يواصل مدرسون خصوصيون، منذ بداية العام الدراسي، تقديم العروض والتسهيلات للطلبة، عبر نشر إعلانات مكثفة على وسائل التواصل الاجتماعي، بهدف الحصول على أكبر عدد ممكن منهم. وتجاوز مدرسون مرحلة العروض والإعلانات إلى مرحلة جديدة غير مسبوقة في «سوق الدروس الخصوصية»، تتمثل في التجوال داخل الأحياء السكنية، والتنقل بين المنازل سيراً على الأقدام، مستهدفين الطلبة، لتقديم العروض لهم في منازلهم. وحذر تربويون من أن «الآثار السلبية المترتبة على الاعتماد على المدرسين الخصوصيين الجائلين، ستكون على حساب مستوى الطالب»، مشيرين إلى أن «انشغال الأبوين في العمل لفترات طويلة، وراء اللجوء إلى هذا الخيار». وأعرب الأخصائي النفسي، حسن عيسى، عن استغرابه من لجوء مدرسين لعرض خدماتهم على الطلبة بعد طرق أبواب منازلهم.. «في عالم يشهد مستويات متقدمة من التطور التكنولوجي والتغييرات المستمرة في أنماط العمل، يومياً». وقال إن «هذه الطرق غير مجدية، لأن هدفها الحقيقي الوحيد هو تحقيق دخل مالي إضافي، وليس مصلحة الطالب». وأوضح أن «الدروس الخصوصية التي تعتمد هذا الأسلوب في حال اختيار مدرس دون الرجوع إلى سيرته الذاتية وتخصصاته، قد تؤثر سلباً في جودة تعليم الطالب، بعدما أثرت سلباً في صورة المعلم». وتابع عيسى أن «رغبة الوالدين في تحسين المستوى التعليمي لأبنائهما، هي ما يحملهما على الاستعانة بالمدرس الجائل لمتابعة دروسهم، خصوصاً أن المدرسين الجائلين يقدمون أنفسهم بسهولة، وبأسعار مغرية، ما يغني الأبوين عن توصيل الطالب إلى مركز أو إلى منزل المدرس الخصوصي». وأضاف: «لو كان المدرس مختصاً في مجاله، فلن يستطيع تعليم ما يزيد على ثلاثة طلبة يومياً، لأن الطلبة ضعيفي المستوى لا تكفيهم ساعة واحدة». وحث الأب الذي يلاحظ وجود ضعف لدى ابنه في إحدى المهارات العلمية، مثل القراءة والكتابة أو غيرهما، على التوجه إلى المدرسة، ومخاطبة المعنيين فيها لتقويتها من قبل معلم الفصل. وأكد عيسى أن «بعض الطلبة يتعاملون مع الدروس الخصوصية كمظهر اجتماعي، أو نوع من الموضة، إذ يكونون من المتفوقين، ولا تكون هناك حاجة فعلية لها». وأفاد بأن «خيار المراكز التعليمية، المصرح لها من الجهات المعنية، أفضل خيار للطالب، وهو يتماشى مع الأهداف التي يريد أن يحققها ذووه، وذلك لوجود مدرسين متخصصين بشهادات معتمدة، ويتبعون طرقاً علمية في التدريس». ودعا الآباء إلى السؤال عن تأثير المدرس الخصوصي الجائل في مستوى أبنائهم الدراسي، مشدداً على ضرورة البحث عن وسائل تعليمية أكثر استدامة وثباتاً، تحقق التعليم الجيد، دون تأثير سلبي في الأسرة. وأكدت خبيرة إدارة مواهب ومهارات المستقبل، الدكتورة بدرية الظنحاني، أن ظاهرة الدروس الخصوصية تشهد اتساعاً مستمراً، أكبر مما كانت عليه خلال السنوات السابقة، مشيرةً إلى أن «هذه الدروس هي الجهد الذي يبذله المعلم خارج نطاق المدرسة، ويستفيد منه الطالب بصورة فردية أو جماعية». وذكرت أن الدروس الخصوصية إيجابية للأسر التي يعمل فيها الأب والأم لساعات طويلة، بحيث لا يتمكنان من تدريس أطفالهما. وسلبية إذا نتج عنها اعتماد الطالب أو اتكاله على المدرس، وعدم متابعة الحصص الدراسية في المدرسة، وعدم اجتهاده في البحث ومحاولة التعلم وحده. وقالت إن ظاهرة «المعلم الجائل» لا تصب في هذا المنحى، لأنها تعكس حاجة المعلم إلى المال أكثر مما تعكس حاجة الطالب إلى المعلم. وقالت مديرة متقاعدة من مدرسة حكومية، فضلت عدم ذكر اسمها، إن «معلمي الدروس الخصوصية المتجولين مل الباعة المتجولين، فهم يتنقلون من منزل إلى آخر لبيع بضاعتهم خارج الإطار الرقابي المتعارف عليه، وهو ما يجعلها (أي البضاعة) مشكوكاً في جودتها أو سلامتها». وشرحت أن «دور المعلم الجائل يقتصر غالباً على حل الواجبات، وعدم التأكد مما إذا كانت الإجابات صحيحة أم لا، الأمر الذي ينعكس سلباً على الطالب»، مضيفة أن «نصف ساعة أو ساعة يقضيها أحد الوالدين مع أبنائه لمساعدتهم على حل واجباتهم، وشرح ما يستعصي عليهم فهمه، أفضل بكثير من الاستعانة بالمدرس الجائل». اتفاقية سهلة قالت ولية أمر طالبتين، آمنة علي مبارك، إن جارتها رشحت لها معلمة تأتي لأبنائها لتعلمهم مهارة القراءة والكتابة باللغة العربية، فتواصلت معها، وعرفت منها أنها تزور عدداً من المنازل في الحي الذي تعيش فيه. وتابعت أن المعلمة يبدو عليها الإرهاق والتعب حين تأتي إلى منزلها. وشرحت أنها اختارت هذا النوع من الدروس الخصوصية لمعالجة ضعف ابنتها في بعض الجوانب الدراسية، ولسهولة الاتفاقية، فالمعلمة تصل إلى المنزل في وقت محدد، وتغادره في وقت محدد. تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news Share طباعة فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :