مع توجه زيارة (بنيامين نتنياهو) رئيس الحكومة الإسرائيلية باتجاه عدة جهات ومواقع في الولايات المتحدة، وتزاحم الحملات الانتخابية للحزبين الجمهوري والديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في نوفمبر 2024، «تنمو» الخلافات الأمريكية-الإسرائيلية والتي يتوقع أن يكون لها جملة تداعيات على الداخل الأمريكي، بما قد يؤدي الى الانقسام الحزبي حول دعم إسرائيل. ومؤخراً، كشفت نتائج لاستطلاع للرأي لمؤسسة «جالوب» أن هناك «تزايداً في دعم الديمقراطيين للفلسطينيين في مقابل انخفاض نسب تأييدهم للإسرائيليين، والتي وصلت إلى 49% مقابل 38% على الترتيب، فيما لا تزال نسب تأييد الجمهوريين لإسرائيل مرتفعة، حيث وصلت إلى 78% في مقابل تأييد 11% للفلسطينيين». من التداعيات التي أحدثتها الخلافات والتي ترتكز على المخاوف الأمريكية بشأن حكومة (نتنياهو) هو نمو قوة التيار الداعي لوقف المساعدات العسكرية الأمريكية إلى إسرائيل، حيث ظهر تيار داخل واشنطن يدعو إلى وقف المساعدات العسكرية وألا تبقى «شيكاً على بياض». وفي السياق ذاته، يأتي كل من السفيرين الأمريكيين السابقين لدى إسرائيل (دان كورتزر) و(مارتن إنديك) على رأس هذا التيار الذي يرى أن حكومة (نتنياهو) تعمل ضد مصالح الولايات المتحدة الأمريكية علناً، «من خلال القضاء على أي أمل في حل الدولتين وتصميمه على تحويل إسرائيل إلى ديكتاتورية فاسدة وعنصرية ستؤدي إلى انهيار المجتمع، على حد تعبير رئيس الوزراء الأسبق (إيهود باراك). من جهة أخرى، قال ساسة وأعضاء كونجرس وكتاب ومحللون إن المساعدات تستخدمها إسرائيل في تمويل عدوانها على الفلسطينيين، وانتهاك حقوقهم، وتمويل العنف الذي يمارسه المستعمرون/ «المستوطنون» ضدهم. ومؤخرا، نشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية تقريرا يرصد كيف أن مناقشة إنهاء المساعدة العسكرية الأمريكية لإسرائيل باتت تحظى بشعبية متزايدة، الأمر الذي مثل تحولا جذريا أذهل بعض المسؤولين الإسرائيليين. هذه القضية «المحرمة» في وسائل الإعلام الأمريكية في الماضي لم تعد كذلك. وبحسب الكاتب في صحيفة «نيويورك تايمز» (نيكولاس كريستوف): «حان الوقت للتفكير في التخلص التدريجي من هذه المساعدات في المستقبل، لأنه ليس من المنطقي أن تقدم الولايات المتحدة مبلغاً ضخماً يبلغ 3.8 مليارات دولار سنوياً إلى دولة غنية أخرى تبدد الموارد الشحيحة وتخلق علاقة غير صحية تضر بالجانبين». ومن جانبه، وجه الكاتب المعروف (توماس فريدمان) رسالة صريحة للرئيس (بايدن) نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز»، قال فيها: «سيدي الرئيس إن نتنياهو يمضي قدما في خطته بشأن التعديلات القضائية رغم إلحاحك عليه بأن لا يفعل..»، محذرا من أن «تمرير الكنيست لهذه التعديلات يمكن أن يتسبب في تفجير العلاقات الأمريكية الإسرائيلية»، مضيفا» «هذه العلاقة إذا تفككت فلن تعود للأبد». كذلك، وفي «بيان» أصدروه، دعا المئات من الشخصيات العامة الإسرائيلية والأمريكية الجماعات اليهودية الأمريكية إلى التحدث علناً ضد «الغرض النهائي» من الإصلاح القضائي المتمثل في «ضم المزيد من الأراضي والتطهير العرقي لجميع الأراضي الخاضعة للحكم الإسرائيلي لسكانهم الفلسطينيين». واللافت في هذا البيان على الصعيد الدولي كون شخصيات إسرائيلية بارزة وقعت على إعلانه الصريح بأن «الفلسطينيين يعيشون في ظل نظام فصل عنصري». كما تضمن البيان دعوته الجماعات اليهودية الأمريكية إلى «مطالبة القادة المنتخبين في الولايات المتحدة المساعدة في إنهاء الاحتلال، وتقييد استخدام المساعدات العسكرية الأمريكية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإنهاء الإفلات الإسرائيلي من العقاب في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى»! ورغم القول المأثور:» تفاءلوا بالخير…تجدوه»، هل يمكن التفاؤل- ناهيكم عن الثقة– بخصوص العلاقة مع» الشيطان السياسي الأكبر» (الإدارة الأمريكية) الذي لطالما عادانا نحن معشر العرب، ووقف مع الغازي الصهيوني ضد حقوقنا ومصالحنا؟!
مشاركة :