موجة التضامن الشعبي تتجاوز الانقسامات بين شرق ليبيا وغربها

  • 9/24/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

طرابلس - تنكب نحو عشر نساء في مركز للتدريب على الخياطة على إعداد ملابس وأكفان لإرسالها على وجه السرعة إلى درنة في شرق ليبيا التي دمرتها فيضانات كاسحة قبل أسبوعين تقريبا. ويوضح محمد كمور، مدير "مركز تدريب وتطوير المرأة" في طرابلس أنه تم تعليق العمل الاعتيادي في المركز لتوفير مساعدة لأبناء درنة حيث فقد آلاف الناجين كل ما يملكونه بسبب الفيضانات. وقد جرفت الفيضانات أبنية وأحياء برمتها. وأرسل المركز حتى الآن "1300 زي مدرسي و850 جلابية و650 كفنا" إلى هذه المدينة البالغ عدد سكانها مئة ألف نسمة وحيث قضى في الفيضانات 3800 منهم. وتعمل النساء وهن متدربات على إعداد الدفعة الثانية مع قص وخياطة قطع القماش في المشغل الواقع في حي الأندلس في العاصمة طرابلس في غرب البلاد على بعد أكثر من 1300 كيلومتر من درنة. ويؤكد كمور "كانت لدينا طلبيات فأوقفنا جميع هذه الأشغال". ويوضح "قامت السيدات اللاتي يعن أسرهن بعملهن، بالتعاون مع هذه المبادرة لأن الأولوية الآن لأخواتنا و إخواننا بالمنطقة الشرقية". ويتابع "هذه المبادرة كانت من إدارة المركز الذي من صميم هدفه أن يساعد الأسر المحتاجة فما بالكم مع هذه الكارثة التي حلت على مدينة درنة". ويؤكد أن حاجات المنكوبين ترسل إليه عبر جمعيات خيرية مقرها في شرق البلاد رغم الانقسامات السياسية بين شرق البلاد وغربها. وحول طاولة كبيرة محاطة برفوف مليئة بالأقمشة المختلفة، تفرز النساء ما تم تنفيذه خلال النهار ويطوينه من جلاليب رمادية أو خضراء ومآزر بيضاء للطواقم الطبية فضلا عن أكفان للجثث التي يواصل المسعفون انتشالها من بين الأنقاض. وفي "قاعة الخياطة" المجاورة، تؤكد المدربة كريمة الطيب ونيس "شعورنا ونحن نقدم هذه المساعدات كشعور أي شخص فقد أخا له أو أقاربه أو عائلته". وتضيف "في النهاية نحن عائلة واحدة، من الشرق أو الغرب، تجمعنا ليبيا". وأثارت الفيضانات المدمرة موجة تضامن تجاوزت الانقسامات السياسية والقبلية بين شرق البلاد وغربها. فليبيا غارقة في الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، وتتنافس على السلطة فيها حكومتان، الأولى تتخذ من طرابلس في الغرب مقرًا ويرأسها عبد الحميد الدبيبة وتعترف بها الأمم المتحدة، وأخرى في شرق البلاد الذي ضربته العاصفة، يرأسها أسامة حمّاد وهي مكلّفة من مجلس النواب ومدعومة من الرجل القوي في الشرق المشير خليفة حفتر. وقال يان فريديز رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في ليبيا الخميس لدى عودته من زيارة استمرت ثلاثة أيام "رأينا أشخاصا يأتون من كل المناطق الليبية حتى من سبها في الجنوب. أناس أتوا (إلى درنة) من تلقاء أنفسهم". وبالوسائل المتوافرة يرص أصحاب مطاعم وتجار وحرفيون الصفوف في غرب البلاد وجنوبها في سبيل المساعدة. وتكثر المساعدات الموجهة إلى الناجين خصوصا في وقت اضطر أكثر من 43 ألف شخص إلى النزوح من المناطق المتضررة وهم مشردون ومن دون أي موارد. وتشهد وسائل التواصل الاجتماعي دعوات كثيرة لإيواء نازحين. فجاء في منشور عبر فيسبوك، "وصلت عائلة للتو من درنة إلى طرابلس. تحتاج إلى مسكن سريعا" وقد تفاعل معه متطوعون كثر اقترحوا المساعدة ناشرين أرقام هواتفهم. وبوشرت حملة كذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع هاشتاغ #أنا_درناوي_نبي_حوش" أي أنا من درنة واحتاج إلى مسكن. وتقول السلطات الليبية إنها تواجه صعوبات في الاستجابة للحاجات العاجلة للناجين وأقرت مرات عدة بأن حجم الكارثة يتجاوز قدراتها. ويستمر وصول المساعدات الدولية بزخم. فقد أقامت دول ومنظمات إنسانية دولية عدة، جسورا جوية لنقلها. وأعلنت سفارة قطر في ليبيا وصول طائرتين السبت إلى بنغازي في شرق البلاد تنقلان 60 طنا من المساعدات ليصل إلى ثمان عدد الطائرات التي أرسلتها الدوحة منذ الكارثة. وحطت طائرة تحمل مساعدة إنسانية مرسلة من الولايات المتحدة الخميس في بنغازي الواقعة على بعد 300 كيلومتر من درنة. وأعلنت لجنة تابعة للحكومة المكلفة من البرلمان في شرق ليبيا ارتفاع حصيلة ضحايا الإعصار إلى 3845 حالة وفاة. وقال المتحدث باسم اللجنة العليا للطوارئ محمد الجارح، خلال مؤتمر صحفي مساء السبت، إن "حصيلة الوفيات جراء الفيضانات ارتفعت إلى 3845 حالة، وفقا للأرقام الموثقة والمسجّلة لدى وزارة الصحة (بحكومة الشرق)". وهذه الحصيلة قريبة من أخرى أعلنتها منظمة الصحة العالمية، في 16 سبتمبر الجاري، حين أفادت بمصرع 3958 شخصا وفقدان أكثر من 9 آلاف آخرين، بينما أعلنت حكومة الوحدة الوطنية ومقرها طرابلس (غرب) قبلها بثلاثة أيام مصرع أكثر من 6 آلاف شخص في المناطق الشرقية. وتابع الجارح أن "عدد الوفيات تزايد بعد دفن 43 جثمانا جرى انتشالها السبت، وبكل أسى وحزن عدد الوفيّات المعلن سيكون في ازدياد كل يوم". ولفت إلى أن النائب العام الصديق الصور "شكل لجنة لتوثيق وحصر الوفيّات واستقبال البلاغات عن المفقودين". موضحا أن "عدد الوفيات المعلن مرتبط فقط بالحالات التي جرى توثيقها من قِبل وزارة الصحة (بحكومة الشرق)، ولا تزال عمليات الحصر مستمرة، خاصة وأن هناك جثثا جرى دفنها دون توثيقها حتى اللحظة". وعدّد أسباب تأخر إصدار بيانات نهائية بخصوص الوفيات، ومنها "عدم وجود منظومة واحدة لحصر الجثامين ومن ثم دفنها، فضلا عن دفن بعض المتوفين دون التعرف عليهم".

مشاركة :