بعد 16 عاما على صدورها، دعا جلالة الملك محمد السادس رئيس الحكومة إلى إعادة النظر في مدونة الأسرة. وأسند جلالة الملك الإشراف العملي على إعداد هذا الإصلاح الهام، بشكل جماعي ومشترك، لكل من وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، وذلك بالنظر لمركزية الأبعاد القانونية والقضائية لهذا الموضوع. كما دعا جلالته المؤسسات المذكورة إلى أن تشرك بشكل وثيق في هذا الإصلاح الهيئات الأخرى المعنية بهذا الموضوع بصفة مباشرة، وفي مقدمتها المجلس العلمي الأعلى، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والسلطة الحكومية المكلفة بالتضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، مع الانفتاح أيضا على هيئات وفعاليات المجتمع المدني والباحثين والمختصين. وحول هذا الموضوع، حاور موقع القناة الثانية، محمد شقير، محلل سياسي، عن أهم التعديلات التي يرتقب أن تتضمن في مدونة الأسرة. نص الحوار.. في نظركم كيف تقرؤون سياق الدعوة الملكية للحكومة قصد إجراء تعديل لمدونة الأسرة؟ تأتي هذه الدعوة تفعيلا لما جاء في خطاب عيد العرش لسنة 2022، والذي ركز فيه جلالة الملك على ضرورة إجراء تعديل في مدونة الأسرة دون تجاوز الحدود الشرعية، هذا الخطاب كان واضحا في هذا الشأن. الملاحظ أن توقيت وسياق هذه الرسالة الملكية الموجهة إلى رئيس الحكومة تبين أنه هناك رغبة ملكية عميقة في هذا التعديل، بحيث أنه بالرغم من تداعيات الزلزال المدمر الذي ضرب منطقة الحوز، والإجراءات والتي رافقت هذا الحدث وانشغال السلطات باحتواء تداعياته إلا أنه هناك إرادة ملكية من أجل إعادة النظر في هذه المدونة والتي ترجمت في هذه الرسالة الموجهة إلى رئيس الحكومة من أجل اتخاذ التدابير اللازمة لبلورة صيغة متفق عليها بشأن تعديل مدونة الأسرة فضلا عن تحديد أجل ستة أشهر لذلك. كما دعت هذه الرسالة إشراك رئيس الحكومة لكل الفعاليات المعنية سواء قضائية أو من المجتمع المدني. ما هي أهم التعديلات التي يرتقب أن تتضمن في مدونة الأسرة؟ المؤكد أن أهم التعديلات الجديدة المنتظرة في مدونة الأسرة تتعلق أولا بحق المرأة في الوصاية القانونية على الأبناء، بحيث أن هذه المسألة طُرحت كثيرا وتعاني منها لاسيما النساء المطلقات اللواتي يحتجن دائما موافقة الأب في كل الأمور الإدارية والمدرسية والأخرى المتعلقة بالسفر بالخارج. التعديل الثاني، يهم إعادة النظر في إجراءات التطليق بحيث أنه لوحظ في السنوات الأخيرة أن هذه الإشكالية برزت بقوة وربما أدت هذه الإجراءات إلى نتائج عكسية وارتفاع حالات الطلاق بالمغرب. ثم التعديل الثالث، يتعلق بمنع تام لتزويج القاصرات، وهذا سيكون من أهم التعديلات، حيث تمت ملاحظة تعسفات أوالاستخدام غير الأمثل لبند إعطاء القاضي صلاحية تزويج القاصر، خاصة أن هناك اتفاق موحد ما بين الجمعيات الحقوقية والأجهزة القضائية بأن هناك نوع من التعسف وعدم مراعاة مصلحة القاصرات. في ماذا تختلف قوانين مدونة الأسرة عن القوانين التشريعية الأخرى؟ بطيعة الحال قوانين مدونة الأسرة تختلف عن باقي القوانين الأخرى بالنظر أن هذه المدونة مرتبطة بالأسرة وبالحقل الديني، بحيث أن هناك خاصية تجمع الجانب الديني بالاجتماعي. إذن فكل التعديلات التي ستتم سوف لن تتجاوز الحدود الشرعية وما هو منصوص عليه في القرآن، وبالتالي يبقى هذا التعديل في الإطار الديني الذي يشرف عليه أمير المؤمنين، جلالة الملك محمد السادس.