تردَّدت «نخوة العوجا» منذ نشأة الدولة السعودية الأولى إلى يومنا هذا، وذلك لقيمتها ودلالاتها الكبيرة، فهي عنصر أصيل في أهازيج الوطن والنصر سابقًا، وهي من الأمور التي تنمي الفخر والاعتزاز. تعد «نخوة العوجا» من الرموز العريقة التي تتفاخر بها المملكة العربية السعودية، حيث صارت رمزًا سعوديًّا خالصًا اندمج بالتراث السعودي، وتحتوي «نخوة العوجا» على معانٍ ساميةٍ ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بقيام الدولة السعودية وتأسيسها. وكانت «النخوة» تُطلق قديمًا لإعلان الحروب وتعزيز روح الحماسة في نفوس الفرسان، وقد أُطلق لقب «العوجا» على الدرعية لاعوجاج مسار وادي حنيفة عند وصوله إليها، حيث تقع أحياؤها على ضفتي الوادي. وترتبط هذه النخوة العربية الأصيلة بالأسرة السعودية المالكة، وقد ظهر هذا المصطلح لأول مرّة في مدينة الدرعية، ثم انتشرت في أرجاء شبه الجزيرة العربية. وفي أثناء الهجوم على الدرعية في عهد الإمام محمد بن سعود، واشتداد الأمر على قوات الدولة السعودية الأولى، عزم الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود (الأمير آنذاك) على رفع معنويات الجيش السعودي، فأمر بإقامة العرضة خارج السور قُبيل الغروب، وهو ما رفع من روح الحماسة والشجاعة في نفوس الجنود، وقلبَ بذلك موازين المعركة، فأصبح النصرُ حليفًا لهم. واستمرَّ استخدام هذه «النخوة» في المعارك والحروب التي خاضتها الدولة السعودية بأطوارها الثلاثة إلى عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيّب الله ثراه -، حين ارتبطت «نخوة العوجا» بمعارك توحيد المملكة العربية السعودية، وكان جلالة الملك عبدالعزيز ينتخي بها ويؤدّي العرضة بها وبعددٍ من العبارات، مثل: (سور العوجا وأنا ابن مقرن)، و(راعي العوجا)، و(خَيّال العوجا وأنا ابن مقرن). وفي ذلك دلالة على ارتباط الملك عبدالعزيز والأسرة السعودية المالكة بالدرعية؛ نواة الدولة السعودية وعاصمتها الأولى. تُعد العرضة جزءًا لا يتجزأ من «نخوة العوجا»، فتُقام بوصفها أداءً حربيًّا قبل اقتحام المعارك، وهي صورة من صور التلاحُم بين القائد ومحاربيه قبل التوجّه إلى ساحة المعركة؛ لإثارة الحماس والشجاعة في نفوسهم. تبدأ العرضة بنداء الحوربة التي يُطلق عليها أيضًا «البيشنة»، وتستمرّ بأداء الأبيات الشعرية المليئة بعبارات الحماسة ومعاني البطولة. ويُعدّ استمرار إحياء هذه الفنون التقليدية وسيلةً مهمّةً لتعريف الأجيال المتعاقبة بالتاريخ والأمجاد والبطولات التي سطّرها أئمة هذه الدولة وملوكها. وتمثِّل «نخوة العوجا» كذلك رمزًا قويًّا للقيم والتراث السعودي الأصيل، وتُلهمنا الفخر والاعتزاز بالهوية الوطنية، وتذكّرنا بتضحيات الأجداد ونضالهم في سبيل حماية الوطن، وتُبرِز التزامَنا بالمحافظة على تراثنا وتاريخنا وأمجادنا الوطنية.
مشاركة :