أصدرت منظمة الخليج للاستشارات الصناعية "جويك" تقريرا اقتصاديا حول أسعار النفط في الوقت الراهن والخيارات المتاحة بشأنها. وأوضح التقرير أن انخفاض أسعار النفط حسب تقديرات بعض المؤسسات الدولية المعنية يمكن أن يتحول إلى فرصة حقيقية لدول المجلس للإسراع في الانتقال من الاقتصاد النفطي إلى الاقتصاد القائم على التصنيع مستخدمة عناصر القوة الأخرى التي تمتلكها من موقع جغرافي متوسط وإمكانات الانتقال للطاقة البديلة وتنوع سوق العمل. وأشارت "جويك" إلى أن النفط يعتبر المصدر الأساسي والعمود الفقري لاقتصادات دول مجلس التعاون، إذ يشكل نحو 47 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وقالت إن الباحث لا يحتاج إلى عناء كبير ليكتشف أن النمو الاقتصادي لدول المجلس يرتبط ارتباطا وثيقا بأسعار النفط وأن الفوائض النفطية المصدر الأول والأكبر للعملات الأجنبية وهي التي تمد القطاعين العام والخاص بالتمويل اللازم لإقامة المشاريع التنموية والاستثمارية. وذكر التقرير - الذي أعدته إدارة الدراسات والسياسات الصناعية في "جويك" أن السنوات العشر الأخيرة زاخرة بالأحداث الكبيرة التي كانت لها آثار مركبة ومتداخلة على اقتصادات دول المجلس والمنطقة بشكل عام ومن تلك الأحداث الطفرة النفطية التي جاءت على مرحلتين ابتدأت المرحلة الأولى منهما بشكل متصاعد ووصلت ذروتها في عام 2008. وأكد أن القطاعات الاقتصادية في دول المجلس خاصة قطاعات الصناعة والإنشاءات والتجارة شهدت ازدهارا لافتا للنظر خلال العقد الماضي خاصة في السعودية والإمارات، وباتت دول المجلس تشكل رقما مهما في عالم التجارة والاستثمار، خاصة في محيطها العربي ولا سيما أنها تشكل نقطة ربط بين الدول العربية ودول جنوب شرق آسيا وشهدت تزايدا ملحوظا في وتيرة تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال فترة السنوات العشر الماضية "2005 - 2014" ليرتفع حجم الاستثمارات الأجنبية التراكمية الوافدة بمعدل نمو مركب بلغ نحو 19.9 في المائة سنويا، وهو ضعف معدل النمو السنوي للاستثمارات العالمية، التي بلغ معدل نموها نحو 9.6 في المائة خلال الفترة نفسها. وقال إن متانة الاقتصادات الخليجية جعلت منها ملجأ آمنا لرؤوس الأموال الأجنبية إبان الأزمة المالية العالمية وما بعدها خاصة أنها كانت تمتلك البيئة الاقتصادية الملائمة ومستعدة لاستقبال الاستثمارات لتبلغ قيمة الاستثمارات التي استقطبتها دول المجلس بعد عام 2008 نحو 285.2 مليار دولار في عام 2009، مشكلة نحو 1.6 في المائة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المتراكمة الوافدة لدول العالم. وأشار إلى أن دول المجلس حققت خلال الفترة من 2005 - 2014 فوائض مالية كبيرة بلغت نحو 416.3 مليار دولار في عام 2014، تم إنفاق جزء كبير منها على البنية التحتية ما وفر سيولة لدى النظام المصرفي مكنت من تنمية استثمارات القطاع الخاص، وقد حاز قطاع الصناعة الخليجي استثمارات أجنبية بلغت نحو 53 مليار دولار، وأسهم بنحو 15 في المائة من الناتج المحلي لدول المجلس وتعمقت صناعات تقليدية في دول المجلس مثل الصناعات الغذائية وصناعة الألمنيوم وظهور صناعات جديدة مثل صناعة السفن وقطع غيار الطائرات، علاوة على ذلك فقد تمكنت دول المجلس من تقديم الدعم المالي لاقتصادات عربية أخرى عانت من جراء تداعيات ما بعد عام 2011. يشار إلى أن دول مجلس التعاون الست، اتخذت تدابير تقشفية بما في ذلك خفض الدعم على المحروقات والطاقة، لسد النقص في العائدات النفطية. وتضخ دول الخليج نحو خمس معروض النفط العالمي، وتستحوذ على 30 في المائة من احتياطي الخام في العالم، فيما واصلت أسعار النفط الخام، الأسبوع الماضي مراوحتها عند حدود 40 دولارا للبرميل، فيما تضغط تخمة المعروض في الأسواق العالمية، لتحول دون ارتفاعه لمستويات جديدة.
مشاركة :