تزهو ابنتي هذه الأيام، ومع احتفائنا بمعرض الكتاب، بأن شجعت صديقتها على القراءة التي لم تقرأ كتابا قط وحجتها- عدم حبها للقراءة - واليوم وبعد ممرور عام (منذ معرض الكتاب السابق) تتنافسان فيما بينهما على من تقرأ أكثر عدد من الكتب! ما يهمني هنا أن حجة عدم حب القراءة ليست شيئا مطلقا أو مسلما به، بل يمكن تغييرها بسهولة، لأن أغلبهم لم يجرب حتى يرفض ولكن حين يخطو أول خطوة ليلج إلى ذلك العالم الساحر ستتغير نظرته سيصاب بالنهم وسيحمل كتابه أينما حل. القراءة ليست ترفا أو تفاخرا بأن تمسك كتابا بالمقلوب لتقرأه أمام الناس في قاعات الانتظار أو صالات المطارات، فمع كل كتاب تقرأه أنت تصنع ذاتك ثم تربيها، لذا فاختيار نوع الكتب التي تقرأها واختيار الكاتب وتحديد نوع القراءة هل هي للتسلية، أم لزيادة المعرفة أم التمعن والاستيعاب أهم من عدد الكتب، والأهم أن يكون مستوى الكتاب الذي تقرأه أعلى منك ليحفزك ويطورك، أما لو كان مساويا لك فلن تستفيد منه! الشعوب المحبة للقراءة تجدها تعتني باختياراتها فيخرج منها أعظم الكتاب، فتجد الكاتب عظيما في سرده وفي لغته وفي فكرته يحملك لعوالم لم ولن تعيشها إلا حين تبحر بين دفتي كتابه. ومن أشهر وأعظم الكتب التي صنفت على أنها أكثر الكتب مبيعا في تاريخ البشرية على الإطلاق واعتمد في تصنيفها على عدد النسخ المبيعة وليس على عدد النسخ المطبوعة دون النظر في لغة الكتاب فيتصدرها الكاتب شارلز ديكنز بروايته (قصة مدينتين) المنشورة سنة 1859 والمبيع منه 200 مليون نسخة، يسلط الضوء فيها على محنة الطبقة العاملة الفرنسية (قبل اندلاع الثورة الفرنسية) تحت قمع الطبقة الارستقراطية .. ثم الوحشية الهائلة التى مارسها الثوريون ضد الطبقة نفسها خلال السنوات الأولى من اندلاع الثورة.. ولجمال مفرداتها الأدبية وروعة لغتها كانت من أكثر الروايات تدريسا في مدارس أمريكا وباقي دول العالم! وتحتل الملحمة الخيالية (سيد الخواتم) للكاتب البريطاني جون رونالد تولكين المركز الثاني بـ 150 مليون نسخة مبيعة نشرت أول نسخة منها عام 1954 وهي من أكثر الروايات انتشارا على الإطلاق ترجمت لعدة لغات وحولت لثلاثية أفلام شهيرة ورغم ذلك ما زالت تقرأ ككتاب! يتبع