واشنطن - أكدت واشنطن أن تواجد قوات أميركية في العراق، أمر متفق عليه مع بغداد بعد أيام من تصريحات لرئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، بأن تنظيم داعش لم يعد تشكل تهديدا، وأن بلاده لم تعد بحاجة إلى التحالف الدولي. وذكر المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، إن "القوات الأميركية تتواجد في العراق بناء على دعوة من الحكومة العراقية للقيام بمهمة تقديم المشورة والمساعدة والتمكين". ويوحي الرد الأميركي بأن تصريحات السوداني جاءت مفاجئة للولايات المتحدة ولم يتم الاتفاق بين الطرفين حول مضمونها، خصوصا أنه تمت لقاءات عديدة مؤخرا بين مسؤولي البلدين تم خلالها الاتفاق على تنسيق الوضع وتحديد مهام القوات الأميركية والعمليات المشتركة وليس الاستغناء عن التحالف. وأشار متابعون إلى أن تصريحات السوداني تستجيب للمطالب الإيرانية المتواترة بانسحاب القوات الأجنبية من العراق، سعيا للحلول مكانها وسد الفراغ الناجم عن رحيلها، وذلك لزيادة السيطرة والتمكين على العراق. وتقود الولايات المتحدة تحالفا دوليا في مواجهة تنظيم "داعش" في العراق وسوريا تحت اسم "عملية العزم الصلب" بقيادة الجنرال ماثيو ماكفارلين. وأضاف ميلر في تصريحات، لقناة الحرة الأميركية، "أصدرنا في أغسطس الماضي بياناً مشتركاً مع شركائنا العراقيين أكدنا فيه على أننا موجودون هناك بناءً على دعوتهم، ومن ثم نعتزم التشاور بشأن عملية مستقبلية تشمل التحالف لتحديد كيفية تطور المهمة العسكرية للتحالف". وتابع أن "قوات الأمن العراقية تتولى قيادة مهام داعش داخل العراق وقد أظهرت قدرة متزايدة على مواجهة هذا التهديد". ويشير ميلر في حديثه إلى "حوار التعاون الأمني المشترك" الذي عقد في أغسطس/آب الماضي بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية، وخلص إلى اتفاق ثنائي يقضي بتشكيل "لجنة عُليا" لتقييم دور القوات الأميركية والتحالف الدولي في العراق وتحوّل مهامه العسكرية بعد تطوّر قدرات القوات العراقية في مواجهة تنظيم "داعش" فيما جدد العراق التزامه بحماية الأفراد والمستشارين الأمريكيين والتحالف المتواجدين على الأراضي العراقية بطلبٍ من الحكومة. وانتهى الحوار بتوقيع محضر اجتماع أكد الالتزام الثنائي بالتعاون الأمني والدفاعي المستمر في جميع المجالات، بما في ذلك مهمة القضاء على التنظيم المتشدد في العراق. ووفقا لبيان صادر عن السفارة الأميركية فإن الوفدين الأميركي والعراقي، أكدا مجدداً "التزامهما بتطوير القدرات الأمنية والدفاعية للعراق وتصميمهما على تعميق التعاون الأمني عبر مجموعة كاملة من القضايا لتعزيز المصالح المشتركة لبلدينا في أمن العراق وسيادته وفي استقرار المنطقة". ويعكس حوار التعاون الأمني المشترك، حسب البيان، "الشراكة الاستراتيجية الثنائية الناضجة ويبني على الأساس الذي أرسته المناقشات الثنائية السابقة وبما في ذلك الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق في تموز/ يوليو 2021 ولجنة التنسيق العليا الأمريكية ـ العراقية في شباط/ فبراير 2023". ونوه البيان إلى أن "الوفدين قد رحبا بالتنفيذ الكامل للحوار الاستراتيجي، مؤكدين أنه لا توجد قوات أميركية لها دور قتالي في العراق وأن جميع الأفراد العسكريين الأمريكيين لا يزالون في العراق بدعوة من حكومة العراق للتدريب وتقديم المشورة والمساعدة وتبادل المعلومات الاستخباراتية لدعم معركة العراق لضمان الهزيمة الدائمة لداعش". وعلى الرغم من هزيمته في العام 2017 في العراق، لا يزال التنظيم يتبنى من وقت لآخر هجمات في البلاد، ولا يزال التحالف نشطاً في العراق لمنع صعوده من جديد. وأواخر عام 2021، أعلن العراق انتهاء "المهام القتالية" للتحالف الدولي، الذي لا يزال موجوداً على الأراضي العراقية لتأدية مهمات استشارية وتدريبية. ويضمّ التحالف حالياً نحو 2500 عسكري أميركي، ونحو 1000 من الدول الأعضاء فيه، ينتشرون في قواعد عسكرية تحت قيادة القوات العراقية. وانخفضت وتيرة هجمات التنظيم وفق التحالف الدولي، الذي أفاد في وقت سابق، بتراجع في هجمات داعش في العراق وسوريا خلال الأشهر الأولى من عام 2023، بنسبة 68 في المائة، مقارنةً بالفترة نفسها من العام السابق. لكن الوضع الأمني في العراق غير مستقر تماما، بسبب وجود خلايا إرهابية ما زالت تعمل على إرباك الوضع الأمني، خصوصاً في مناطق صلاح الدين وكركوك، وبعض مناطق ديالى، وكذلك في العاصمة بغداد ومنها منطقة الطارمية، فهذه المناطق تشهد عمليات إرهابية بين حين وآخر، رغم كل العمليات الأمنية والعسكرية. وكان الرئيس الأميركي جو بايدن، قد وقع مع رئيس وزراء العراقي الأسبق مصطفى الكاظمي، اتفاقا ينهي رسميا المهام القتالية للقوات الأميركية في العراق بنهاية 2021، بعد أكثر من 18 عاما على إرسال القوات الأمريكية للبلاد. وأكد بايدن أن الدور الأميركي في العراق سيركز على المساعدة في مجال التدريب، إضافة إلى مكافحة تنظيم داعش الإرهابي، والدعم الاستخباري. ونوه السوداني في مقابلة أجرتها معه محطة "سي.إن.إن" الأميركية على هامش مشاركته في الدورة الـ 78 لأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن "وزارتي الخارجية العراقية والأميركية ترتبان موعداً في هذا العام، لتلبية دعوة الرئيس الأميركي لنا لزيارة واشنطن"، مبيناً أن "أحد أهم المواضيع التي يجب مناقشتها في الزيارة هو اتفاقية الإطار الاستراتيجي". وأضاف أن "الاتفاقية بحاجة إلى تفعيل بين البلدين، خصوصاً أن هناك رغبة جادة بتطوير هذه العلاقة، التي يجب ألا تقتصر على الجانب الأمني، رغم أهميته"، مستدركاً "لكن هناك حاجة إلى تفعيل الملفات والمجالات الأخرى، وهي مهمة اليوم. العراق بلد يمتلك موارد اقتصادية كبيرة، وهو بلد مؤثر في سوق الطاقة، وهناك فرص كثيرة ممكن أن تكون مجالات لعمل الشركات الأميركية في مختلف القطاعات الاقتصادية والخدمية، والعمرانية في العراق".
مشاركة :