلا أنه يوجد بعض الأمل في التفكير بأن عبء الأزمة الثقيل يرغم على إيجاد حلٍّ لها.
مشاركة :