رسالة تتوارثها الأجيال.. كيف كنا وأين أصبحنا

  • 9/27/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الواجب يحتم على جيل الآباء والأجداد أن يُذكّ جيل اليوم والغد بعظيم النعم التي يتمتعون بها ويستمتعون بتواجدها بعد أن كانت حياة المعاناة والقسوة والصعوبة هي السائدة على امتداد أراضي وطننا الكبير، نعم، إن جيل الآباء والأجداد أمام أمانة عظيمة لنقل رسالتهم للأجيال القادمة حول كيف كُنا وأين أصبحنا.. الاستمتاع بالنعم العظيمة في حاضر المملكة العربية السعودية سبقته بعقود قليلة معاناة شديدة على امتداد الأراضي الشاسعة والمُمتدة والمتنوعة للمملكة العربية السعودية. نعم، فحاضر اليوم وما يشهده من تنوع غير محدود للنعم على كافة المستويات وفي كل المجالات، وما يعيشه المجتمع من حياة غير مسبوقة تاريخياً في مستويات الرفاه والرخاء والازدهار، جاءت بعد ماضٍ قاس جداً وفيه من الصعوبة والمعاناة الشيء العظيم على جميع المستويات وفي كل المجالات. إنها حالة تحول عظيمة وسريعة وغير مسبوقة شهدتها أراضي المملكة العربية السعودية لتنقلها من مستويات الحياة البسيطة والبدائية إلى مستويات الحياة المتقدمة والمتطورة، ولتصعد بها إلى أعلى درجات ومستويات التصنيفات الدولية والعالمية في معظم –إن لم يكن في كل– المجالات العلمية والفكرية والصحية والطبيعية والتقنية والتكنولوجية والأمنية وغيرها من مجالات حديثة ومتقدمة ونوعية، بعد أن كانت غير متواجدة اطلاقاً –أو غائبة تماماً– عنها جميعاً لأسباب تتعلق بحداثة نشأة الدولة ومواجهة تحديات الزمان وصعوبة ظروف المكان وقلة الإمكانات وندرة الموارد بمختلف مستوياتها ومجالاتها. نعم، قد تكون حالة الرفاه والرخاء والازدهار التي تعيشها اليوم المملكة العربية السعودية غير المسبوقة، وقد تكون حالة الاستمتاع والتمتع بالنعم العظيمة التي يعيشها ويجدها أبناء المملكة العربية السعودية في كل مكان، تشعرهم – خاصة جيل اليوم – بأنها ورثتها بهذا الشكل والمستوى ممن سبقهم من الأجيال السابقة من غير وعي وإدراك، ومن غير تفكر وتفكير، ومن غير سؤال وتساؤل. فإذا كان ذلك هو الاعتقاد الذي قد يكون، وإذا كان ذلك الشعور الذي قد يتصاعد، فإن الواجب يحتم على الجميع التذاكر ليتعرف جيل اليوم على ما كانت عليه الأجيال السابقة من آبائهم وأجدادهم ومن سبقهم، وليتعرف جيل اليوم على كان عليه مجتمعهم في زمن آبائهم وأجدادهم ومن سبقهم، وليتعرف جيل اليوم على ما كانت عليه دولتهم في زمن آبائهم وأجدادهم ومن سبقهم. نعم، إنه الواجب الذي يحتم على جيل الآباء والأجداد ومن سبقهم أن يُذكّر جيل اليوم والغد بعظيم النعم التي يتمتعون بها ويستمتعون بتواجدها بعد أن كانت حياة المعاناة والقسوة والصعوبة هي السائدة على امتداد أراضي وطننا الكبير المملكة العربية السعودية. نعم، إن جيل الآباء والأجداد ومن سبقهم أمام أمانة عظيمة لنقل رسالتهم للأجيال القادمة حول كيف كُنا وأين أصبحنا. نعم، إن وصف حالة الأمس والماضي القريب لأبناء جيل اليوم والغد أقرب ما يكون كتابة قصة تصف وتقارن حالة الناس والمجتمع والدولة بين زمانين فوق أرضٍ واحدة ليتمكنوا من رؤية تلك الفوارق بين هذين الزمنين المتقاربين، وليتعرفوا على حجم الفوارق التي حدثت في حالة الناس والمجتمع والدولة في فترة زمنية قصيرة جداً في عمر وتاريخ المجتمعات والدول. وإذا كان تاريخ هذه الدولة العظيمة المملكة العربية السعودية يمتد لثلاث مئة عام، فإننا لن نذهب إلى ذلك التاريخ البعيد في حديثنا لأجيال اليوم والغد، وإنما ستكون البداية مع التاريخ الحديث لهذه الدولة المُباركة عندما أقام بنيانها الصلب، ووحد أراضيها المترامية والشاسعة، الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود –طيب الله ثراه– في العام 1351هـ الموافق للعام 1932م. نعم، لن نذهب بعيداً بالحديث والوصف والمقارنة بين الماضي القريب والحاضر المُعاش في يومنا هذا حرصاً على تعريف جيل اليوم والغد بعظمة الإنجازات التي تحققت، وعظيم النِعم التي يستمتعون بها في حياتهم اليومية، في زمن قصير مداه ثلاثة وتسعون عاماً. نعم، فعند تأسيس هذه الدولة المباركة، وبعد اعلان وحدتها العظيمة، على يد الملك المؤسس عبدالعزيز، كانت حياة الناس بسيطة، ومستوى المجتمع بدائي، ومكانة الدولة متواضعة في المجتمع الدولي. نعم، إنه توصيف شامل لحالة ووضع الناس والمجتمع بشكل عام وذلك نتاج لحالة المجتمع الإقليمي والدولي وما شهدة من ظواهر عالمية كالاستعمار والمؤامرات والتحديات الداخلية والخارجية التي كانت سائدة ومؤثرة على امتداد أراضي الجزيرة العربية والمنطقة العربية والإقليمية والدولية. لقد كانت حالة الجهل والتخلف العلمي والفكري سائدة نتيجة للغياب شبه التام للتعليم وللمؤسسات الفكرية والتعليمية حتى أن الأمية هي الأصل في غالبية أبناء المجتمع، بينما المتعلمين تعليمياً بسيطاً بما لا يتجاوز القراءة والكتابة يمثلون حالة الندرة. ولقد كانت حالة الفقر والجوع والحاجة هي الحالة السائدة بين الناس وفي المجتمع لانعدام التنمية وضعف الحياة الاقتصادية بشكل عام. ولقد كانت الأوبئة والأمراض وانعدام الحياة الصحية وتصاعد معاناة الناس البدنية والنفسية هي الحالة السائدة في المجتمع لغياب التنمية وضعف الموارد الاقتصادية. ولقد كانت حالة الخوف والفرقة والهلع والذعر وغياب الأمن المجتمعي هي الحالة السائدة في المجتمع نتيجة لغياب المؤسسات الأمنية وضعف التعليم وتصاعد حالة الفقر والجوع والحاجة. ولقد كان انعدام المواصلات ووسائل النقل بين المدن والقرى والأرياف هي الحالة السائدة في المجتمع لضعف الإمكانات المالية والاقتصادية لتتصاعد معاناة الناس في التنقل وقضاء الحاجات البعيدة عبر وسائل النقل البدائية التي استخدمتها الأجيال السابقة. ولقد كان انعدام الماء الصالح للشرب في معظم المناطق والمدن والقرى والأرياف هي الحالة السائدة في المجتمع لغياب الإمكانات المالية والاقتصادية لتتصاعد بذلك معاناة الناس مع الأمراض المتنوعة والمتعددة. ولقد كان انعدام الكهرباء في معظم المناطق والمدن والقرى والأرياف هي الحالة السائدة في المجتمع لتزداد معاناة الناس مع الوسائل البدائية للحصول على الإنارة والكهرباء. ولقد كانت المساجد قليلة في عددها وبسيطة في بنيانها ليتوقف دورها عند التوجيه والدعوة وتعليم القراءة والكتابة لمن وجد الوقت واستطاع الوصول إليها بحسب مكانه ووقته لتكون بذلك محدودة التأثير الاجتماعي والدعوي في المجتمع. ولقد كانت الصناعات المتقدمة والتقنية الحديثة والتكنولوجيا النوعية مُنعدمة تماماً وبعيدة المنال وخارج التوقعات انطلاقاً من غياب التعليم وضعف الصحة وغياب البنية الأساسية التي تلبي احتياجات الناس الأولية. ولقد كانت المشاعر المقدسة بسيطة في بنيانها ومستوى خدماتها ونظافتها وصعبة الوصول إليها مما يضاعف المشقة على ضيوف الرحمن من حجاج ومعتمرين ولتزداد معاناتهم حتى عودتهم لديارهم القريبة والبعيدة التي تأخذ أسابيع وأشهر متواصلة. ولقد كانت مكانة الدولة بسيطة على المستويات الإقليمية وبعيدة عن التأثير في السياسة الدولية بسبب ضعف مواردها وامكاناتها البشرية والاقتصادية والتنموية. نعم، فقبل ثلاثة وتسعون عاماً كانت التنمية في جميع مجالاتها ومستوياتها غائبة تماماً عن المجتمع مما جعل حياة أبناء المملكة العربية السعودية صعبة وقاسية على جميع المستويات، إلا أنه وبعد مرور هذه العقود العديدة والسنوات المتتالية تغير الحال إلى حال آخر، وتغيرت حياة الناس والمجتمع تغيراً كلياً، وتصاعدت مكانة الدولة والوطن في المجتمع الدولي لتكون قائداً اقليمياً حقيقياً، ومؤثراً رئيساً في السياسة الدولية والعالمية. فكيف حدث ذلك؟ لقد استطاع الملك المؤسس عبدالعزيز –طيب الله ثراه–، وأبناؤه الملوك الكرام الذين تولوا الحكم من بعده حتى عهدنا الزاهر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز –حفظهما الله–، من أن يحققوا أعظم النجاحات التنموية في تاريخ البشرية حتى أصبحت المملكة العربية السعودية رمزاً عالمياً في مستويات التعليم والصحة والخدمات، ومجتمعاً متقدماً في المجالات الاقتصادية والتنموية والاجتماعية والتقنية والتكنولوجية والاتصالات ونقل المعلومات والفضاء، ونموذجاً للأمن والسلم والوحدة الاجتماعية والاستقرار السياسي ومحاربة التطرف ومواجهة الإرهاب، ودولة عالمية التأثير في المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية ومجالات الطاقة والصناعة والتقنية والتكنولوجيا. نعم، إنها أعوام قليلة في عمر الزمن وتاريخ المجتمعات والدول، إلا أنه بحكمة القيادة الرشيدة، وجهود رجالات الدولة الكرام، وإخلاص ووفاء أبناء المملكة العربية السعودية لدينهم وقادتهم ووطنهم، استطاعوا نقل المملكة من مستويات بسيطة إلى مستويات متقدمة وعظيمة، ومن مكانة محدودة التأثير إلى مكانة إقليمية ودولية وعالمية مؤثرة جداً في المجتمع العالمي، حتى أنها أصبحت مؤسساً لأهم المؤسسات الإقليمية والدولية والعالمية، وعضواً بارزاً ومؤثراً في مجموعة العشرين لأكبر اقتصاديات العالم. وفي الختام من الأهمية القول بأن الأمانة الدينية والواجب الوطني تحتمان علينا جيلاً بعد جيل بأن نواصل المسيرة الطيبة والمباركة في تنمية وتقدم مجتمعنا، والمحافظة على وحدة صفنا وكلمتنا، وبناء اقتصادنا وصناعاتنا، وتعزيز أمننا الداخلي والخارجي واستقرارنا السياسي، لنتمكن من تعزيز مكانتنا العالمية، ولينال كل جيل شرف مواصلة بناء الوطن لتسليمه لمن بعده من أجيال وهو في تقدم ونماء أكثر مما كان عليه من قبل. نعم، لقد كانت المملكة العربية السعودية دولة بسيطة في تنميتها واقتصادها ومجتمعها ومستوى خدماتها ومكانتها الإقليمية، إلا أنها أصبحت بفضل الله ثم بحكمة قادتها ووفاء أبنائها واحدة من أعظم دول العالم بما حققته من نجاحات عظيمة في المستويات التنموية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والأمنية والسياسية. إنها الحقيقة التي يجب أن تتوارثها الأجيال لتحافظ على المكاسب التي تحققت ولتتواصل مسيرة شرف البناء والتقدم والرُقي الهادف لجعل المملكة العربية السعودية دائماً في مصاف دول العالم المتقدم والصناعي.

مشاركة :